هنا فلسطين..
هي ذي الشاعرة الفلسطينية الشامخة الأستاذة عزيزة بشير.. مجلّلة بالوجع..ومطرّزة بالبهاء والحنين..
إذا كانت الشفافية الايحائية تطل من سنام الشاعرة الفلسطينية المنبجسة من ضلوع الألم،الغربة والإغتراب (الأستاذة عزيزة بشير) كما النوق في رقصاتها،فتترنح وتتبختر السنام فيها من على هودج البوح:بوحا وتطيمنا للدلالة في أبهى تجلياتها وتداعياتها..
فإن الشاعرة المتألقة-أ-عزيزة بشير-تراقص إبداعها الشعري وتغازله بتشكيل تدويري،تنويري حسب كل حالة شعورية أو حس بنائي هندسي لديها وفق مجريات شخوصها ووثبتهم وتحركاتهم بوعي شاعرة وقاصة في ذات الآن تتحكم أيما تحكم في أدوات المد والمدد اللغوين .
متانة اللغة لديها ولولبتها تكتسح أيضا بوعي بناءها الهندسي،المعماري من نص لأخر حسب الحالة الإجرائية لكل نص وحسب كل نمط بنائي .
هذه المبدعة الفلسطينية المغتربة تطرّز-نصوصها الإبداعية-في مختلف تجلياتها الخلاقة-وفق مقتضيات ومتطلبات كل مرحلة زمكانية ،حيث ” ترسكل “ شخوصها لتطعيم أدواتها الشعرية بمتانة لغة وتشكيل لفظي آخاذ،يختزن مرتكزا جديرا بالإحترام على صعيد ” تشبيب”كل حالة ضمن مفصليات وسياقات لغوية من وثبة شعورية لأخرى،حتى لو أقتضى الحال حالات هولامية،هستيرية أحيانا لتطعم مبناها العام،لكنها مؤثثة دوما بوعي إداركي منها لتحريك شخوصها وفق مبتغاها اللفظي،الدلالي والتنويري .
ضمن هذين السياقين والأروقة تستجيب ملكتها طوعا وانسياقا وانصياعا لهذين اللونين : شكلانية عالم الادب عند الروس ومن يتبعهم في في البنيوية..
والاغتراف من معين الرومانطيقة وأهواء ودلالات وهولاميات تهدف بالأساس إلى توطيد أواصر بنائها الشعري الرومانسي الشفاف..
ضمن هذا المنحنى-أيضا-ترقد ملائكية وتجليات المبدعة والشاعرة الفلسطينية الألمعية أ-عزيزة بشير.
الشعر بالنسبة إليها يولد،من الروح والأرواح متشابهة،واذا كانت الروح نقية وشفافة ومعطاء،جاء الشعر على هيئتها وجوهرها والعكس كذلك.
وهنا أشير إلى أنّ الحركة الشعرية النسائية التي انطلقت منذ عقود ساهمت،كحافز وكمحرض،في قيام انطلاقة شعرية جديدة كانت تجمع شعر الجمالية الحديثة والتراثية ضمن تعبير غنائي موزون شبيه بالشعر الفرنسي في القرن التاسع عشر،ولقد قامت على سبيل المثال رشا عمران من سوريا وفاطمة ناعوت من مصر وجمانة حداد من لبنان ومليكة العاصمي من المغرب من الشاعرات بنفح الأدب العربي النسائي بسيريالية مدجنة ورؤيا شجاعة مميزة وحديثة.
ولعل العلامة الأكثر بروزاً في هذا الشعر كانت نوعاً من الرمزية الجامحة والإستحضار اللازمني اللذين جعلا هذا الشعر صعب المنال بالنسبة الى الجمهور الواسع،ومع مرور الوقت أصبح هذا الشعر اكثر صفاء واكتسب عمقاً وبساطة وتميزاً في المضمون وفي التعبير..
خلاصة القول:كجلّ قصيدة هي أسطورة عشق..يضعها شاعر أو تضعها شاعرة لخلق العالم من جديد..وإن لم تكن كذلك فهي لا شيء..والشاعر/الشاعرة لا يستعيد أسطورة أو يستلهمها فقط،بل يكتب أسطورته،ليضع نفسه ويضعنا أبدا أمام ذواتنا في بداياتها..بداياتها المتجدّدة التي لا تنتهي..وأعظم تصوّر لهذه البدايات أن نكون..أن يكون وجودنا أسطورة خلق.. أسطورة عشق،في ترابط عضوي بين الحبّ والخلق،علّة وغاية،فعلا وقصدا..
هي ذي الشاعرة الفلسطينية السامقة أ-عزيزة بشير وهي تشق طريقها ومسارها بكل تؤدة،لا يسعني في الاخير-كناقد-إلا أن أشد أزرها،مع تمنياتي لها بوافرالسداد في مسارها الإبداعي الذي يبشر بخير..بل بيشّر بمشروع شاعرة فلسطينية من العيار الثقيل..تؤسس لإشراقة صبح جميل على فلسطين الممتدة من البحر إلى النهر..ولو كره..الكارهون !
و أترك الباقي..لإختمار عشب الكلام..
سلام هي فلسطين..إذ تقول وجودنا تقول وجودها الخاص حصرا..فلا هويّة لنا خارج فضائها..وهي مقامنا أنّى حللنا..وهي السّفر..
غزّة العزّةُ،يُبيدون شعبَها ويُجرّفون أرضَها وما فَوْقَها،طمَعاً بِما تحتَها من ثرَواتٍ بِمعونة الغربِ قاتلهُمُ إللهُ أنّى يؤفَكون!
وهْوَ الذي في السّماء إلهٌ وفي الأرضِ إلهٌ (1)
أرَى نصْرَ( غزّةَ) قادِماً..وستَنْجَلي
أرَى نصرَ غزّةَ والهزيمةُ لِلعِدا
والنِّتنُ يُقهَرُ والبِلادُ..تعودُ لي
(غزّا )تُحاسِبُ كلَّ مُجرِمِ دَكَّها
وتقولُ للدّنيا انظُري..وَتأمّلي :
"أللهُ معْنا ناصِراً عَلى (نِتْنِهِمْ)
مَهْما أَبادَ،فلنْ يَفوزَ..بِأَنْمُلِ
فالأرضُ أرْضي والسّماءُ مِظلّتي
ثَرَواتُ أرْضي لَن تكونَ..لِقاتِلي
ثَرَواتُ أرضي والبِلادُ وقُدسُها
(غزّا )،لنا لن تُستباحَ..بِمَقتَلِي
(غزّا) تُحاسِبُ (بايْدِناً) وفَصيلَهُ
ماذا جنَى الأطفالُ..كيْمَا تُقتِّلِ ؟
ماذا جنيْنا كيْ نُبادَ وَنُبتَلى ؟
قُطِعَتْ رؤوسُ..مَعَ الأيادِي وَأرجُلِ
ذابتْ جُسومُ تبخّرتْ..يا ويلَكمْ!
أيُّ السّلاحِ اختَرتُموهُ..لِمَقْتَلي؟
تحت التّرابِ دِمانَا تسألُ قاتِلاً:
أيْنَ الجُسومُ وأينَ بيتِي؟..وتعتَلي
ما تفعلوا ( بالغازِ) بعدَ إبادَتي؟
سيكونُ ناراً في الحَشا.بِهَا تصْطَلي
ثَرَواتُ تحت الأرضِ باقيَةٌ لَنا
بِدِمانَا نحرُسُها وَعيْنِ..مُقاتِلِ!
(الأستاذة-عزيزة بشير)
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق