ولدي،
سافرتُ، رحلتُ إليَّ. أجهلُ كم ستدوم الهجرة. إنْ أتيتَ هنا في غيابي، أطعِم الكلْبَ واسْقِ ما زرعناه في الجنينة. تركتُ لك عطرًا تحبّه في صندوق البريد وحجزتُ لك عشاء في مَطْعَمنا التّركي نهايةَ الأسبوع، إنه لشخصين. ادعُ من تريد، هذه المرّة لن أكون معك. اختر رِفقتك. هذا العالم مليء بالسفلة والمومسات الساقطات. أحب الجميع، ولكن دُون حُمْق، بني!
يومَ ولادتكَ، كنتُ فخورا كَكَاتِب محكوم عليه بالإعدام يقول شِعْرا أمام قاتليه. حين تنام كنتُ أضعك فوق جسدي تحت جدار رُوحي الذي لمْ يكتمل. ستكتشف يوما ما كَمْ أحبّكَ والدُك، قد أكون، يومئذ، غير موجود في هذا العالم.
رأيتُ الكثير في حياتي. كنت شاهدا على إخراج القتل. خدمتُ وُضَعاء متظاهرا بالغباء. عشقتُ وعشقوني إلى حد الانتشاء. ركضتُ وراء الريح أحيانا والمترو كثيرا لِقُوتي. خدعني أصدقاء الولائم، وبعد كل ما عشت، سأموت يوما ولن أبكي بحُرقة سِحري المبدّد! هذه الحياة ليست سوى رِحْلة كِتاب يطفو على نَهْر، أيّ غباء أن نعتقد أنّها رحلة أبدية!
أمّا عن سفري، فبدأ كل شيء ذات نُور. قرّر والدك أن يترك شُغله والمدينة والمال والأوْهام لِأيّام. بُنَي، تدبّرْ أمرك بنفسك إذا ما مت، ستقدر، ادْعُ لي في محرابِكَ!
من روايتي "الهجرة إلى معبد الغرباء"
ترجمها للعربيّة الأستاذ Moez Béjaoui

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق