من المجموعة القصصية القصيرة الثالثة(3) " زهرة ال هولنده " ..
سنوات من العدم
تكفي لانجاز يقينك بالأبد
وتكفى أيضا
لتحرير وهم تأخر قليلا فى الرضاعة من شطر الأمانى
ستلفظك الأرض من طوق جذبها ان لم تنم على سرير العزلة وحيدا
إن لم تنتبه للوصية الاخيرة المكتوبة بحبر اللهفة على شمعدان السراب
سنوات من العدم فقط
تكفى لأن تستمتع بأغنية لا تنتهى
لأن تشغل حسك بطريق لن يصل
تنتظر بريدك الأول
موتك الاخير
الشاعر " الأصمعي باشري "
" الغَيْرَةُ ـ الهوى الأكثر ظرافةً ، بَيْدَ أنَّها الحماقة الكبرى أيضاً "
نيتشه: Nietzsche
تذكر عندما رآها تلك الظهيرة فى منطقة " كوينزوي " الراقية , بـقلب أو وسط عاصمة الضباب " لندن " , تسرح وتمرح وتتسوق بأوراق البنكنوت والكريديت كارت المختلفة الاشكال والألوان ولكل بنوك الدنيا حتى الافشورية والعالمية منها , التى تعج بها حقيبتها من الان فصاعدا , بعد أن بدلت جلدها .. وجاءت الان مبراءه من أى دنس متغمسة دور آخر كخبيرة ومعلقة أعلامية متمكنة فى الشأن السوداني المحلي والغربي , الذى تدعيه جزافا وهى البعيدة عن الوطن منذ عقد من الزمان أو يزيد , وأستحوزت هكذا بذكائها الالمعي وعمالتها الصفيقة ولعبها على كل الحبال والقنوات الاخبارية العالمية , وبتقديمها بدورها الجديد كباحثة وأكاديمية زائرة بالعديد من الجامعات ومراكز الاستشراق والدراسات الإستراتيجية الدولية , والراضية عنها كما يبدوا وتساندها وتغدق عليها ربما الحماية والتمويل الذي تعيش الان عليه , والتنقل بمختلف أنواع التأشيرات وكما يحلو أو يروق لها وهي التي كانت وبالاسم ممنوعة ومن كل ذلك , والتى لم يمضى على انفصالها عني سواء عدة سنوات , ثم تجرءاة وسالت نفسي ولاول مرة , من أتى بهذة الحرباء ورأس الافعي الي ها .. هنا ؟؟اا, وكما يصفها صديقي اللبناني " نعيم خوري " مراسل قناة " دوتش فيلي " بكلونيا وفى مثل هذا التوقيت , والتى تنظر الينا نحن كاستشاريين قانونيين نظرة وضيعة دونية . , وهى بالذات التى لم يكن مرحب باستقبالها كملحقة أعلامية بسفارة السودان بلندن فى الماضي القريب .. , أو أى عاصمة غربية آخري لأنها بصريح العبارة كانت دائما خميرة عكننة لكل العلاقات والنوايا الحسنه وأعادة الروابط التاريخية الوثيقة السابقة , ولكنها هى دائما وأبدا السياسة حتى أن التأشيرة لـ "لندن " نفسها أصبحت هاملة وسهلة , وبكل يسر وعدم كبير ممانعة أوطول انتظار ومعانة ؟؟ حتى جاءونا بنى "الهرمة " وفى سباق لاهث ممتطئين حتي البحر .. والريح.
ثم هى نفسها حقيقة الان .. مع من ؟ أو تمثل من وبعد أنشقاقها الحزبي البين , ثم هى الم تكن تعارض وبملئ فيها وأيام المفاصلة الكبري , وهى ترسل من " بون " رسالتها الشهيرة ذلك اليوم أو برقيتها الداؤيه والمستعجلة لرئيس المجلس الوطني وفى الجمهورية الاولي قائلة وبأعلى صوتها :
ـ ثم أين المؤسسية وفى كل ذلك .. يا بروف .. ؟؟اا , ثم الم يكن ذلك سببا وجيها لتنحيتها بعد ذلك , وشطبها علنا من كشوفات المستشارية الاعلامية هناك , ولكنها وبماضيها المشرف وعضويتها الاولي باتحاد جامعة الجزيرة وكسكرتيرة يافعة بعد ذلك بأمانة سر المجلس السبعيني , تعجب الكثيرين من الرواد الأوائل لموقفها المبدئي والمعلن , والمنحازين لدور أكبر ومتقدم للمرأة وفى شخصها هى بالذات , ثم الم ينعتوها بعد ذلك فى فقهم وتراثهم الثوري الخاص بالابنة التروتسكية الضالة والمتفلتة التوجه والمزاج , ومع كل ذلك لم يتم تعليق عضويتها بالكامل بل يتم بأنتظام دعوتها لكل أجتماعات أى حوار بالداخل أوالخارج , آملين بعودتها نادمة وبتوصية من جهات عديدة متنفذة بالداخل والخارج , والشىء المحير والغريب لى أنا زوجها أنها كانت تصرف كامل مخصصاتها وأمتيازاتها بأمل أن لا تنحاز بالعدم لجهات آخريين يناصبوهم العداء والتنافس المستحكم , أو ربما تثؤب الا رشدها وفى أى يوم أو وقت ما قريب وتنضم الى حياض ومسيرة الوطن الذى فارقته مختاره وطويلا , وهي أكثر ندما ووعيا والتزاما كما تتمشدق أمام الجميع , ولكنها تبطن ويا سبحان الله بغير ما تظهر وبصلاتها وتفكيرها الان البرجماتي الصرف والقابل للتاؤيل الصراح , كم أن وجودها المشوش هكذا بالخارج يجعلها فى أعتقادى المتواضع أكثر نفعا لهم هم بالذات ومن تواجدها المحدود التحرك بالداخل , أضف الى ذلك ذكاءها التنظيمي المدهش وقدراتها التحورية البارعة فى غض الطرف وتمييع كل المواقف الغير مواتيه , وسحر بيانها الطرير وخطابها الجاد للسذج والمبتعثين الحيارة , ما يمكنها حقيقة من خدمة أجندتها الخاصة الإمارة بالسوء أولا خدمة مشاريع آخريين لاتعلموهم الله يعلمهم , وبطريقة غير مباشرة وبعدم التحامل المفرط عليهم هم بالذات كيفما هو متفق .. , لموقعها المتقدم كناطقة رسمية ومعلقة ومحللة أعلامية خبرية لايمكن تخطيها بالمرة وفى شأننا الوطني وباحثة ديناصورية عليمة ومترجمة وأستشارية لعدة صحف عربية وأجنبية بمحطات لجوءها العديدة والمختلفة , ومعادية لى أنا بالكامل والذى كنت زوجها الاول ولا أعلم شىء عن تهمة عمالتها الان وتخابرها المغيت والذى تنفيه دائما جملة وتفصيلا وعدم تخليها عن صفاقتها الفوقية الفلسفية , لقد هجرت بيت زوجيتها مليا وتركت لها أنا وغير أسف حبيبتي " أثينا " محطة تعارفنا وزمالتنا الجامعية الاولي , ومقهى " بلاكا " الحالم و" الكولزيرم " وجبال الكربات الغربية الحانئية الطبيعة الخلابة وسط منتجعات البلقان وأوربا بأكملها , والتى كنت أعشقها صيفا والخرطوم الجميلة الوادعة والتى كم كنت أحبها شتاء ومن أجلها هى .. , ثم قاصمة الظهر بيننا الان بيتهم الهادي الوديع الأوربي الطراز , المريح دائما لاعصابى المجهدة المتعبه بحي المطار الأنيق , وأيلولته لى قضائيا بعد ذلك كأتعاب مستحقة تنكرها هي أهتبالا وأخوتها الكبار أصحاب القصور والنفوذ والاحتكارات والمصالح التى أصبحت الان فى مهب الريح , ولسلسلة طويلة لاتحصئ ولا تعد من قضايا عويصة سابقة ولاحقة , كوني أدافع بكامل حضوري اليقيني واجتهاداتي الفذة وأمام ساحات القضاء الدولى عن أبيها الوزير المرتهن اللصيق بتعثر وأنهيار بنك الكريتد يت ينتي للتجارة الدولية , وأنفصلنا بصفقة خاسرة من أهلها بالطلاق مقابل ملكية بيت المطار العريق , وأرسلت لها ورقتها بعنوانها الدائم بمدينة ملتقانا الباكر والأول " أثينا " بلاد اللاغريق المتوسطيين والتى شهدت وللأسف بيض أيام شبابنا , لصفاقتها وألحاها الزائدة بالاسراع لفصل جوازها لتسافر بعدها حرة كيفما تشاء وبلا عائق شرعي يستدعي موافقتي الشخصية .. , ومن ثم مشاكستها الدائمة لى بعد ذلك وفى كل شىء تقريبا لتصبح مخلب قط وشوكة حوت فى حلقي , أو خميرة عكننة دائمة لغرمائي السياسيين الآخريين والذين يصفونها وفى مقابلاتهم التلفزيونية بالسيدة " الغواصة " ومن أقصى اليسار ولأقصي اليمين وبتحفظ كبير , ولتلاحقني بعدها كظلي وتنشر بحربائيتها غير عابئة حولي القضايا الانصرافية والسموم , وتتبعني أين ما كنت أو حللت , ثم أهذا يعقل يا بنت الحسب والمجد الماضي التليد المزعوم ؟؟ .
أذكر ذاك اليوم عندما قابلتها بالصدفة بالقرب من بيت السودان القديم , أو بأحدى المعالم اللندنية البارزة حوله .. , وليتني لم أقابلها أصلا , والتى تضم عادة لفيف أو أعدادا متواضعة من سوداني المهجر , وربما فى ذاك الطريق المختصر المعروف والذى يفضي الى مفترق طرق وشوارع جهات "كرافن هل " الشهيرة والشبية بطريق المبتديان الشهير بقاهرة المعز القديمة , لتقول لى فجاءة وببجاحتها وتشفيها الممقوت بطعم الحسرة الدفينة , وأصالة عن تلك المحامية المتدربة المأجورة , وأنا أستغرب وأستهجن فى دخيلة نفسي عن تدخلها المقيت السافر وحشر أنفها فى موضوع شخصي ويخصنى أنا وحدي .. لتهتف فى وجهي :
ـ يا أستاذنا الضليع الحائر.. أول شيء .. قالوا صاحب العقل يميز .. ؟اا , كيف وبكامل حضورك اليقيني تصدق بالله بفرية وعدها الخيالي لك بالهاتف , بانها ستلتقيك هكذا مباشرة عنوه ..وبلا مرشد لها أو أدني ترتيبات مسبقة ..
ـ أيعقل كل ذلك وفى صبيحة ثلجية أستثانية كهذة .. ؟اا , ثم ثانيا فوق لنفسك .. ؟اا ولسذاجتك لان تصدقها مرة أخرى .. بأنها بدراية ومعرفة تامة بخرائط النت لدرجة تمكنها من الامساك وتحديد جهات ومواعيد كل متروا أنفاق وسط لندن الكبري , وبأستطاعتها من الوهلةالاولي التحرك والوصول فورا والى أى جهة ما بالمدينة .. وفى أى وقت تشاء والالتزام الصارم بمواعيدك الفوقية .. والغير مجدية الان بتاتا ..
ـ شىء أخر أنها حديثة وصول .. من الخرطوم ولاول مرة .. , وربما تخشي أن تفئ بمواعيدها .. وتصاب بعدها بنزلة برد " شعبية " خطيرة , قد تفقدها حياتها خصوصا وفى هذا الطقس المناخي الاستثنائى السيئ .. , والغير مؤاتى كما تري لاى مقابلة منظورة أو أى عمل ملموس , والمتطرف حقيقة عن آخره بزخات البرد المرعبة والصقيع المخيفة ..؟اا, كما أنها وبكامل حضورها غير مرغمة بتاتا أوطائقة حتي لمقابلتك والتعرف بك أصلا , وليست كما أعلم مفوضة وبما فية الكفاية ..لترتيب جلسة أو تسوية شاملة سرية نهائية , سلمية لملف القضية وبطريقة أخوية ودية وخارج قاعة محكمة وستمنسترالكبري نفسها .." , لتواصل بتهكم وأضح وأذدرا :
ـ فأنا بصريح العبارة هنا .. وبلا مؤاربة أستطيع أن أتكهن لك جازمة بأنها ربما تأتى من ضواحي " مانشستر " فى وقت متأخر من هذا اليوم .. أوقد لا تأتى أصلا ؟اا , لأنها صراحة لا تطيق أو تحب حي " السيتى "بالذات , أو أحسبها فى موقف قوة وليست ملهوفة حتى لمعرفتك أوالالتقاء بك , والا فى قاعة المحكمة الرسمية غدا عصرا .. , لتواصل :
ـ وأنت القانوني الدولى الضليع الحائر المثير للجدل والذى مازال يشار اليك بالبنان .. , ثم وهى الاخرى المغلوب على أمرها , ألم تكن من وجهة نظرك سواء مجرد محامية تحت التمرين ومجبرة للالتقاء بك عنوه .. , ولتنتهزها كفرصة ذهبية لا تعوض للتقريع بك شخصيا , ثم هى نفسها الست الهانم هناك بنت الأصول والحسب الرفيع , الم ترسلها نيابة عنها لتفاوضك هى الأخري على الطلاق المؤجل للهجر وأمام المحكمة الكبري وتقسيم الثروة بأكملها , والتى نهبتها بغفلة والدها هى الاخرى والذى أوكلك هو الآخر , وأيتمنك في يوم ما على أدارة أملاكه وثروته المتواضعة وهو رجل الإعمال الغيورعلى الوطن , والذى وثق فيك ثقة عمياء ومكنك بنفوذة الضخم أى تمكين بالتوزير وفى عدة وزارات ولحكومات وحدة وطنية مختلفة ومتعاقبة , ولكنك فعلتها يا وغد .. وطلقت أبنته الوحيدة بعد وفاته مباشرة وبلا سبب معقول أو مبررات ثم نهبت ثروته تباعا وبالقانون كما تدعي ولكن أين ستهرب منى ومنها ومن الله المنتقم الجبار ؟؟ , يا ظالم يا عديم الضمير .. والانسانية ؟ , وكأن لسان أبيها الان يلهج داخل قبره :
ـ حسبي اللة عليك .. ربيت كلب عضاني .. قالوا لا خير فى الكلاب .. ولا تربية الكلاب ؟اا .
كانت المحامية التى تتحدث بلسانها الان والتى لم التقيها سواء دقائق معدودة جرئية ونزقة بما فية الكفاية ومثلها تماما , ولم أتشرف بالانفراد بها وللتحدث بشأن تسوية ممكنة عادلة تحفظ حقي وحقها , ولكنها كانت مفوضة لدرجة أنها تهاجمني فى الصحف وفى عقر دارى ولمرات عديدة وبالهاتف في أحآيين كثيرة , كوسيلة تهديد أو خط دفاع أول وبتحريض مبيت منها هى , وتهددني مرارا بالتوقيف العلني حتى وفى جميع مطارات العالم والدنيا الوسيعة , قالت لى فجأة وهى تتماهي كليا :
ـ كنت ولايام خلت أراك هناك على ذاك المقهى الجانبي الخبئ وحيدا بلا رفقاء .. , تقراء بأهتمام بألغ فى الديلي ميل والفاينانشيل تايم والول أستريد جورنال , وتكب بنظارتك السميكة على أسعار الذهب والنفط والقمح والقطن والسمسم والصمغ بالبورصات العالمية المختلفة , وتقأرن بينهم كعادتك الا هذة الايام أراك تقراء بانتشاء وتركيز وهمي وغير ممل بصفحة العاديات والوفيات , بالله ماذا تنتظر ؟اا .. أتنتظر بالعدم ورود أسمك ؟؟ .. , لتواصل :
ـ أم تنتظر ورثة أخرى على الأبواب يا صائد الورثات ؟اا , أم تدبر كصديقك القديم الذى يلتف حول نفسة , كأبن آوى زواج أرملة أخرى متصابية مثلها , يا بضع " دنجوان " أفل الصيت والى غيررجعة , أم تنتظر صراحة الغاء الدعم نهائيا وأن يفتح لك باب أستيراد القمح والمشتقات البترولية وغيرها .. " , قلت لها متحرجا وبعد طول صمت وتدبر وأنا أضع أبتسامة باهتة :
ــ فال الله ولا فالك .. لا هذا ..ولا ذاك , بصراحة شديدة لقد أفلست الشركة التى أعمل بها كمستشار .. , أصابها فجأة الاعسار .. كبنوك هذة الايام التى تتساقط وتتهاؤى الواحدة تلو الاخري .. وأغلقت أبوابها فى السودان وغرب أوربا وجزر الكوميكان , لتضيف قائلة :
ــ ثم ثانيا أعلم بلا تحفظ بأن لديك الان أعداء لا يحصون ولا يعدون .. ولكن ليس لك أصدقاء أوفياء وكما تدعى فى ماضي الايام .. , فقد أرتحلوا كلهم للآخرة مؤدعين وقنوعين لتضيف بتوجد ..:
ــ الا أنت ..؟؟اا.. , لتضيف :
ـ ثم أنت بالذات ماذا تنتظر ..؟؟ اا , و لماذا لم تفلس وتغلق أبواب أستشاراتك وتعلن حتى أفلاسك العاطفي والقانوني .. ؟؟ اا أرحل .. أرحل يا أخى عن دنيانا وخلصنا ..؟؟اا .. , لتواصل أسفافها وأنا أغض حتى الطرف وهى تعرف كل شىء لتقول بعدها :
ــ ثم لما أذن تجهد عينيك .. وأنت تنقب فى صفحات الوفيات .. وتتقافز فى أتون الصفحات الاخيرة كالسنجاب العجوز الماكر تجوب بتصرف يستهويك .. داخل الخرائط السرية للعلاقات الاجتماعية المتشابكة المصالح , وما بين الطبقات الثرية الآفلة الصيت وما فوقها ودونها .. , وتتنصت وتتلصلص هكذا وبأى حق أوسلطة أو أشتراع أم لأنك خبير قانوني دولي ضليع زو حصانة معصوم وفوق كل الشبهات .., وتتصيد الهفوات والثغرات والهنات لتنفذ بجلدك كآخريين .. وتقول لهم بتبجح وفى الصحف العربية الصادرة من لندن مساء البارحة .. , وتنفى فى أصرار تلبثك فجاءة عن تهمة هروبك المحيرة والمعروفة للدانى والقاصى والتى جاءت فى تسريبات ويكيليس الاخيرة وتقول ببجاحة مستغربة :
ـ " ولو شيئت لبقيت وزير ولائي .. وخيروني كثيرا ولكننى لا أريد حتى الوزارة الاتحادية والتى قدمت لى فى طبق من ذهب , ونصحني رجل الإعمال " مردوخ " ملك الحديد والفولاذ فى باريس يومها بتقبلها , فرفضت .. " ثم يضيف قائلا لها هى بالذات :
ـ " ثم أين هروبي يا دكتورة .. وأفسادى فى كل ذلك و أنا خريج جامعة " لـوزان " الراقية بسويسرا .. , ثم من بعدها أكسفورد العريقة وتسنمت الوزارات السيادية المختلفة .. الواحدة تلو الاخري .. بجدارة وبأجماع وفى مختلف الحكومات , .. ومحترم حتى من كل المانحيين وشركاء الايغاد ولا غبار على أطلاقا .. , وحتى أنني أدافع عن نفسي وعن سياسي كل العالم بتجرد وأقتدار .., وأخرجهم ومن جميع المأزق السياسية الحرجة ومن " وترقيت " حتي نفسها .., وكل التهم الملصقة بهم جزافا أبرياء وكالشعرة من العجينة .. وبالقانون , والكل فى حيرة من عبقريتي وزكائى القانوني الفذ المفرط .. ولورشحت لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة لنلته عن جدارة وأقتدار .. ولا فخر , وليواصل :
ـ ثم ياتى صحفي وأحد مفعوص ونكره .. , وفوق كل ذلك وللأسف الشديد فاقد تربوي أصيل وماجور ولا أسم لة ولا مكانة ولاتاريخ .. ولا حتى خريج لأى جامعة معتبرة أو وزن أكاديمي رفيع سواء توصية حزبية أستثنائية للتخرج بالتزكية وليلطخ بلا ترؤى سمعتي وتاريخي الأكاديمي والسياسي الطويل الناصع البياض .. , والغريبة من موطني ومسقط رأسي .. أنا بالذات..
ولصالح من قولي لي ؟؟.. , وليواصل بغضب وحسرة :
ـ والله زمن .. وفعلا عشنا وشفنا الصعلوك .. يشتم الباشا .. ؟اا .
ـ ثم أية يعنى .. كون أن مكتبي يتقاضى أتعاب رمزية واسمية من القضايا الكبرى فى بلادي .. , ويضنون على أمثالي حتى بملاليم من عشرات الألوف من الدولارات , ومن مكاتبي المنتشرة بثلاثة قارات أتقاضى بدون كبير عناء أتعاب بعشرات الملايين من الدولارات .. , أضيفي الى كل ذلك وأنت الخبيرة ما أتركة حقيقة من مفاخر جمة وسمعه فى ساحات القضاء العالمي والمحكمة الجنائية الدولية , بسوابق وتراكمات خبرة وكلفة قانونية معتبرة , ومرافعات تدرس بكل جامعات العالم الان , وأنفق جل أوحر مالي فى أعمال الخير والبر فى بلادي , ثم الا يكفى بالله كل هذا ؟اا" .
بل تذكرت للتوه بأننى كنت فى يوم ما على صلة وثيقة , بالشخص الذى كان على صلة زمالة لصيقة حتى بتلك المحامية المتدربة الحمقاء , ومصالحهم المشتركة سويا ولدرجة ملكني ناصية حقائقها وماضي مشاكساتها السابقة وان كل شىء بالطبع تكتيكيا ممكنا ولو بعد حين , وهو الفارس الذى لايشق له غبار فى ذلك كله , وساومني بلغتهم وبجاحتها وفى نشرالغسيل الوسخ على الملأ , بالتأجيل تارة وبالتسويف تارة أخرى وعامل الزمن الذى لايهزم أبدا , وهكذا بشرني بأن طليقتي من الان فصاعدا سيطول بها هى الاخرى الانتظار لنصر قريب مزعوم , ويذوب شعرها بين المحاكم ولا رجاء أوحياة فى من تنادي وتعرف تماما الان كم أنا شقي وبقي بالفعل , ولتسألنى وللمرة الالف :
ـ هل أجد عندك .. أو حتى عند أى أحد من معارفك .. , أعداد من مجلة الثقافة السودانية ..؟؟ اا ..
نظرت اليها مليا وتذكرت حينها "الحردلو " وقصة من قبيل الضايقين لماها قالوا أن حلفونا .. حليفه ..
ـ شنو ما " ضوة " حلوة ولينا .. ويدفئ جليدا من الزيفة " لاقول لها متماهيا كليا :
ـ بالطبع لدى عدد أوعددين لا أذكرهما الان .. , ولكن بمكان ما بالمنزل ولأقول لها :
ـ تذهبيين معى الان الى " نيوتن " ؟ اا .. , أم أحضرهما معى صباح الغد ..؟اا" قالت لى بلهجة حازمة وحزره بعض الشىء :
ـ على كدا أحسن تحضرها معك صباحا الغد .. " , ثم أضافت بعد تمحيص وتروي وهى ترنو بعيدا :
ـ أما يا أستاذ .. قصة براءتك التى تدعيها فى أن أذهب معك فهذا عشم أبليس .. ثم كيف أذهب وأنت أطلاقا غير مأمون الجانب تماما ؟ اا , قلت لها :
ـ أنها لاتعدوا أن تكون سواء تخرصات وأشاعات مغرضة تنسج حولي هنا وهناك .. وأنت وحدك تعلمي التزامي.. كوريث لبيت شرف ودين وسجادة .. , ليواصل قائلا :
ـ صحيح تربيت فى الخرطوم ولكن جزورى بالريف الا تعلمين أن جدي لامي .. , سيد الشعبة والفلقة والساقية والحيران .. بحيره قالت ساهمة :
ـ أعرف كل هذا .. ولكن ليس هناك دخان .. بلا نار ؟اا.. , وأعتبرنى مجنونة .. ولكننى أسالك التحفظ وتخير العباره المحتشمة التى تليق والتى لا تآول أو تحور , وأنت حالتك الأستاذ الضليع البليغ ولا بتتصنع أللبث والتجهيل لترمي الكلام علي عواهنة يا نمرود , ثم ولربما حتي أن يلد الصالح طالح .. ويلد ربما الظالم صالحا .. وهكذا ..
بعدها بالطبع أشاحت عنى بعيدا لتقول وكأنها أكتشفت شىء جدير بالملاحظة أو الاهتمام :
ـ بالمناسبة رايتك دائما ما تتسكع بالساعات الطوال .. بالكشك الخلفي أوالمكتبة المنسية الجانبية , وبحماس شديد .. ثم بالحق أأنت تعرف صاحبها ..؟اا , أنة بوهيمي أرعن يشبهك حسبتة بادى ذي بدأ أنة أنت ؟اا.. , لتواصل باصرار :
ـ لولا أنة فاقع السمرة .. , أنة بامتياز شقي تماما مثلك .. أتعرفه ؟اا , وهى تشيرعلية لتواصل :
ـ منذ أيام عرض على خيارين لاثالث لهم .. أما الارتباط أو التسكع يا لة من مدمن مرغوانا مهؤوس .. وقح ..اا " , بالفعل كانت المكتبة المعنية والتى تتحدث عنها باهتمام بالغ صغيرة وخبيه بعض الشىء , تقع تقريبا فى دائرة حي " سوهو " الضيق الخطر والمزدحم عن آخرة بلاجئ القوارب ونفق المانش العاطلين , وعالم لندن الباطني الاجرامي العصي علي الفهم والادراك , ولايغشاءة أو يقطنة فى الغالب الأعم سواء السياسيين والمفكرين المبعدين أوالمطاردين من حكوماتهم , والذين تشملهم الحماية والعطف والاعانات الحكومية البريطانية الشحيحة المتقشفة , اما المكتبة نفسها فأنها تحتوى وتكتنز وعلى نوع خاص بالاصدارات المختلفة خصوصا العربية واللاتينية منها والأسيوية الممنوعة , ومغرمة بالاهتمام والترويج للفيف من الشعراء والكتاب اللبنانيين والفلسطينيين والمغاربة , وحتى الصينيين المنشقين قلت لها بعد أستغراق طويل :
ـ بالطبع أعرفها وأعرفه هو شخصيا .. " , ثم أخذت على كاهلي مهمة وصف المكتبة تحديدا وبالتفاصيل المملة :
ـ أنها تقع بالضبط على يسار شارع ريد أون الصغير , المتفرع من تقاطعه مع محطة أدجاررود , لليمين مباشرة للطابق الأرضي لفرع متجر " هاروتزـ 103 ", كما أنها تقابل العطفة الشرقية لوأجهت فندق وندسورالفخيم , لتقول لى بعدها :
ـ خلاص حيلك .. حيلك .. أنت هنا كمان شيخ حارة ونحن .. ماعارفين .. ؟اا", قلت لها :
ـ وأكثر من ذلك .. الا تعلمى بأننى خبير تحكيم ومثمن عقاري وعلى يداي بيعت مقاطعة ساري ونيوتن , وحتى ضيعة ويمبلدون وضواحي مقاطعة " كنت " نفسها , وشارع بوند الشهير بحي السيتي بوسط لندن , وشقق " كوينزوي" و " كرافن هل " و" داون تاون " , والمنكوبة عن آخرها بأمثالك وأمثالها من المهرجين المبتورين والاوغاد المشاكسين ..
ـ ثم سؤال برئ .. لما تهتمين بة هكذا .. ؟اا
ـ قولى لي ولما أثار أهتمامك لهذا الدرجة .., أم هى مكايدة جديدة آخري منك ومنها ..؟.. لاواصل قائلا بتهكم :
ــ أننى أعجب كيف لفت نظرك ولهذة الدرجة من الاهتمام ؟ ولا أدرى لما تزوبون هذة الايام بالذات أعجابا فوق العادة بالغرباء وتقليعاتهم الزائفة الخليعة ؟.. الم يكن ذلك من المحرمات فى الماضي القريب ومازال ؟ .. قالت ساهمة بعيدا :
ـ بالعكس بالصدفة تعارفنا وتبادلن الأفكار فعرفت بانة يحمل بين جوانحه شوق للسودان وأفريقيا , ويدعى بأن جزورة فى ليبريا التى يضربها الايبولا الان بعنف , كما أنة يحمل شوق وحنين خاص لشوبان وبتهوفن .. فهذا مجرد تبادل شريف ليس الا ..للذوق والفن الراقي الرفيع والرؤى المشتركة " شيرنك فشن " ليس الا .. " , قلت لها :
ـ حيلك أنة لاتيني قح من جزر اللنتيل .. متسلل ومن طالبي الاقامة .. وهو يعمل الان كبائع وشريك بالعمولة .. , ولكنة فيما أعلم صيدلاني حازق يتحدث الانجليزية والفرنسية بطلاقة وخريج مميز وطموح من جامعة " لوزان ", كما أنة زميل دراسة وغربة بسويسرا للعديد من السنوات الجميلة حقا , فى ماضي الايام فوجئت بة هنا أيضا مثلك .. "قالت لى :
ــ دائما خليك مع الزمن .. , هذة هى العولمة وفتح الأسواق والتجارة بلا حدود .., ثم أنت مازلت فى تعقداتك المهتريه , وعدم الثقة وسؤ الظن وخلافه ومن أمراضك المزمنة التى لا دواء لها .. وحساسيتك المفرطة .. وأنت تسكن وتعيش .. ويا للمفارقة بوسط لندن نفسها .. ومنذ عقود من الزمان الماضى والقادم .. " .
بعدها أدارت الحديث برمته والى مسار آخر مختلف .. , تفاديا لمفجاءتها الغير محسوبة , والغير سارة أو منتظرة بتاتا كظهور تلك المتدربة الخرقاء مرة أخرى وعلنا , وأنا أجتر ملاحظتها الغير ودية وأرددها داخلي :
ـ " أنت أطلاقا أنسان غير مأمون الجانب ... ؟اا , لتقول لى فجأة وأنا أستعد لمغادرتها :
ـ كنت تقراء فى الماضى عن من تسيدو الخرطوم عموم .. زمن الغفلة وتصدروا مجالسها وصحفها .. , وهمشوا الأطراف وأراك منكب الان وكأنك تقراء لنفسك كما فى ماضي الايام " توفى السفير المفوض حسني بالخارجية شقيق كل من أنور ببنك السودان , ونارمين المحاضرة بجامعة الخرطوم وقريبة كل من ال شاهين وال عزوز بالمغتربين بحري , وصهر مهدي مدير سكك حديد السودان الأسبق , وزوج الفضلة مني شاهين رئيس نادى روتارى الخرطوم وأبن خال قنديل وهبة ممثل لجنة الراسمالية الوطنية , وأبن أخت تامر خوجلي بتوتى مدير مكتب سودانير بلندن , والرائد عصمت بالامن القومى ويقام المأتم بمنزل الأسرة بالملازمين أم درمان ومنزل أبنة المهندس غازي بالرياض , وأخيه الفريق شرطة سر الختم بالعمارات شارع وأحد وأربعين , , أما من الان فصاعدا فستنقلب الصورة والخرطوم الان فى فواتيح الالفيه الجديدة وفى منقلب من تاريخها الحديث , وستقراء علنا وبنفس النغمة وعلى نحو مقارب ولكن بوتيرة مختلفة .. " أستشهد بهجليج النقيب بالاحتياطى المركزي " أبوطيرة " ودعواض من أهالي الأراك ريفي مروى وشقيق كل من شاع الدين المحاضر بجامعة أفريقيا العالمية , واللواء ركن بركية بدلقوة المحس والرائد طيار قبيس بأكاديمية كررى الجوية , وقريب أوهاج خليفة بجمارك الخرطوم وعماد مروح بسفارة السودان بكوالالمبور , وصهر ال المونة بحجر الطير والمغاوير والقاضي النوراني بالمحكمة الدستورية العليا , والباشمهندس رغيم الشيخ محافظ المفازة والبقعة سابقا والعقيد ـ أمن جقيل أبوسيل بالدعم السريع , ويقام المأتم بمنزلة بالمعمورة مربع أربعين وستين وبالمغاوير غرب شندى وبمنزل الاسرة بتنقاسي السوق " , وهكذا الايام نداولها .. ونحن وأنتم يا حضرة الافوكادو الضليع منسيين أحياء وأموات .. , نتنأكف ويا لعجبى حول سقط متاع ليس الا .. , وفى هذة الفانية ولجج الدياسبورة الدهماء .. والعراء الخارجي الفسيح .. .
تمت ,,,
فتحي عبد العزيز محمد
ـ سوداني
أديس أببا ـ وأبشبلي هوتيل
25/10/2013ممن المجموعة القصصية القصيرة "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق