متجذّرونَ كالصّنوبرِ
تتجمّدُ المشاعرُ في قُطبٍ أخرسَ، ربّما الوقت يتنبأ باندلاعِ حريقٍ، ربّما تكوينُ الجليدِ في القلوبِ هو الأسرعُ!
وبين مكانٍ أجوفَ قاحلٍ وزمانٍ فارغٍ من الحياةِ، ألمحُ على جبينِ خيالي ،امرأةً من ضبابٍ تتناسلُ منها الآلامُ فتكويها بالصّبرِ، تتكاثر منها الخيباتُ فلا تتذمّرُ، المنجلُ بيدها يقطعُ حشائشَ الوهمِ، والشّمسُ البازغة من فجرِ جدائلِها تعيدُ إنباتَ السّنابلِ من أرضٍ بور، أراها امرأةً من ضبابٍ، لذا لا بدّ أن يكونَ للريحِ معها حكايةٌ، وللعواصفِ معها جولاتٌ، أراها أنثى من دخانٍ قد يندلعُ تارّةً من نارٍ، وقد يتفصّدُ طورًا من جليدٍ.
أعشق فيها التحدّي، ألمحُها في نهوضِها من بعد دمارٍ وهي ترمّمُ ذاتَها، وهي تنفض عنها غبارَ الشّكوكِ في انهزامٍ، معها لا وجود لاستلابٍ لا مكان لانسلاخ،والجذورُ فيها قويّةٌ،أنتِ أيا بيروتَ الصّمودِ لا تجزعي، فمهما استنفرَ الوقتُ مدرّعا بساعاتِه، قارعًا إنذارَه كما الطّبولُ، تبقينَ يا بيروتُ المكانَ الذي لا يتزعزعُ فيه أبناؤك، هم المتجذرونَ كالصنوبر في أرضكِ فمنكِ وحدَكِ تعلّموا الصمودَ .
سامية خليفة/ لبنان

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق