حديث العام الذي يغادر
قبل أن يغادر ،تردد هذا العام
عاد من الباب الموارب ،أطل بنصف وجه ،وقال
لي ،،نسيت أن أذكرك بموعد الطبيب ،،
هذا العام وفي هو لكل المواعيد على كل حال
وأنا التي تعرف بأنها لا تلوي إلا العصا في يد
الأعوام ،أذعنت لنصيحة العائد من الباب
الموارب ،المطل بنصف قامة ،بربع قامة أو
بعضو واحد من الأعضاء..
زرت الطبيب ،وأطلت البقاء في قاعة الانتظار،
كانت القاعة تكتظ بالشكوى ثم تفرغ لتشرق
من جديد بالزوار
احدى الشاكيات وعلى عكس ماتوقعت شكت
من مفصل يوجع جسد الوطن
وعندما تفاعل معها أحد المرضى قال إن البلاد
منذ عشر تلبس ثوبا ضيقا جدا منع عنها
مسارب الهواء
وفي الركن جلست سيدة أغضبها أن يعترض
البعض على مقدر الأقدار
وقلت ،حلمت بالأمس بسيدة ترتدي تنورة
وتضع نظارة وتستوقف كل الأنظار
ولم أقل إنها بلادي التي أصبحت تزورني في
المنام وتكتفي بذلك ،وتختفي كلما طلع ضوء النهار
ذلك الرجل الذي بدا معجبا برأيي ،أطال النظر
وفهمت أنه لا يرغب في حديث البلدان
قالت عيناه إن امرأة أخرى ممكنة قد
تصادفك ،قد تخيفك ،لكنها تستوقف القلب أو
تستوقف الأنظار
وهتف صوت انثوي ،، منى ..! ،،
أخيرا أعمل بنصيحة هذا العام وأتواضع
فأستمع إلى حديث هذا الجسد الثرثار
دخلت على الطبيب ،
وبعد أن فحصني
نظر إلي طويلا وقال ..
سأشير عليك بوصفة فيها الشفاء
منذ اليوم عليك ياسيدتي بالانتقال إلى بيت آخر ،عليك بالبحث عن بيت أصغر ..
عليك بالبحث عن إقامة أخرى وعليك بتقدير آخر للمشوار ..
نظرت في عينه وقلت اعذرني !إذن بيتي هو العلة !
اعذرني !
هذا البيت هو حياتي!
فكيف تطلب مني أن أترك الحياة والشباب، والجمال وغدائر شعري، وخصلات أشجاري ،
وما خلقت وابتدعت من أقدار ،
لصغار زرعوا كل أنواع العطر في الدرب ،
يتركون الظلال ثم يعودون
ليضربوا موعدا مع الحب والعمران ؟
هذا بيتي ياسيدي !
صحيح أنه يتعبني ..
ولكن ماأحلى تعب الأحبة ،ما أعذب تعب الأركان ..
وقال الطبيب ،ترفضين الشفاء؟!
وأجبت لا بل أنت تذكرني بالعافية وتذكرني
بالركن الذي أخفيت فيه عمري ،وخزنت فيه الدواء ...
منى الماجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق