الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

جمالية..الإبداع الشعري في ديوان الشاعرة التونسية منجية حاجي:"أجراس..على وجه المدينة" بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 جمالية..الإبداع الشعري في ديوان الشاعرة التونسية منجية حاجي:"أجراس..على وجه المدينة"

إضــاءة :
يعتبر ديوان "أجراس على وجه المدينة " للشاعرة التونسية المتميزة منجية حاجي" علامة مميزة في تجربتها الإبداعية .باعتباره يمثل نقلة نوعية في إنتاجها الشعري وكذا القصصي الغزير ..
وهو علامة مميزة في الكتابة الإبداعية المحلية والوطنية وأتجرأ بالقول-عربيا-لكونه شق طريقه الإبداعي بعد تزود بثقافة شعرية رصينة و متجددة.عززتها الشاعرة بتجربة ذاتية غنية علمتها (وهذا الرأي يخصني) كيف تتحدى كل ما هو صعب في الحياة..هذه الحياة المتخمة بالمواجع،الأحزان والجراح المؤلمة..
وعلى ضوء ذلك فهي لم تنطلق من فراغ حينما أرادت الإعلان عن تجربتها الإبداعية بمولودها الإبداعي الفاخر-كما أسلفت-"أجراس..على وجه المدينة"..
إن هذا الديوان يشي بخصوصية شعرية إحيائية رومانسية فجرت من خلالها الشاعرة تبريحها قي كائن إنساني ملائكي ذي طيف سماوي شفيف،هو (المرأة،الرجل،الحياة،الحب،الوطن،ـالغربة والإغتراب وكذا هذا الكون الرباني الفسيح..إلخ).
هذه-التيمات-التي نظرت إليها الشاعر ببصيرتها لا ببصرها ،منادية-بصورها الخلاقة-التي تخـيّل-إحساس الوحدة,و العزلة.و إن شئنا الغربة و الاغتراب..ومبشرة -في الآن ذاته-باشراقة شمس الحب و الإخاء،و السموء بالكلمة الخلاقة في سماوات الخالق-في زمن-أزعم-أننا فقدنا فيه الطريق إلى الحكمة.. إن قصائد هذا الديوان باستطاعتي أن أصفها بالبلسَم, و بالمعول؛
فهي-في تقديري-بلسم لكونها تتصدى ل"ترهات"اللاشعر في زمن الشعر أو (اللاشعر) ..
و هي (في تصوري-أيضا-) معول لكونها تبدد وهما شائعا لدى بعض أتباع المذهب الواقعــي المتمثل في التزام الشاعر بقضايا الكفاح السياســي والاجتماعي فقط...و هي ترويج-بالمباشر-لملح الحياة الأنقى: (الغزل /الحب..الحرية والوطن والإنسان..).
لا أود الولوج في الكشف عما في قصائد-هذا الديوان الجميل-من جمال فني أخاذ..
أنوه-فقط-إلى: أن نصوصه في مجملها تعبر عن "مذهب"الشاعرة القيروانية المتألقة -تونسيا وعربيا-(منجية حاجي) الشعري.و في كونه يعزف على قيثارة الحب النبيلة في عصر الإنسان الآلي الضائع في صحراء الجمود والعقم..
العصر الذي فقد فيه الإنسان،طريقه إلى الحكمة،وغدا بالتالي أسيرا للعنف و الموت و الجنس و الحقد والكراهية و أمراض خطيرة و فتاكة سببها الجنس المباح..و“النيوليبرالية”المقيتة *
كما أنوه -كذاك - إلى أن أهمية-قصائد هذا الديوان-الذي تشرّف بتقديمه الناقد التونسي الألمعي/الأستاذ والباحث الجامعي البشير الجلجلي .. تبدو في أن تراتيل الحب الهامسة الموحية فيه،تأتي في وقت يكاد يفلس فيه ديوان ( الإبداع الشعري العربي المعاصر ) أمام هجمة الشعر الموجه وأمام شعر الغموض و الطلاسم،الذي ينسب خطأ لموجة الحداثة المعاصرة،وما هو منها في شيء.
مجمل قصائد هذا الديوان الفاخر التي اطلعت عليها،قد حافظت على أهم مقومات القصيدة العربية،بناء،ولغة،و إيقاعا و تخييلا..و هي قصائد(دوما في تقديري )نبيلة بامتياز .تتنكر للتقليد والنمطية،و تحتفي بالفرادة و الخصوصية .
ما أريد أن أقول في سياق هذه الإضاءة-الخفيفة-..؟
أرددت القول أن -قصائد-هذا الديوان-المذهل-يتيمة وزن الخفيف-انتقتها الشاعرة ببراعة وإقتدار-تناغما مع هاجسها الشعري, واستجابة وجدانية لإيقاعات نفسية عميقة..
انتقتها لخفة في الذوق و التقطيع,ولتوالي ثلاثة أسباب فيه.والأسباب أخف من الأوتاد كما هو معروف.ولكونه يساعد على الفكر ويجود الفكر فيه..كما يساعد هذا الوزن على التأمل... وبما أن الاحتفال لا يكون إلا بالاحتشاد و عناصر الزينة المتعددة.كان اجتماع الأسباب في هذا الوزن آلية شكلت زينة،وزنية تغيأت منها الشاعرة الثأثير في سمع المتلقي محاكاة لمشاعره ووجدانه..
وكأني بها تستعيد إلى الذهن مفهوم الشاعر محمد بن إبراهيم** ـ شاعر الحمراء ـ وذالك في قوله: الشـعر ما سمعتْهُ الرُّوحُ فانتعشـتْ منهُ وصارتْ به كالشاربِ الثمــلِ والشعر ما قد حلاَ في أذن سامعـه ثم استغاده لايخشى من المَــــلَلِ وعلى ضوء ذالك فقد استدعت الشاعرة (منجية) وزنا مناسبا للإحتفال في وجدانها، فكان الوزن محاكاة لما في الوجدان,دعمته بغنائية تُطربُ أذن المتلقي.
إشراقات جمالية بلاغية ولغوية: الشاعرة تمتلك حسا لغويا شموليا شكلها وكون نفسها في إطاره طبقا لما ينسجم مع إيقاعات نفسها,وبنية التفاعيل,وصيغ الكلمات و التكرار..
مجددا شكري للناقد التونسي القدير الباحث الجامعي البشير الجلجلي الذي أنصف الشاعرة بأسلوب أكاديميي عميق ودقيق،ومنحها-حقها في التواجد المتميز- داخل الساحة الشعرية تونسيا وعربيا،دون محاباة ولا مجاملة.
ختاما أقول:
علمني إطلاعي على ديوان (أجراس..على وجه المدينة) للشاعرة التونسية الفذة: منجية حاجي*** أن"الشاعرَ الأصيلَ,كادحٌ دائماً.يواجه عاهةً,أو فقراً,أو هماً /هموماً في الحياة.. علمني إطلاعي على هذا الديوان: أن الإبداع خط متصل لا يتوقف! ينادد به المبدع مطبات تضعها في طريقه الحياة. ينادد به عقبات تضعها في طريقه الحياة."..
وكفى..
داعيا-بتواضع شديد القارئات الفضليات والقراء الكرام الإطلاع عليه..
محمد المحسن
ايضاحات:
“النيوليبرالية” هي مجموعة من السياسات الاقتصادية التي أصبحت منتشرة خلال السنوات ال25 الماضية. فعلى الرغم من ندرة سماع كلمة “الليبرالية الجديدة” بالولايات المتحدة، إلا أنه يمكنك رؤية آثارها بشكل واضح في هذا البلد الذي يزداد فيه الأغنياء غنى و الفقراء فقرا.
يمكن أن تشير “الليبرالية” إلى الأفكار السياسية والاقتصادية أو حتى الدينية. و تعتبر الليبرالية السياسية في الولايات المتحدة استراتيجية لتفادي الصراع الاجتماعي. و يتم تقديمها إلى الفقراء والعمال على أساس أنها تقدمية بالمقارنة مع الجناح المحافظ أو اليميني. أما الليبرالية الاقتصادية فهي مختلفة. إن السياسيون المحافظون الذين يقولون أنهم يكرهون “الليبراليين” – بالمعنى السياسي للكلمة – فليست لديهم مشكلة حقيقية مع الليبرالية الاقتصادية بما في ذلك الليبرالية الجديدة.
**قبل عقود طويلة من الزمن،توفي الشاعر المغربي محمد بن إبراهيم،عن سن 54 عاماً.
كان ذلك في 27 سبتمبر 1954. اليوم، رغم مرور أكثر من ستة عقود على رحيله، شهد خلالها الشعر المغربي أجيالاً من الشعراء وتحولات عميقة،محققاً تنوعاً في أشكاله وغزارة في منجزه،ما زال محمد بن إبراهيم،حاضراً اسماً وتجربة،وواحداً من أهم وأشهر الشعراء الذين عرفهم الشعر المغربي في العصر الحديث. عرف محمد بن إبراهيم، أكثر، بـ«شاعر الحمراء»، اللقب الذي سمى به نفسه،في مختتم قصيدة «من المغرب الأقصى أتتك تحية»،التي ألقاها،خلال زيارة للبقاع المقدسة، في 1937، أمام عبد العزيز آل سعود، حيث نقرأ: «من المغرب الأقصى أتتك تحية - يبلغها عن أهله شاعر الحمرا».
***منجية حاجي شاعرة تونسية من ربوع القيروان عاصمة الأغالبة..تعشق الشعر فيعتمل في وجدانها ..فتكتب..بصدد انجاز مولود قصصي بهي الطلعة سيرى النور قريبا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق