الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

جبال الألب 99 جبلا وقمه , وخيارها عسل مر .. بقلم فتحي عبد العزيز محمد

 جبال الألب 99 جبلا وقمه , وخيارها عسل مر ..

ما أنت ناطور طير ليعبر منك الفصول
ولا أنت من يتشبث مستغفلا
بقرون الثديات او غافلا
ليشخب للآخرين الحليب
قم من رمادك
واغتسل الآن بالرمل
جوربك الطين
أنت القوى الامين
قم من رمادك
خذ بردة السدر والنخل والخيزران
تمر بك الحادثات ولن يكسر العسر زندك
أنت القوى المتين "
" حافظ عباس "
خذ نصيبك من الرّاحة أيّها الطائر الصغير . ثمّ اذهب الى موعدك مع القدَر ، كأيّ انسان ، او أيّ طائر ، أو أيّة سمَكة
" أرنست همنجواي "
ودعنا للتو عيد رأس السنة الميلادية الذى يتوافق هذا العام مع بداية الألفية وعيد زواجنا الحادي عشر , وذاك الصخب والزخم المسيطر والمصاحب لكل هذة المناسبات السعيدة مجتمعة , ثم ويا لسعدنا وهنائنا عندما تهوى علينا فجاة كروت وبطاقات التهاني والمعايدة , وبالدرجة الاولى من موظفينا المنتشرين فى ألمانيا نفسها وخمسة مدن أوربية مختلفة , ومعارفنا الكثر الان من المشاهير والجمعيات الخيرية والإنسانية حول العالم , ورغم التحسن المطرد لظروفنا الاقتصادية والمادية كلها الان , والذى يهيئنا بالتالى لاتخاذ خطوة جرئية جادة وسريعة وبخصوص مسالة الخلفة أوالانجاب الشائكة , الا أن " نستازيا " مصممة ورأسها والف سيف أن لا تبارح مكانها , ويبدوا لى ترددها وعدم ثقتها تماما فى المسقبل المنظور وبرمته ولترجع بعناد وأصرار شديدين مرة أخرى , لتكرر نفس أسطوانة رفضها المشروخة القديمة والمتجددة , وكل ما فاتحتها فى هذا الموضوع المصيري والحساس بالنسبة لى ولها , وبردودها الباردة المجحفة وأنصرافيتها المتحزلقة , قائلة لى هذة المرة وبكثير لطف ورقة أثرة وبلكنتها الصربية الجميلة المحببة لى دائما , وهى تعزف هذة المرة وعلى الوتر الحساس :
ـ .. بالبسمة والحنان يا " روحي " .. وليس بالتكشيرة والتحدي والخصام , دعنا نبنى سويا هذا الصباح المتفرد الجميل .. كجمال عينيك الزرقاوتيين , .. وبرؤى ومفاهيم مشتركة جديدة بلا تغول على الحريات والقناعات الذاتية , وأنانية الرجل الشرقى الممقوتة وأقحامة لمسالة القوامة وفى كل شىء .. , وأحتفاظة دائما بالكلمة الاخيرة والحاسمة بعد ذلك .. " , ثم تصمت لثوان لتواصل مسهبة :
ـ " ثم لما كل هذا التفكير الجاد والجديد أصلا ؟ا .., ثم ما هى الـ " بريتكس " أى مبررات نشؤة مثل هذا المطلب وقفزة وأرتقاءة فجاءة لسلم الأولويات الان تحديدا ..؟ا , لتصمت لبرهة زمن أخرى ولتواصل بعناد وهى لاتنتظر منى حتى ردا أومبادلة لاى حديث قائلة :
ـ " صحيح تحسنت ظروفنا كثيرا وضعنا المالي ممتاز , ولكن وكما ترى الان نحن فعليا لدينا , هموم وكم مزهل من مشاكل عويصة وتحديات فظيعة فى الأسهم والسندات ونزر شبح رهن عقاري ماثلة .. , وكلفة تحديث وتجديدة وتطوير الأعمال نفسها ونقل التقنيات , وها هو كابوس سحب الدعم وتباطؤ الاقتصادي العالمي يهددنا .., وشبح أزمة مالية كبرى ربما تجتاح الاتحاد الاوروبي .., وربما تعصف بعدها بأسواق وول أستريد ومنهاتن نفسها , وكما حدث قبلها فى الأسواق الأسيوية ثم مشاكل أخرى من نوع مختلف جدا كأمدادات الغاز من الشرق وبعبع المنافسة العالمية .. , كلها مصائب وتحديات بعدد سبيب الراس بل وما سيشغلنا تماما من هموم وفكرة الانجاب والتربية نفسها , وفى عالم متقلب هكذا .. بين اللحظة والاخرى " :
ـ .. ثم قل لى يا هذا ؟ا .. , متى يشب أولادنا على الطوق وننعم بهم .., ثم متى حتى نطمئين على مستقبلهم ونفرح بهم , ونحن كما ترى على أبواب شيخوختنا الباكرة .. , نعم أننى اتفق معك هذا من حقك كزوج مخلص أن أطيعك فى ذلك ,.. وأنني منذ أن عرفتك لم ترفض لى طلب .., وأنا من المفترض كذلك أعاملك بالمثل وأكثر .. , ولكن للضرورة أحكام ورغم أن الرزق بيد اللة ولكن لابد من أستخدام العقل فى مثل هذة الامور الحساسة , ولتواصل :
ـ كما أن أسفى الشديد .. فاتنا القطار على ما يبدوا فى كل ذلك " يا حبي " .. , ثم لما الخوف أصلا .. , ونحن لدينا المال الكافي وبما يؤمن لنا حياة مرفهة ورغدة ميسوري الحال ومع مختلف أمراض الشيخوخة , والتى لربما تجرها الينا ذات يوم جيناتنا الوراثية المعطوبة , وحتى ولو لدينا مال قارون .. , فهو بالقطع ليس لنا أنها دورة مالية كالأفلاك وما نحنا الا تجار بقاله أو تجزئيه صغار .. , نأخذ الأموال من البنوك وندورها ونسددها على أقساط وبفوائدها .. , بما يعنى منهم ولهم .. وما نحن سواء سماسرة مضاربين مغامرين لأغير .. , ولهذا أقول لك وبكامل قناعاتي الذاتية ليس بالمغامرة وحدها .. تورد الابل .. ياسعد .. .
فضفضت لى ملتاعة بكل ذلك فى ذاك الصباح المشهود الكالح البعيد والذى مازلت أذكرة , بحزافيرة ولتضعني أمام أقداري أو فى الصورة التى لم تغيب ابدا عن تفكيري وهى بكامل حضورها كايقونة صربية سلافية خالصة شقراء رصينة ووحيدة عندى , ولكنها بالطبع لم تكن تنتظر منى أجابة , أورأى نهائي أو محدد أو سديد كما عوتها دائما وفى مثل هذة الحالات المعاكسة بالذات , والتى تريد بعدها من أثارت أمور وموازنات حسابية بحتة, ومواضيع فلسفية جدلية شائكة حسمناها أنا وهى وعلى ما يبدوا ومنذ سنوات زمالتنا الجامعية االاولي .. , ولا أحبذ حتى سماع تنظيراتها مرة أخرى , ولا يروق لى بتاتا فتحها مرة أخرى أو الاقتراب منها وحتى لا نقع فى المحظور أو ما لا يحمد عقباه , أنها بأمتياز مضيعة للوقت وخميرة عكننة لاشياء وأشياء كامنة فينا , لهذا فأنني أعتبرما تقوم بة تبكيت للذات والضمير ليس الا .. .
والذى يبدوا لى الان أنها مصرة وعنيدة فى كل ذلك , وأنا لا أريد منها الان سواء حقى المشروع والسمع والطاعة بالانجاب .. ولاغير .. , وهو حق أخير لايحول ولا يؤول ولا يبدل ولايؤخر حتى .. ومن غير خذ .. وهات .. " .
أذكر بعدها كنا نجلس الهوينا كالعادة وحيديين كنمر ونمرة متشاكسين , أغلب الوقت وفارقهم الوئام والنشاط الدائب الى غير رجعة , وربما ملأ الحياة أو ربما ملأ العيش طويلا وحدهما متناقريين , بعد أن كانا سمنا على عسل ويزحفان ببطء نحو شيخوختهم الرصينة , وبتخطيط مسبق وبدون أنجاب زرية أو أطفال , يملئون عليهم دنياهم العريضة , أما الان فكنا وللتوه نحتسى سويا أقداح من الكبشينو على عجل والتى أحرص دائما بتحضيرها بنفسي , بينما هى الاخرى مشغولة هناك بإعداد ما طاب من وجبة إفطار خفيف سريعة وغير عادية , لنحزم بعدها أمتعتنا لسفرنا الوشيك لما وراء سفوح جبال الألب الشرقية , لحضور مهرجان الموسيقى والتزحلق السنوي والعالمي على الجليد , كان الإفطار سريعا ومكون من شطائر البيف بلونيا والجيرمان سلامي أعدت على نحو سريع وشرائج لايت شيز الهوكلاند وقطع الركفورد شيز الفرنسي القديمة , واسلايسسى الخبز الأسمر المنخول والمحمص معا , بدهن أو أضافة الساوزند أيلند درسنك والاطاليانوا درسنك الحار , والاختتام بالتحلية الضافية وللتخفيف من أثار الشطة الحارة بشفرات من عسل الاكاسيا والغابةالسوداء و مربى الهيرو المشكلة السويسرية الفاخرة , أنة فطور مكتنز الأوداج ومترف ومتعادل والى حد ما وفوق العادة , بالطبع وكالعادة على أنغام شرحبيل وكيلا أوالكنغولى أويلوا والدبكة الأنضولية القادمة بقوة من راديو دوتش فلي من كلونيا , وكل ذلك بعبق رائحة البخور السوداني الفواح والذى أحرص دائما على أطلاقه مع كل صباح , والذى مازال يرسل لى بانتظام كشىء وحيد وأخير يربطني ويشدني بالوطن وبعد ان يأس أهلى من عودتي ولعقد ونيف من الزمان .
كنا حقيقة صبيحة هذة الأربعاء الهوجاء ننتظر تحسن الطقس المناخي السيئ وتهدئية الانواء والأحول الجوية , حتى لاتفاجينا فى سفرنا أمطار عارمة أو كتاحة أو أى شيء من هذا القبيل , فالقارة العجوز هكذا تغيرت خرطتها المناخية تماما , فمنذ ظهور ثقب الأوزون والاحتباس الحراري ودع الكل الطقس الاوربى الأمن , ولم يعد أحد يثق الان بالكامل فى النشرات الجوية المتارجحة , وأصبح وبصريح العبارة كل شىء تقريبا فجائي وخارج السيطرة .
كان صباح شاتي معزول وكالح , قد أطبق بكلكلة وأمام أعيننا وعلى كل شىء تقريبا , فالطيور هاجرت أوكارها كما يبدوا باكرا جنوبا , لأصقاع الدنيا الاستوائية الدافئية البعيدة , تنشد الحياة والدفء أما الاشجار العالية الشامخة كأشجار الصنوبر والبلوط والسرو نفضت باكرا أوراقها ووقفت فى يباس وعناد وتحدى واضح تقاوم بيأس الجليد المنهمر , والعواصف الثلجية الكاسحة تنتظر طويلا عودة الربيع الذى أصبح الان يطرق الأبواب بتمهل , وقد ران الظلام والعتمة على كل شىء ونحن نتهياء لرحلة طويلة وشاقة لضواحي " بافاريا " السفلى وجبال الألب الجنوبية شرقية وتخوم الكاربات مجازا , والمتجزرة هناك بقسوة محببة لهواة التزحلق والموسيقى والرقص على الجليد , لنتفقد مضمار التزحلق الضخم ومصانع الزيوت وشحوم السيارات المهدرجة , الذى يتم تجديد ماكيناتة بالكامل والذى ورثته هى من عائلة أبيها الصربي الهوية السيد" اليكس أيلون ", أما نحن الان وتحديدا فنقف حياري مطلين من ذات شرفة البلكونة البحرية ذات الدرع الزجاجية المقوى , والمطلة مباشرة على بحيرة فلتنا المرمرية الصغيرة الانيقة النصف متجمدة , وبالضاحية الاتحادية الجنوبية لمدينة " فرانكفورت " , تقريبا والتى تقف شامخة بين كل هذة الفلل الارستقراطية , ولكنها ويا لعجبي هادئية وديعة ومن أى صخب أو ضجيج , وبالعكس تماما لما يحدث الان من جلبة كبرى وصخب مسموع ومن كل الفلل والشقق المجاورة لنا , وحتى البعيدة وكل الأزقة والشوارع الصغيرة والواسعة الكبيرة ,من حركة لتلاميذ وطلاب المدارس الذين ينطلقون بصخب وحركة دؤوبة للحاق بمدارسهم المختلفة , كان هناك ثمة أرتال لحافلات صغيرة وكبيرة وسيارات تنتظم كل الطرق الخلفية والأمامية , ثم بدأت الحركة تدب ببطء رويدا رويدا فى صخب وامام أعيننا وهكذا فى كل يوم , ما عدا بالطبع أيام العطلات الأسبوعية والمدرسية ونحن نحرصا أنا .. وهى , ولاشعوريا بتتبع دبيب حركتهم ونحن نحس براحة عميقة تسري بدواخلنا وكأننا نودع فلذات أكبادنا للاسراع مبكرين لمدارسهم , بينما نحن أصلا لا لنا أطفال ولا طلاب وبالتالى لا لنا كما يقولون لا فى " التور ولا فى الطحين " , ونحن نملك الكثير وأكثر ما يملكه الان أى أب أو أم من أبناء هولاء الأطفال والطلاب صراحة , ولكن .. ما باليد حيلة , أن أشتهاء الخلفة والابناء شىء لا يطاق ولايمكن مقاومتة أبدا , أو غض الطرف عنة ببساطة وسهولة , فنحن مثلا الاثنين الان وأبتدا مازلنا نملك القدرة والكفاءة المالية وكذلك وبلا مؤاربة الصحية تماما لمسالة الانجاب بدون أى عائق , كما تقول كل الكشوفات الدورية والسنوية , كما أن هذة الفلة الواسعة المترامية الاطراف , والتى تبدوا للمتأمل فيها عن أمعان بأنها تبدوا وبكامل حضورها وديكوراتها , ورفعها الهندسي المحكم والمعد بعناية فائقة وعلى يدى تقريبا كمهندس تقنيات ومعماري حازق , لا لتستوعبنا نحن الاثنين وأطفالنا فقط وأنما مهيأة حتى لتتسع بأريحية وتستقبل العشرات من أحفادنا , وأحفاد أحفادنا الجدد القادمين وفى رحم الغيب , وكانت تتراء وللمتأمل من بعيد فى شكل زاوية أومثلث حاد فريد من نوعة , من طابقين ويمكن تعليتهما ببساطة لعدة طوابق أخرى , فالطابق ألاول مثلا قائم على الحجر السكسوني الجبلي الرمادي المنحوت بالكامل , أما الطابق ألعلوي مزين بديكور خشبي من أشجار البلوط والموسكى الفاخرالسخين , وأشكال جبصية جداريه زاهية الألوان مستوحاه من البيئة المحلية السكسونية القديمة أدوات حجرية لرجال النياندرثال الجرمانيين القدماء , وأشكال لبقاياه سفن بدائية ذات مجاديف صغيرة متعددة لرجال الشمال "الفايكنج " الهمجيين بأعلامهم المعقوفة , وفى أحدى هجماتهم التقليدية الوحشية وعلى رجال الألب القدماء وفى السهل الاوربى العظيم المكشوف , أما الطابق السفلى فمؤسوم بجداريه ذات حضور أستثنائى لمدينة " القدس " أورشليم القديمة عيانا بيانا , تحكى قصة مولد السيد المسيح بمدينة " بيت لحم " والناصرة , وهجرتة مع والدتة السيدة العذراء لمصر الفرعونية , غربا , ثم لرحلاتة العديدة لمختلف لمدن الشام الفسيح شرقا , ومجسمات مختصرة متواضعة مجلوبة ومن قلب الغابة والصحراء الافريقانية , لهيأكل لرؤوس وعول وغزلان وزرافات وأفيال مصنوعة من خشب الأبنوس الابيض والعاج وسن الفيل المشغول , وجلود لنمور أوقطط الزباد الحبشي وثعابين واصلات أفريقية مخططة وبألوان زاهية تسر الناظرين من بلاد اليوربا والاشانتى كتوكوا , كما أن المخطط الهيكلي للفلة ككل أستوحيتة من صورة ذهنية جمالية دفينة قديمة راسخة بعض الشىء , ولخيال وأسع ما زال ماثل ومنذ طفولتي الباكرة لقصر " الدهليز " الامدرمانى الغامض , ذاك الذى كان يقف يوما ما شامخا عاطلا عن السكن والصيانة , وبجوار عمدة حارتنا والذى أبتاع منة جدي لأبى بيتنا المطل على خور أبوعنجة , أم هو فقد كان يتوسط طرف الحي ويشرف من يسراه على شارع " بنت عدوية " الضيق وبيمنأة على شارع الفيل جنوب بموطني ببانت " حى الضباط " .
بالطبع وأمام كل هذة النزر والتحولات الغير منظورة كان على أن أكون صريح وبما فية الكفاية معها وعلى الاقل فى هذة المرة الاخيرة , ولأجيب وبكل طيبة خاطر عن كل مطلوباتها ولأفند لها كل الحقائق بعيد من أي أدعاء بالخيلاء , وذلك من قبل أن تنسرب بعيدا من بين يدى كالأخريات من بنات جلدتها , المتوترات دائما والعصبيات المزاج حتى ولاشيئاء صغير ليس بذات بال , نأهيك عن موضوع خطير كالاجبار على ألانجاب , ولأقول لها هذة المرة :
ـ بصراحة شديدة قولى لى .. يا " نستاذيا " ما الذى ننتظرة حقيقة نحن الاثنان ومن هذا الصباح الجميل ؟ غير المزيد من الصمت والوحدة .. , ثم ذاك الهدوء المصتنع الذى يسبق حتما قطعا العاصفة القادمة لا محال أمام أصرارك العنيد .. , وحقيقة أن سنين العمر نفسها قد بدأت الان تتساقط كأوراق أشجار الزيزفون واحدة بعد أخرى .. , لا سهوا بعدها لدقائق معدودة لاستأنف قائلا بدوري وبعد طول تمحيص :
ـ " ثم حتى ولو .. , أتفقنا فلسفيا أو أختلفنا لابد لنا من عودة لوطننا الأم أن أجلا أو عاجلا .. , فهذا البلاد رغم أنها أحتضنتنا لحين .. طويلا من الزمان وأعطتنا هويتها وحصانتها .. , الا أنة لابد لنا أن نعود يوما ما الى جزورنا الاولى .. , وبالضرورة لابد لنا من أطفال وسند يؤانسوني ويوانسونك فى شيخوختنا المقبلة .. , وهذة فى نظرى سنة الحياة ومعنى أخر للتكليف الرباني .. وبعد أنساني فلسفي وأجتماعى وقيمة مضافة أخرى لحياتنا سويا .. , ومعاني سامية توارثناها علينا أن نعيش من أجلها , بعد أن تخطينا مرحلة العوز والفاقة والى اليسر .. وأصبحنا وكما يحلوا لموظف البلدية أن يصفونا بأصحاب الإعمال والممتلكات .. " , ثم أصمت قليلا وأواصل حديثى :
ـ " بالطبع لنا هذة الفلة وأخرى نستأجرها لاحدهم وفى أرقى أحياء " بون ".. كما لنا عدة مزارع ألبان وفاكهة ومصنع بـ " بروكسل " لأجود أنواع ماركات الاجبان والمربة والفاكهة المعلبة وعلى نطاق أوروبا .. , أضيفي الى ذلك ضيعة كاملة لايستهأن بها فى فلوريدا ومعرض منتوجات دائم وموسمي بـ "بروكلين " السيرتي 30 أفني نتصيد منة الماركات والدولارات بالألوف والملايين .. , فعلى ما الخوف عن المستقبل أذن ؟؟ا " , بالطبع نظرت لى بيأس وفتور قائلة :
ـ حقيقى أخذت أومن الان فقط .. , بان هناك تراجع فلسفي وفالق حضاري ووجودي واسع كبير بيننا لم أكن أتصور حدوثة أبدا فى أي يوم من الايام .. , رغم تحذيرات الكثيرين لى بذلك , وبأن الحب فى بعض الأحيان أعمى كما يتقولون .. " , لتصمت لبرهة زمن لتواصل بإسهاب وتوجد :
ـ أنك أنسان رغم طول السنين لم تغادر أو تبرح مكانك الطبيعي .. , وما زالت تحمل بامتياز بداخلك كيمياء وجينات الرجل الشرقى الذى ما برح أو لا يراوح ألبته مكان أجدادة الأوائل القدماء , .. ورغم ما تغلف بة نفسك من " برستيجس " عالي وحب دفين للعصرنة , لتصمت متحاملةعلى نفسها بعض من الوقت ولتقول بحيرة وأمتعاظ :
ـ " بل هذا كلة يعكس فشلي الزريع فى ترويضك الان .. , أما ماهو أخطر من ذلك .. وهو التبأين الواضح والحاد الان فى تقيم الاشياء بين تفكيري وتفكيرك وهذا هو الوصول الاخير للطريق المسدود .. , كما وأن الخوف من المجهول عاد ليتربص بى من جديد .. , خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية الاخيرة واهتزاز الثقة فى أسواق أى شىء .. , حقيقى لقد منحتني صدق ودف العاطفة الجياشة والتى بدأت الان حقيقى تخبؤه رويدا .. رويدا , بل لا أكاد أصدق بأننا قد أصبحنا حقيقة كائنين مختلفين .., وبعد ماذا ..؟؟ا وبعد ما أن أحسسنا سويا بالكبر والوهن وفى كل شىء .. , هنا فقط ولا شعوريا التقطت المبادرة ولأحسم كل شىء عالق بيننا قلت لها :
ـ بالطبع ليس هذا هو المشكل نفسة الان .. , المشكل الحقيقي هو أن أوفقك على ما تتوهمين .. وهو أن نعيش هكذا وحيديين , ولنا ما يكفينا وأكثر .. , فهذا فى نظرى قمة الغباء والتعاسة والأنانية المفرطة قولى لى:
ـ " بالله ماذا أقول هناك لاهلى عند عودتي بشهاداتي وبك أنت زوجة بدون أنجاب زرية . سيسالونى بالطبع :
ـ " ثم ماذا بعد كل هذة السنوات الطوال معها .. وأين أولادك وعمارك مع الرجال .. وكد عمرك وجهدك وشقاك .. ؟ ثم لما لم تتزوج غيرها .. وهى ليست لا أول النساء .. ولا أخر النساء ؟ ثم ثانيا الم تجد يا أخى .. حتى أى زوجة وأم رؤوم لابناءك القادمين لتسكن اليها .. وتسكن اليك .. والسلام ؟؟اا , حقيقي مأذا أقول لهم وهم بطبعهم لا يتركون الانسان ليعيش وحيدا وغريبا لحالة , وهذا ما جعلنى فى يوما ما أهرب منهم بحريتي وقناعاتي لبلادكم هذة ولجنتكم الموعودة , أضيفي الى أن صغيرهم وقبل كبيرهم يفترضون أنهم قوامون على وفى شيخوختى .. , لاننى ساكون تحت رعايتهم ومسئوليهم فى كهولتي والى أن يؤسدونى ويطمئنون على وأنا فى لحدى وقبري , وأما أذا ما تنحنحت لهم ذاك اليوم وقلت لهم بعد عودتي الميونة سالما غانما :
ـ " أهلي الأعزاء أقدم لكم زوجتي الصربية الباشمهندسة " أنستاذيا " أبنة الملياردير " اليكسى أيلون " فقط .. فسيرفضونى وسيرفضونك , أما وأذا ما قلت لهم:
ـ زوجتي الباشمهندسة الصربية " نستأذيا "وأولادها الاماجد فلان .. وعلان .. وأبنتى منها فلانة .. " , هنا فقط سيرحبون بى جميعا وسترحب بى من ربتني وأنا صغير الخالة " رجبية بنت ضمرة " وسيرحبون بك أكثر وعندما تقدميهم لهم بأسمائهم وهكذا .. أبنى الاكبر " رامي " والأوسط "سركيس" وأبنتى الصغرى " أستير " , أما غير ذلك سيزجرونى .. , وسيزوجونى بأخرى نكاية بك وأمام نأظريك وسترينى يومها عريسا كهلا وبجوار كونتيسة من بنات " الباوقة " البارعات الجمال , وغصبا عني وعنك وهذا مباحا شرعا وكما تعلمين ولاغضاضة بالطبع فى ذلك وسيقولون لى :
ـ هذة وحدها .. هى من ستكون لك وليست خصما عليك , وهناك يقولون لك دائما :
ـ " عش وحب كما تشاء .. ولكن عندما تتزوج .. تزوج بمن يريدها أهلك .. وليس كما أنت تهوى وتحب .. , لحظتها قالت وهى ترنوا بعيدا .. بعيدا ..وتعبس بخصلات شعرها الكستنائى الجميل المتموج :
ـ أذن أصبح كل شىء الان وأضحا وضوح الشمس فى رابعة النهار.. , وهذة يعنى بأننا ومنذ الغد سنذهب سويا لتسوية أمورنا كلها.. ويذهب كل منا الى حالة .. قلت لها:
ـ أنت تتقولي كل هذا ..أأنت الان فى كامل قواك العقلية ..؟؟ا , قالت لى :
ـ حقيقة تعبت وزهجت .. بل يئست حقيقة من أرجاعك الى حضني مرة أخرى .. , أنتم هكذا دائما عندما يتقدم بكم العمر تشعرون حتى بالفراغ والوحدة وسط الأحبة .. , ولشىء كامن فى دواخلكم وبين ضلوعكم وتمرضون بالوطن الأم .. , وهذة أحسبها حالة عامة وليس أنت أستثناء يا هذا .. فلك خياراتك وحريتك .. , ولكن أخشى أن تندم بعدها حيث لا ينفع الندم فأن كعادتي الاولى دائما .. أراجع ولا أتراجع .. وزنبك على جنبك ..اا " , لتستأنف بعدها حديثها الطويل والذى أحسبة بأنة لن يكون ودى على الاطلاق بعد هذا اللحظة .., لتقول لى فجاءة مستدركة وأنا أبدو الان أمامها رجل حتى فقد النطق تماما .
ـ ثم حتى ولو يا باشمهندس " طلال " .. , فأن أفريقيا بلادكم التى تشكرها وتتغزل بها الان كملاذ أمن لنا .. , هى أحسبها بعيدة مهوى القرص ومكلفة جدا .. ومضنيئة ومتعبة .. وفى كل شىء على بال .., ثم الم تسمع بمجاعاتها وحروبها التى لاتكاد تنتهى الا لتبدءا من جديدة وهكذا ودواليك .. , ثم الم تسمع بأخر أخبار الايبولا .. الذى يضربها الان وبلا رحمة .., ثم أنا شخصيا ممكن أن أذهب اليها فى رحلات سفاري أو أجازات عادية , وأعود منها أدراجي .. ولكننى لن أكذب عليك وأقول لك :
ـ " بأننى أستطيع الانجاب والعيش بها ولو لأشهرا معدودة .. أننى فى آحايين كثيرة أشبة نفسى كقمم اللالب الثلجية لن أراوح قيد أنملى عن أوروبا , وبردها القارس وحتى أنهياراتها الجليدية الفجائية الغامضة والقاتلة فى أحيانا كثيرة .
قلت لها هذة المره وأنا عادة لاأمارى أو أبالى أبدا , بتهديدها المبطن بسحب الهوية وبالعوز والفاقة وغيرة :
ـ أذن فليكن هذا فراق بيني وبينك .. وقد أنفضت الان شراكاتنا كلها ومجتمعة .. , وستجدين غدا .. كل شىء بالتفصيل عند محاميك .. قالت :
ـ بلي ولتكون المشيئة .. , ولتذهب أنت .. ولتذهب معك أفريقيا .. , وليذهب معك أولادك القادمين فى رحم الغيب .. , ولكننى مازلت يا هذا صلبة قوية الارادة .. كجبال الألب 99 جبلا وقمة .. , لن أتزحزح أو أتخلى .. عن أوروبا البيضاء أبدا.. أبدا .. .
تمت ,,,
فتحي عبد العزيز محمد
ـ سوداني
أمدرمان / حي الضباط ـ أبوعنجة
4 /12/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق