الاثنين، 7 سبتمبر 2020

الثمن بقلم طارق الصاوى خلف

 الثمن

استعار ريش طاووس ، جال منتفشا بصالات فندق قارون، تخيل أنه حاز مفاتيح كنوزه، يسايره عامل يرتدى جلبابا مزركشا، يمنحه شعور مستعار بالاهمية ، هز رأسه طربا عند دخوله إلى جناحه ، اطمئن العامل لوجود المشروبات فى الثلاجة ، الشامبوهات فى الحمام ، توصيل التلفاز بجهاز الاستقبال ، درجة حرارة التكييف، اسلم النزيل جسده لفراش السرير الوثير، وضع ساقا على ساق ، اشار للمنتظر للاكرامية بظهر كفه أن يمضى.
وضع لنفسه برنامجا بدايته مع شروق الشمس، يرقد كالبط الكسيح على بطنه عند حافة حمام سباحة منبعج الاطراف ، يرفرف فى الفضاء الوردى و يد( مدلكة ) شقراء تميس على ظهره ، تمسح اثام السنين عن عموده الفقرى، تصحبه لغرفته لاستكمال جلسة رفع اثار الحرمان الطبقى عن جسده المكتهل. قبل ان يلحق بالبوفيه المفتوح سحابة النهار حتى منتصف الليل، يدلف للقاعات المتخصصة يقتطف من اطايبها ليسجل فى ذاكره فخره انه عاش اياما كأغنى مليونير.
انتهت – كومضة - ايام الاستضافة، أحس أن روحه تنتزع من جسده لطرده من جنة زينت سطوره المنثورة و استحق دخولها تكريما لابداعه الذى لمس قلب عاشق لفنه .
انفجر الموقف دون سابق انذار مع إدارة الفندق حين اعطوه كشف حساب المتعة التى تمرغ فيها خارج الاستضافة المدفوعة مقدما، ابلغهم ببساطة ولا مبالاة : ليس لدى اى مال لادفعه.
اظهروا وجههم الثانى بعد ان فرشوا له بساط التعامل الراقى، تلاسنوا معه بلغة الحوارى، حدق فيهم بدهشة و ذهول، خفق قلبه تجاوبا مع مغص ألم به، جرى للحمام ، التقط انفاسه و هو يكتشف أن ضغط الحاجة لم يكن سوى حيلة دفاعية لمواجهة موقف لا يملك له حلا .
هاتف مكتب المسئول عن استضافته يلتمس انتشاله من الحرج, اعتذر له بلباقة: الموضوع خارج اختصاصى.
الصق ظهره بالحائط ، ترك ادارة الفندق تضرب اخماسا فى اسداس، محافظا على حالة النشوة والسعادة التى يحلق بها فى فضاء ايام كالخيال قضاها ممتطيا فرصة سنحت للاستمتاع بحياة المترفين، استنفذوا معه كل الحلول الودية لاستخلاص نصف مستحقاتهم منه، كتم ضحكة ساخرة تزغرد فى صدره الواثق أنهم لو اعتصروه لن ينالوا مليما فجميع مدخراته لا تكفى ثمنا لقضاء ساعة فى ملهى الفندق، تركهم يدورون فى ساقية غيظهم، اخرج قلمه الرصاص وانهمك فى توثيق ملامح الغضب على وجوههم .
طارق الصاوى خلف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق