الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

..عشق رغم أنف اللًحي الواهمة.. بقلم الكاتب كمال الدريدي

 ..عشق رغم أنف اللًحي الواهمة..

كنت قد خرجت ألاحقه منذ مدّة...لكنه يتفلت
..ذات مساء..لا ينسى قرّرت الّلحاق به وإمساكه فلم استطع..
كان يجري اكثر ممّا كنت أتصوّر وإذا أراد الوقوف..
يخادعني ،وحتى يعيقنى يترك ظله يقف امام الأشياء التى تستهويه.. ويواصل هو السّير بخط حثيثة وكأنّه على موعد هو وظله وشخص آخر لا يريد أن يخلفه مكان سوى..
.ثم يستفيق من غفلته(ظله) فيسرع أكثر وأكثر..ويجرى أكثر واكثر وصاحبه امامه يغريه بما وجد على حافّة الطّريق من زهور
،وباعة ،ودكاكين، ونساء جميلات يتسكّعن فى الطّرقات واخريات يحملن أثقالا فوق أثقالهن.. وبينهن فتاة يافعة ، بيمنيها رضيعا عيناه تحدق كالنّسرفى السماء
وبشمالها كتابا جميلا لكنه ثقيلا
ورجل يغرس العشب ..ويتمتم ..ويكتب فى اوراق صفراء ..فيهيج الزرع وتراه مصفرا ثم يلتف مع بعضه البعض ويشكل لحية كثيفة سوداء مرعبة تتحرك هته اللحية وتقتلع كل الزهور التى بجانبها ..إلا زهرة واحدة خضراء تماسكت لأن عروقها متجذرة..فما استطاعت اللًحية المتعجرفة اقتلاعها،ولازالت تحاول.
أمالمقاهى فكانت مملوؤة بالرجال يتعالى صراخهم..وخطاباتهم كأنهم خشب مسنّدة

وعلى هامش الرّصيف فتاة اخرى قد تجاوزت عقدها الرابع تتلو قصيدا لمحمود درويش ..نسيته الآن لعله يتحدث عن عيون رتًة او عيون القدس..بيدها زهرة قاربت الذبول..،يظهر عليها علامات الرفعة عيناها ترسل سهاما مخدرة
ليست شقراء.وليست.سمراء.. لا بالطويلة البائنة ولا بالقصيرة الظاهرة
تجلس على مكان مرتفع لكنها لاتشارك الناس...وكأنها مهمومة من كثرة الخيبات...والويلات...او ربما هجرها حبيب غادر او وطن جحود

..تواصل الجرى واللهيث الى ان التحم الظل بصاحبه..ويال الهول لقد اشتد الحوار بينهما وارتفع الصراخ وضج المكان بصراخهم..الذى هز السكون وفتته واقلق المارة، حتى أنّ أصحاب الدكاكين قد تخلى جلهم عن اعمالهم وتجارتهم وجاءوا لمتابعة الخصومة..
بسط كل منهما يده للآخر.وجهرا بالسوء من القول
-- الشرطى أيضا لم يتمالك نفسه استهوته الخصومة فترك حركة المرور وراح يتابع مايحدث..

قال الظل لصاحبه:
لقد خدعتنى وضيعت وقتى

صاحبه :
أنا على موعد أكيد لا أخطئه
وأنت تلكأت فى المسير وغرتك المفاتن وأغوتك..ولم تتعض بمن سبق
الظل:كأن لم تكن بيننا مودة ألم تعدنى بأن نفوز فوزا عظيما..وعظ على يده من شدة الندم
وحشر الناس من حولهم
وأردف.صاحبه..:
لاتلمني بل لم نفسك..لم يكن لي عليك من سلطان إلا أن دعوتك فاستجبت لي

وبدأ كل من الحاضرين يدل بدوله..
...احدهم يقول:
الظل معذور فقد تعب من اللهيث ....وانا قرات ان الظل ليس له دخل فيما يفعله صاحبه فهو تابع
وقال آخر:
اعطنى المصدر اين قرات هذا ،،؟؟، حسب رايي كلامك خاطئ وقد..قال:
الفيلسوف اليونانى
..ابو« التعطيل»...

وبينما هما يتحاوران تقدم آخر وقال:
وهو يداعب لحيته التى كادت تلامس الأرض وتمحو اثر كلماته التى نزلت «كجلمود صخر من علا هزه السيل.»لا تتوانى ولاتتريث تضرب النفوس كالنبال فتفر من وقعها:
..كلكم مخطئون فعن استاذى الذى درست عنه عن استاذه الذى درس عنه..
عن استاذى.استاذه.. قال :
الظل مظلوم
قال :
آخر هات الحجة..والبرهان
والشمس تزاورو عنهم ذات اليمين وذات الشمال..وصاحبهم انهكه التعب من كثرة الجري وهو باسط ذراعيه تحت راسه قارب ان يخلدللنوم.
وتحسبه يقضا وهومع الرقود....
وبينما هم فى حالهم تلك ،كأنما هاتف هتف فى أذني..«..افق خفيف الظل هذا السحر نادى دع النوم ولاغى الوتر» افقت من نعاسي فهذا اللحن والشجن ...اعرفه مذ كنت فى السماء...وحين اغمى عليّ ونزلت الى الأرض بحثت عنه .كثيرا...
ولتفتّ ورائي..
فهالنى روع المسافة التى قطعتها وبدات اتذكر للأنهج التى مررت بها...فلكل نهج حكاية ورواية
حاولت الرّجوع لم أستطع من كثرةالناس..والزّحام...

لكنى ارهقت ذاكرتي لأتذكر عدد الأنهج التى مررت بها،
تيقّنت إنها إثنان وخمسون نهجا..
ونحن فى بداية النهج الثالث والخمسين...
قلت فى نفسي متى سأستمتع بذلك اللحن؟:
لكنّ الغريب ان الأنهج تغيّرت بسرعة نوافذها، ابوابها ،سكانها..وقعت فى ريبة من أمري..
إلا المقبرة لا زالت كما عهدتها صامتة..صامدة..هادئة..لا تتكلم..وسكانها لايخوضون مع الخائضين
فآطمأننت لوجودها...
وتساءلت ياإلاهى هل قطعت كل هته المسافة بهته السرعة..؟؟
ولم أعي أن كل الأشياء التى مررت بها لم تبقى على حال وهى جد متحركة وغير جامدة...

.وبينما انافى حيرتى..
خرجت تلك الفتاة صاحبة القصيد وقالت بأعلى صوتها :
لا تكترث لقد تغيّر الجميع حتى الحصى والجدران والقلوب والأوطان..اماالزمان هو الزمان..يستقبل ويلقى..كالأرحام..والأرض
اماالقدر يلوى رقابنا...ويوجًه مصارنا..لكن لنا الأمل الأحلام.....سكتت قليلا..ثم بنبرة مشحونة عطفا همست:
.لكنك وانت مار من زمن بعيد سقطت منك هته الرسالة..ومكتوب عليها

أين انتِ؟

«فأنا تائه لا اعرف الطريق.
وليس لي فى هذا الحي حبيب ولا رفيق..
ضاع العقل منّى - حاولت فهم كنهه
كما ضاع العشق منّي حين أبحرت فى لجُه...»

الفتاة:
وهى تقول :فلمّا قراتها قلت انا اسكن هذا الحي واعرف خباياه كما اعرف اغوار قلبى..وقد خبرت هذا المكان وتتالت فيه خيباتي...
وفهمت
ان العقل فى أوطاننا شيخ .وقور..نسى مرح الطفولة..واهتم بداعى القبور
فلفظته الحياة وسافرت غرب البحر هناك..حيث البحث عن الدفئ
رغم ان الشمس هنا لهيبها لا ينضجهم

ثم مدت يدهاووضعتهابين ساعدى وجنبي.فأحسست ببرودة وصلت قلبي وحلقى الجاف
.وجذبتنى وقالت ها قد جئت...
انا من ضلعك
معك
عندك
هناك حيث انت. .حينهابدأ اللحن يرن ّ فى مسمعي..وعشقت الارض التى انا بها..واحببت الحياة رغم طول السفر

وتذكرت عندها انى قرات لها فى امسياتي
وكنت ابحث عنها ..فى قصائدى وسهادي.فى واقعي.وذكرياتي.
وبينما نحن كذلك إذ تعالت الأصوات ..وارتفعت الأيدى تحارب السماء...ان ليس لهذا الكائن بقاء هنا بأرضنا الطاهرة العصماء
والتفً بي الجميع كهولا وشيوخا
وشبًان
الا الأطفال كانت نظراتهم كلها شفقة وأمان..وتبث فى نفسي الإطمئنان
كان الجميع يردد ماذا يفعل هذاالغريب بيننا وبسطواألسنتهم وسواعدهم
التى لم اراها منذ مدة فى الحقول ...
حيث ذبلت التفاحة وسقطت.فأكلوا منها جميعا كما آدم..واضاعوا حوّاء..
اقتربوا منّي...لولا ان رأو خصلات شعرها قد كادت تحجب عنهم شعاع الشمس
..وهى تقول:
هوصاحب الرسالة الذى اخبرتكم عنه..فى قصائدى.سوف أصرف عنه السوءانه من اصحابى المخلصين..
.سوف اواصل معه الطريق فقد تجاوز كل الحواجز الا ذلك الممر الضيق سأصطحبه فلم يعد لدينا وقت.....

 كمال الدريدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق