تحية طيبة فلسفية مفعمة بسعادة العقل والاكتشاف ,, (رماز الاعرج)
(الحلقة الثالثة) من (نواميس الوجود و الاكوان , والمنطق الفلسفي)
الناموس الاول , سنقدمه على حلقتين لطول المادة على القارئ
1 الكتلة و الحيز والطاقة
هنا تبدو الغرابة طافية على السطح من العنوان مباشرة , ما علاقة الكتلة ولفراغ بنواميس الكون , الكتلة ولفراغ مصطلح للدلالة على توزيع الاشياء في الواقع وتناغمها , ونحن معتادين على هذا المفهوم دوما انه مفهوم مسطح جمالي وفي الغالب شكلي , وفي الفن البصري مثلا يعتبر هام جدا ومن اساسيات تقيم اللوحات الفنية , والزخرفة والتصميم المطبعي , وفي النحت ايضا يعتبر اساسي بحيث ان النحت كنحت يعتمد على تحديد الكتلة وتشكيلها على شكل مماثل لشيء ما وتفريغ الزائد من المادة الخام الاصلية اي ازلته بشكل ما سواء بمعدات و ادوات معينة او بليد مباشرة كما في التشكيل بالطين مثلا او المواد الاخرى الينة البنية , هذا اكثر ما نعرفه عن هذا المفهوم البسيط و معقد بعض الشيء حين ندخل معه في عالم الفن ونتابعه عن كثب .
حسنا حتى الان كل شيء طبيعي , دعنا ننتقل قليلا الى شيء اعمق من ذلك ونتدرج مع هذا المفهوم حتى نصل لوحدنا من خلال هذا التتبع الى اثبات قاطع انه قانون كوني شمولي بل و اساسي في الوجود وهو من ابرز النواميس الكونية , بل حتما يثبت لنا مع الزمن انه من اهم شروط التفاعل الكوني المبكر وتوزيع المادة الكونية وحركتها في الكون بما في ذلك تشكل المجرات و ولودها , اي تشكل الحياة الجديدة في النهاية ايضا كحصيلة حاصلة محتملة بمعنى انه اساسي في تشكل الاكوان اي كانت .
ولكن علينا قبل الدخول في التفصيل توضيح ما معنا هذا الناموس ومن ماذا يتشكل اي ما هي مكوناته الجوهرية , نفككها ونعيد تركيبها قبل الدخول في فعلها و اشكال وجودها.
وحسب المعجم العربي الجامع
الكتلة : اسم
الجمع : كُتُلات و كُتْلات .
الكتلة : القطعةُ المجتمعة من الشَّيء .
الكتلة : الجماعة من الناس المتَّفقون على رأي واحد .
الكتلة : في الطبيعة والفيزياء) كميّة المادَّة الموجودة في جسم ما ، وتُقاس بالكيلوجرام أو بالرَّطل ، وهي تساوي المقاومة التي يبديها هذا الجسم تجاه أيَّة قوَّة لتحريكه أو لتغيير حركته .
الكتلة الحرجة : الكتلة الأصغر لمادّة قابلة للانشطار التي تستمرُّ وتدوم في تفاعل نوويّ متسلسل .
كتلة حزبية : جماعة من النَّاس متّفقون على رأي واحد .
نرى بكل وضوح ان هذا المصطلح شمولي وعام وهذا من الوهلة الولى واضح وفي القاموس العربي له الكثير من المعاني والتصريفات ولكنا اقتبسنا فقط ما نحن بحاجة له في النص , وفي الفهم الفلسفي لا يوجد الكثير من الفوارق بين الفهم الغوي والفهم الفلسفي , سوى في التأويلات الغوية والفارق الفلسفي في التفسير هو الاكثر دقه لمجال الفلسفة , رغم اهمية اللغة كوعاء ووسيلة لتفاعل الافكار وتداولها , ولكن لا يمكم للغة ان تلبي حاجة الفكر , بل الفكر ذاته هو من يطور الغة ويزيد فيها ابتكار كل يوم من خلال الاستعمال , والغة شيء متحرك باستمرار مهما حاولنا تثبيته بحكم الثقافة و العرف والاستعمال الدارج , فهناك الكثير من المستجدات دوما وهذه تحمل بينها الكثير من الابداع الجديد او غيره وهذا الجديد بحاجة الى اسماء ومفردات جديدة تصبح ضرورية في دخولها على الغلة .
كما نرى مفهوم الكتلة في الغة يعني التجمع و الترابط بين مجموعة من العناصر او الاشياء الصغيرة وتشكلها في رابط ونظام مشترك يوحدها نسبيا وفق نظام معين وتتشكل بينها روابط معينة وفق شرطيات الواقع لكل ظاهرة او وحدة وظروفها على حده , وهذا لا يتعارض مع الفهم الفلسفي للموضوع , بل يتفق معه بشكل عام مع الحفاظ على خصوصية الفهم والتفسير الفلسفي لجميع الكلمات المستعملة في الغة , وبذلك فالكتلة مفهوم شمولي يعبر عن أي تكتل او تجمع لأشياء تربطها علاقات جوهرية معينة تجعلها في رابط وتحت تأثير مشترك , أي وحدة معينة في النهاية تتمظهر في الوجود وتشغل حيز ما في الزحكان , وهي بحد ذاتها منفردة لا تشكل قانون بقدر ما هي ظواهر مشروطة في النهاية , ويخضع لهذا المفهوم كل شيء موجود من اصغر الجسيمات الني نعرفها الى الكون بكامله كوحدة شمولية موجودة ترها نواميس ونام ما تشكل قواعد وشروط لهذا الوجود برمته ولكل شيء موجود ويمكن ان يوجد في أي ظرف كان .
الفراغ بحسب القاموس العربي
الفراغ : الشيءُ فَرَاغاً ، وفُرُوغاً : خلا.
يقال : فرغ الإناءُ ، وفرغ الفؤاد.
و الفراغ : من الشيء : أتمّه.
ويقال في الوعيد : لأفرُغَنّ له.
هنا من الضروري ان نشير ان هذا المفهوم في الواقع الفعلي المطلق لا وجود له على الاطلاق , هو تعبير نسبي انساني مسطح يعتمد على المشاهدة السطحية للأشياء ونستعمله للدلالة السطحية وتعريف الكثير من الاشياء والحالات ولكنه دوما يخضع للظرف والحالة ذاتها المستخدم فيها , وفي الطبيعة والكون هذا المفهوم لا وجود له , ولا فراغ في الطبيعة بالمطلق او في الكون حتى الان , وأي محاولة للقيام بتفريغ أي شيء او جزء من الزحكان هي عملية مستحيلة فيزيائيا حتى الان , فلا فراغ في الكون بالمطلق , ولكن في الفهم العقلي والاستعمال النظري نحن بحاجة الى هذا المفهوم للدلالة على الكثير من الاشياء النسبية الفكرية والنظرية , بل والغوية ايضاً والتطبيقية الى حد ما في التعبير عن توزيع الاشياء في الواقع ووجودها في الزحكان بالنسبة لبعضها البعض , وجميع هذه الاستعمالات هي نسبية وذهنية , وفي جزء منها واقعية ولكنها في النهاية تبقى في اطار المدلولات النسبية المجردة , ومعيار لتوزيع الاشياء في الزحكان او الحيز , بحيث من الناحية العملية التطبيقية لا وجود لأي فراغ مطلق في الكون حتى الان , أي ان هذا ناموس شمولي كوني وفلكي ايضا .
وهذا الفراغ الوهمي النسبي الذي نستعمله يشكل اساس لفهمنا لوجود الاشياء في الواقع في تباعدها بالنسبة لبعضها البعض وكيفية توزعها وانتشارها في الزحكان وكل منها له حيز ما خاص به يشغله في الحيز العام من الوجود , وهذا التوزيع له نسب وتوازن معين ضروري , والمساحة التي نراها امامنا مثلا تحتمل نسبة معينة من العناصر , ولكي نسهل الموضوع لنأخذ مثلا , حديقة مساحتها 100 متر مربع , هذه القطعة مهما كانت خصبة وصالحة للزراعة لن تستطيع ان تحتوي على 100 شجرة تين او لوز , وذلك بحكم ازدحام المكان وعدم قدرته لى استيعاب هذا العدد من الاشجار في مثل هذه المساحة الصغيرة عليها , بينما لو قمنا بزراعتها قمح مثلا فسوف تستوعب ربما آلاف السنابل , هنا بالذات يظهر دور الطاقة والقدرة الاحتمالية للمكان على احتمال هذا الكم , او ذاك من المزروعات الممكنة امامنا .
اذن الكتلة تتوزع في المكان بنسبة معينة وهذا المكان هو ليس فراغ حقيقي بل فراغ وهمي نسبي يحدد المساحة الضرورية لوجود الاشياء او العناصر التي يمكن احتمال توزيعها في هذا الحيز او ذاك ولا يمكنه احتمال تزاحم عناصر كثيفة في الحيز صغير عليها , ولكل انواع الوحدات التي نعرفها حيزها وحجمها , ولا يمكن للمكان البسيط الابعاد ان يحتمل اكثر من طاقة المساحة الممكنة لاستيعاب العناصر , و يوضح لنا هذا المفهوم بكل بساطة بشكله المجرد , ان لا بد من وجود توازن معين بين كم العناصر المحتملة والمساحة , بحيث هذه العناصر تشكل الكتل المحتملة , اما الفراغ النسبي فهو تلك المساحة الضرورية القادرة على استيعاب هذا الكم من العناصر , ونحن نستعمل هذا المفهوم بشكل تلقائي دون التفكير فيه , فلا نجعل الغرفة مثلا تزدحم بالمقاعد والطاولات لا بد من مساحة معينة تسمح لنا بالحركة , وبذلك نوازن بين الكتل والفراغ النسبي في هذه المساحة المتاحة لكي نتمكن من استعمالها بشكل جيد يناسبنا , و ايضا في عدد سكان هذه الغرفة , فلا يمكن لعشرين شخص ان يسكنوا في غرفة مساحتها 12 متر مربع , فطاقتها الاحتمالية لا يمكن ان تستوعب ذلك.
يتبع اللقة الثانية من الناموس
رماز الاعرج ,,
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق