تحية اجلال واكبار الى الشاعرة التونسية المتميزة سميرة بنصر
تشكلت خصائص وحرفيات الشاعرة التونسية المبدعة سميرة بنصر،بأسلوب تفكيرها وتعبيرها،ووجدت الشعر في نفسها صدفة،فهو موجود في كيانها كوجود الدم في اي كائن حي دون ان يعبأ به او يراه،فخلقت حوارها الاثير إلى اعماقها بقصائد الشعر،لتكون واحدة من الرواد،وهو ما نفخر به جميعا،ولتقف أمام تحولات هذه الظاهرة الأدبية وجها لوجه باستعداد متميز،مهد له تربيتها في بيئة فنية،مستمدة نشأتها الشعرية وتطورها من منابع الدراسة ومقاربة لرواد الحركة وعلى رأسهم الراحل بدر شاكر السياب،وعبد الوهاب البياتي،وبلند الحيدري،لتتوجه الى عالم الشعر الحقيقي،وتحقق قدرا كبيرا منه بملامح شخصية ابداعية .
الشاعرة التونسية الألمعية سميرة بنصر تدرك بأن كل ثورة بالإبداع،تشكل أسلوبا خاصا في التعبير ينبع من طبيعة الظروف الموضوعية والتاريخية المحيطة بالمبدع،لتبدأ رحلتها بقصائد الحب التي توجهت من خلالها منذورة الى كل من يملك القلب،ويروي ظمأها،فاقامت مناخا لغوياجديدا،مزجت به التاريخ الشخصي بالتاريخ العام،فحملت أشعارها احساسا عميقا بالحب،كما حملت في الوقت ذاته احساسا عميقا بالإنسان،و ظلت بالتالي متشبثة بالحياة بمثل الفتوة والقوة التي تتشبث بها الشاعرات والشعراء من رواد حركة الشعر العربي الحديث.
ألفُ تحيّة للشاعرة التونسية سميرة بنصر،الّتي تستحقُّ الثّناءَ ولمسةَ وفاءٍ لدوْرِها الرّياديّ في الفعل الثقافيّ والعمليّةِ الإبداعيّةِ الجَماليّة،إنّها نهرٌ يتدفّقُ إحساسًا وشِعرًا وعاطفةً ورِقّةً، وجريانًا يَصبُّ في بحر البوْحِ والهمسِ الشعريّ الصّادق،مع التّمنّياتِ لها بدوام العطاءِ،وخدمةِ ثقافتِنا وأدبنا،والسّموّ بهِما نحوَ العالميّة .
سألتها ذات مرة:”لقد تمرسنا في صناعة الأمل،و لولاه لقضينا حزنا و كمدا”،كان قد أخذنا لنفس السياق الكاتب الروسي”دوستويفسكي”منذ أكثر من مائة عام ليؤكد أنه”أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة”،لماذا هذا الإجماع على قدرة الأمل في مجابهة واقع لطالما تساءلنا عن جنسيته ضمن حدود أحلامنا..؟
فأجابتني محدثتي سميرة بنصر:”يبدو أنّه علينا أن نخلقَ معادلاً موضوعياً لأزماتنا،الأمل يشكّل هذا المعادل الموضوعي.هذا من جانب،من جانب آخر فإنّ الأمل يحمل في طياته بذور الأمل التي ستنبت يوماً ما في حقول الألم،وشيئا فشيئاً ستتمدد تلك النباتات وهي تطرد أمامها الأشواك حتى تنظّف الأرض منها،وتحولها من أرض يباب إلى أرض مفعمة بعطر الأزهار.”أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة”،سنرى أنّه أطلق مقولته تلك بينما كانت بلاده تعيش أصعب ظروفها،وبعد ذلك بسنوات شهدت روسيا “الثورة البلشفية”عام 1917،تلك الثورة التي غيّرت وجه روسيا والعالم لعدة عقود”
ثم ختمت حديثي معها بالسؤال التالي:”في عالم الكتابة،إذا ما تطرّقنا لرأي الروائية الأمريكية”بيرل باك” بأن “”سرّ الاستمتاع بالعمل يتلخّص في كلمة واحدة،الإجادة”،أين نجد -المبدعة-سميرة بنصر-بين الاستمتاع و الإجادة؟
وكانت إجابتها:”من الصعب عليّ أن أصدر أحكاماً على ما أكتب،وبالتالي تصبح الإجابة على هذا السؤال خالية من الحيادية.بالنسبة لي أنا لا أتعامل مع الكتابة كشكل من أشكال الترف والتسلية،وإنما أتعامل معها بمنتهى الجدية،احتراما للكلمة،واحتراما للقارئ الكريم.."
وإذ أسجّل إعجابي الكبير-بالإبداعات الشعرية والنثرية..-للكاتبة التونسية سميرة بنصرالتي تطمح دوما عبر كتاباتها الإبداعية إلى التطوّر والتجاوز،فإنّي أؤكّد على أنّ النص الإبداعي لن يخترق الحدود إلا بقوته الذاتية،كما أنّ حضور القارئ،بل حلوله،في الماهية الإبداعية الملغزة،هو وضع طبيعي يعكس انفتاح المبدع كإنسان على أخيه الإنسان،ويعكس انفتاح الكتابة الإبداعية الجديدة على العالم الحسي المشترك،والوقائع والعلاقات المتبادلة،وأيضًا على الأحلام والهواجس والافتراضات والفضاء التخيّلي غير المقتصر على فئة نخبوية من البشر دون سواها..
لنستمتع جميعا بهذه القصيدة التي صاغتها-سميرة-بحبر الرّوج ودم القصيدة:
منحوتة الجوع…
أمّاه
كفّاك من كفِّ الردى تسحبني
وبنا الرّدى محتفٍ ثملُ
ممّا قد تجزعين وقد
سكن الجزع الأحداق والمُقل
مالي أراكِ شبحا
تشبث به العظم ينتقلُ
يبغي الحياة ولا يدري
أنّ الحياة لمثلينا معتقلُ
….
لتحيا الملوك في رغدٍِ
درّهم لنا النصر والأملُ
تجري المقادير بنا
مثلما تشتهي الدّولُ
…………….
سميرة بنصر
ولنا عودة إلى مشهدها الإبداعي عبر مقاربات مستفيضة
محمد المحسن


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق