أُرِيدُهَا بِرُوحِهَا... ؟
فِي أَوَاخِرِ خَرِيفِ سَنَةِ 2020، فِي مَدِينَةِ القَيْرَوَانِ رَابِعَةُ الثَّلَاثِ وَ أُولَى المُدُنِ الإسْلَامِيَّةِ فِي الشَّمَالِ الإفٰرِيقِي، فِي حَيِّ المَنَارِ حَيُّ الأَثْرِيَاءِ الجَدِيدِ، أَمَامَ فِيلَّا مِنَ الفِيلَّاتِ الفَخْمَةِ وَ أَثْنَاءَ وُقُوفِهِ أَمَامَ خَلِيطٍ إسْمَنْتِيٍّ جَذَبَ صَابِرُ عَامِلُ البِنَاءِ هَاتِفَهُ البَسِيطَ مِنْ جَيْبِ سِرْوَالِهِ القُمَاشِيِّ مُمَنِّيًا نَفْسَهُ بِإنْتِهَاءِ شَقَاءِ هَذَا اليَوْمَ... وَ إثْرَ النََظَرِ عَلِمَ أَنَّ الشَّقَاءَ لَمْ يَنْتَهِي
فَأَمْسَكَ بِالكُرَيْكِ، مَلَئَ الجَرْدَلَ مِنَ الخَلِيطِ مُتَمَلْمِلًا مَثْلَ تَمَلْمُلِ نِهَايَةِ كُلِّ يَوْمٍ
ثُمَّ حَمَلَهُ فِي تَثَاقُلٍ إِلَّا أَنَّ صَوْتَ صَاحِبُ الفِيلَّا هَجَمَ عَلَيْهِمْ مُخْتَرِقًا شَبَكَةَ الصَمْتِ التِي أَخَاطُوهَا مُخَاطِبًا المُعَلَِّمَ (وَ هِي كَلِمَةٌ تَعْنِي رَئِيسَ البَنَّائِينَ فِي اللَّهْجَةِ التُّونُسِيَّةِ) قَائِلًا:
" -السَّاعَةُ الآنَ الثَّانِيَةُ وَ النِّصْفُ وَ إِنَّ إِرْتِبَاطِي بِمَوْعِدٍ ضَرُورِي يُجْبِرُنِي أَنْ أُغَادِرَ فلِذَلِكَ يُمْكِنُكُم المُغَادَرَةَ أَيْضًا. َو هَذِهِ أُجْرَتُكَ ،أُجْرَةُ أَحْمَدٍ وَ صَابِرٍ"
أَكْمَلَ الرَّجُلُ حَدِيثَهُ وَ غَادَرَ سَرِيعًا رَاكِبًا سَيَّارَتَهُ المَرْسِيدَسَ الفَارِهَة. حِينَهَا،إِلْتَفَتَ ثَلَاثَتُهُمْ إِلَى بَعْضِهِمْ بَعْدَ أَنْ زَالَ عَنْ وُجُوهِمْ التَّجَهُّمُ وَ إِزْدَانَتْ أَفْوَاهُهُمْ وَ عُيُونُهُمْ بِبَسَمَاتٍ مُتَبَادَلَةٍ فَرَحًا بِقُدُومِ اللَّحْظَةِ المُنْتَظَرَةِ، لَحْظَةِ جَنْيِ ثِمَارِ الشَقَاءِ .
تَوَقَّفَ كُلٌّ مِنْ صَابِرٍ وَ أَحْمَدٍ عَمَّا كَانَ يَفْعَلَانِهِ وَ تَوَجَهَا نَحْوَ المُعَلِّمِ الذِي بَادَلَهُمَا البَسْمَةَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ:
-"حَالَفَنَا الحَظُّ اليَوْمَ، لَقَدْ أَفْرَجَ عَنَّا بَاكِرًا هههه."
ظَلَّ الرَّجُلُ يُقَهْقِهُ فِي خُفُوتٍ أَثْنَاءَ نَقْدِ ثَلَاثُونَ دِينَار لِكُلِّ أَجِيرٍ إِثْرَ خَصْمَ أُجْرَتَهُ.
عَقِبَ الإِنْتِهَاءِ،قَالَ:
-"سَأَذْهَبُ إِلَى الحَانَةِ لأَشْرَبَ بَعْضَ قَوَارِيرِ البِيرَةِ، هَلْ نَذْهَبُ مَعًا."
أَجَابَ أَحْمَدُ :
-"مَعَكَ حَتَّى فِي جَهَنَّمَ ههههه."
ثُمَّ نَظَرَا إِلَى صَابِرٍ الذٍي قَالَ :
-" وَ ﷲ إِنَّ شَقَالَةَ كُسْكُسِي أُُلْقُيَ عَلَى سَطْحِهِ قِطَعُ لَحْمِ خَرُوفٍ، حَبَّاتُ حُمُّصٍ وَ زَبِيبٍ أَحْمَرٍ شَدِيدَ الحُمْرَةِ وَ قَرْعٍ قَدْ نُصِبَتْ عَلَى الطَّاوِلَةِ الزَّرْقَاءِ ذَاتِ الأَرْجُلِ القَصيرة وَ قَدْ إِلْتَفَفْتُ حَوْلَهَا أَنَا مَعَ زَوْجَتِي أَمَانِي وَ الأَطْفَالِ تُعَشِّشُ فِي خَيَالِي وَ تَفْتَزُّ مَعِدَتِي مَنَ الصَّبَاحِ لِذَلِكَ فَأنِّي أَعْتَذِرُ عَنْ مُرَافَقَتِكُمْ ب فإِنّي سَأَرْكُضُ إِلَى العَمِّ حُسَينٍ الجَزَارَ فِي شَارِعِ النَّحَّاسِينَ قَبْلَ أَنْ يُغْلِقَ مَحَلَّهُ فَكِيلُوغِرَام الهَبْرَة لَدَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارٍ فَقَطْ. "
نَظَرَ أَحْمَدُ إِلَى مُعَلِّمِهِ مُحَمَّدٍ غَامِزّا ثُمَّ قَالَ :
-" إِنَّهُ يُحِبُّ الدِّفْئَ... الأُسَرِيَّ ههههه"
ضَحِكَ صَابِرُ مُجِيبًا :
" - بَلْ إِنَّنِي مُتَيَّمٌ بِهِ ههههه.هههه طَيِّب، نَلْتَقِي فِي الغَدِ إِنْ بَقِينَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا.
تُصْبِحَانِ عَلَى خَيْرٍ وَ سَعَادَةٍ. "
أَتَمَّ صَابِرُ جُمْلَتَهُ الأَخِيرَةَ، سَحَبَ دَرَْاجَتَهُ الزَّرْقَاءَالعَتِيقَةَ جِدًّا ثُمَّ إِمْتَطَاهَا بِسُرْعَةٍ مُمَنِّيّا نَفْسَهُ بِشَقَالَةِ الكُسْكُسِي قَاصِدًا شَارِعَ النَّحَاسِينَ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ مُدَنْدِنًا أُغْنِيَة الفَنَّانََ المِصْرِي مُحَمَّد مُنِير رَبَّك لمَّا يريد أحلامنا حتتحقق...
بَلَغَ الرَّجُلُ الجَزَْارَ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ سَمَحَت بِهِ طَاقَةُ جَسَدِهِ التِي شَارَفَت عَلَى الإِنْتِهَاءِ، إِشْتَرَى اللَحْمَ و هُوَ مازَالَ مُحَافِظًا عَلَى إِنْشِرَاحِ صَدْرِهِ ثُمَّ مَرَّ إِلَى مُرَادٍ بَائِعُ التَّبْغِ، وَ هُوَ رَجُلٌ شَبِيهٌ بِفَرَسِ نَهْرِ ضَخْمٍ دَائِمُ الجُلُوسَ عَلَى كُرْسِيٍْ بَلَاسْتِيكِيٍ أَبْيَضٍ.
أَفْشَى السَّلَامَ ثُمَّ سَأَلَهُ:
-"هَلْ يُوجَدُ دُخَانُ الكِرِيسْتَال؟"
أَجَابَ:
-"لَا،مَقْطُوعٌ."
حِينَهَا،تَذَكَّرَ حَدِيثَ صَدِيقَهُ أَمِينَ المُثَقَّفَ حَيْثُ حَدَّثهُ أَنَّ صُنْدُوقَ النَّقْدِ وَ البَنْكَ الدُّوَلِيَانِ،الدَّوَلَ الفَاعِلَةَ فِي تُونُس وَ الأَحْزَابَ اللِّيبِيرَالِيَةَ التُّونُسِّيَةَ الحَاكِمَةَ تَسْعَى إِلَى لَبْرَلَةِ الإِقْتِصَادِ التُّونُسيّ أَي أَنَّهَا تَسْعَى إِلَى خَوْصَصَةِ القِطَاعَاتِ الإِسْتَرَاتِيجِيَّةَ وَ أَسَاسًا قِطَاعَيِّ الصّحَةِ وَ التَّعْليمِ إِضَافَةً إِلَى مَنْعِ الدَّوْلَةَ مِنَ الإِسْتِثْمَارِ لِذَلِكَ سَيَقَعُ التَفْرِيطَ فِي الشَّرِكَاتِ العُمُوميَّةِ عَبْرَ إفْتِعَالِ المَشَاكلَ فِيهَا كَتَردِي الخَدَمَاتِ وَ وَ بَيْعِ السِّلَعِ إِلَى أفْرَادٍ أَوْ لُوبِيَاتٍ دُونَ التَّصَدِّي لَهُمْ حَتَّى تَبْلُغَ مَرْحَلَةِ الإِفْلَاسِ كَالشّرِكَةِ التُّونُسِيَّةِ لِلتَّبْغِ وَ الوَقِيدِ وَ الخُطُوطِ التُّونُسِيَّةِ التِي مِنَ المُتَوَقَعِ إِعْلانُ إِفْلَاسِهَا فِي وَقْتٍ قَرِيبّ وَ كَذَلِكَ أَيْضًا إِلْغَاءَ الدَّوْرَ الإِجْتِمَاعِيَّ للدَّوْلَةِ.
إنْزَعَجَ صَابِرُ بِإِسْتِرْجَاعِ حَدِيثِ صَاحِبِهِ وَ عَدَمِ إِقْتِينَائِهِ عُلْبَةِ التَبْغِ لَكِنَّ صُورَةَ شَقَالَةَ الكُسْكُسِي أَزَالَت عَنْهُ ذَلِكَ الإِنْزِعَاجَ.
تَنَاسَى الأَمْرَ ثُمَّ إِمْتَطَى دَرَّاجَتَهُ حَامِلًا ثَمْرَةَ شَقَاءَ يَوْمِهِ مُتَّجِهًا نَحْوَ حيِّ المَلَاجِئ.
(حَيٌّ مِنَ الأَحْيَاءِ الشَّعْبِيَّةَ فِي المَدِينَةِ.)
بَلَغ الرَّجُلُ بَابَ دارِهِ،فَتَحَهُ،أَدْخلَ الدَّرَّاجةَ ثُمَّ دَخَلَ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ مُدَنْدِنًا نَفْسَ الأُغْنِيَة.
وَلَجَ إِلَى الفِنَاءِ،لتسْتَقْبِلَهُ أَمَانِي بِوَجْهٍ كَأَنَّهُ جَمْرَةً مِنْ بُرْكَانٍ مُتَّقِدٍ.
بُهِتَ صَابِرُ وَ إِتَّسَعَت عَيْنَاهُ إِسْتِغْرَابًا فَسَأَلَ عَلَى عَجَلٍ:
_"مَاذَا حَدَثَ؟"
أجَابَت مُومِئَةً إِلَى أَحَدِ الأَبْوَابِ
_" لَقَدْ قُضِيَ الأَمْرُ"
رَفَعَ الرَّجُلُ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَدْ شَارَفَ عَلَى الكُفْرِ بِالَلَّهِ كُفْرًا بِهَذِهِ اللَّحْظَةِ لَكِّنَّهُ أَمْسَكَ لِيَدْخُلَ إِلَى أَيْنَ أَوْمئَت زَوْجَتَهُ،فَصَلَ الأُنْبُوبَ عَنِ الجُثَّةِ، أَلْقَاهَا عَلَى كَتِفِهِ وَ غَادَرَ دُونَ أَنْ يَنٰبِسَ بِبِنْتِ شَفَة.
مَشَى فِي النَهْجِ حَامِلًا مُصِيبَتَهُ عَلَى كَتِفَهُ،إعْتَرَضَهُ جَارُهُ ثُمَّ جَارَتُهُ وَ آخَرُونَ فَنَظَروا إِلَيْهِ نَظْرَةَ حُزْنٍ وَ تَأَسُّفٍ رَاجِينَ مِنَ ﷲ أَلَّا يُصِيَبَهَُم مَا أَصَابَهُ.
بَعْدَ أَنْ مَشَى زُهَاءَ العِشْرُونَ مِتْرًا بَلَغَ الحَانُوتَ الأَؤَّلَ ،وَجَدَ صَاحِبَهُ جَالِسًا أَمَامَهُ،هَمَّ بِالسُّؤَالَ لَكِّنَّهُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لمَّا لَمَحَ الجُثَثَ مُلْقَاةٍ فِي رُكْنٍ مِنَ الأَرْكَانِ فِي إِهْمَالٍ.
وَاصَلَ مَشْيَهُ إِلَى الثَّانِي،إِلَى الثَّالِث...إِلَى التَّاسِعِ وَ لمَّا دَخَلَ إِلَى العَاشِرِ سَأَلَ البَائَِعَ:
"-هَلْ لَدَيْكَ قَارُورَةَ غَاز؟"
أَجَابَ فِي ضِيقٍ بَعْدَ أَنْ ضَاقَ ذَرْعًا بِهَذَا السُّؤَالِ:
"-لَدَيّا الجُثَثُ فَقَطْ."
"-أُرِيدُهَا برُّوحِهَا،مَعِي جُثَّةٌ."
-"هههه وَ ﷲ يَا وَلَدِي مُنْذُ إِعْلَانِ رَئِيسِ الحُكُومَةِ عَقِبَ التَّوْقِيع عَلَى إِتِّفَاقِ الكَامُورِ أَنَّهُ سَيَعْمَلُ عَلَى عَقْدِ إِتِّفَاقِيَاتٍ مَعَ بَقِيَّةِ الوِلَايَاتِ إضَافَةً إِلَى تَصْرِيحِ رَئِيسَ مَجْلِسَ النُّوَّاب حَيْثُ قَالَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ إِكْتِفَاءِ أَهْلِ الدّارِ قَرَّرَ عَدَدٌ مِنْ شَبَابِ وِلَايَةِ قَابُسَ الإِعْتِصَامِ أَمَامَ المَجْمَعِ الكِيمْيَائِي المُنْتِجُ لِقَوَارِيرِ الغَازِ فِي إِعْتِصَامٍ أَطْلَقُوا عَلَيْهِ إِسْمَ إِعْتِصَامِ الصُّمُودِ 2.
بَعْدَ أَنْ آتَى إِعْتِصَامِ الكَامُورِ أُكْلَهُ
آمَنَ الشَّبَابُ العَاطلُ عَنِ العَمَلِ أَنَّهُ الحَلُّ للضَّغْطِ عَلَى الحُكُومَةِ وَ هَا قَدْ إِنْقَطَعَ التَّزَوُّدَ بِقَوَارِيرِ الغَازِ فِي الجَنُوبِ وَ الوَسَطِ كَمَا إِضْطَرَبَ فِي الشَّمَالِ وَ لَا حُلُولَا تَبْرُزُ فِي الأُفُقِ"
ظَلَّ صَابِرُ مُحْتَارًا فِي أَمْرِهِ أَتُرَاهُ يُوَاصِلُ البَحْثَ أَمْ أَنَّهُ يَقْتَنِي كِيلُوغَرَامَين مِنَ الفَحْمِ وَ كَفَى المُؤْمِنِينَ شَرُّ القِتَالِ حَتَّى دَخَلَ صَدِيقُهُ المُثَقَّفُ أَمينٌ حَامِلًا قَارُورَتَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَ قَدْ هَمَّ بِالسُّؤَالِ بَعْدَ أَنْ أَفْشَى السَّلَامَ إِلَّا أَنَّ صَابِرَ سبقَهُ فَقَالَ:
-"لَا يُوجَدُ يَا أَمِينُ لَا يُوجَدُ."
أَجَابَ:
-"ههههههههه أَنْتَ أَيْضًا، يَبْدُو أنَّ جَمِيعَ النّاسِ قُبِضَت أَرْوَاحُ قَوَارِيرُهُم مَعَ بِدَايِةِ هَذَا الإِعْتِصَامِ ههههه."
-"وَ مَا الحَلُّ يَا أَمِينُ؟"
-"إِممممم يُمْكِنُكَ البَحْثَ عَنْ قَارُورَةٍ بِثَلَاثِ أَضْعَافِ ثَمَنِهَا مَثَلًا كَمَا سَمِعْتُ أَوْ الذّهَابَ إلَى ذَلِكَ المَعْمَلِ الذِي فِي المِنْطَقَةِ الصِّنَاعِيَّةِ وَ الوُقُوفَ فِي صفٍّ يَبْلُغُ طُولَهُ نِصْفَ كِيلُومِتْرٍ عَلَى الأَقَلِ أَوْ إِنْتِظَرِ دُوَلَ شَمَالَ المُتَوَسَّطَ وَ الجَزَائَرَ لتَضْغَطَ أَوْ تُساهِمَ فِي تَوفِيرَ حَلٍّ فَإسْتِقْرَارُ تُونُسَ و إِنْ كَانَ إِسْتِقْرَارًا مُضْطَرِبًا هَشًّا كَإسْتِقْرَارِنَا أَفْضَلُ لَهُمْ مِنَ الفَوْضَى التِي قَدْ يَنْتُجَ عَنْهَا تَدَفُقٌ للهَارِبِينَ مِنَ الفَوْضَى وَ لِمَنْ كَانُوا بِاِنْتِظَارِهَا للهِجْرَةِ فَأَغْلَبِيَّةُ الشَّعْبَ تَرَى أَنَّ حَلُّ جَمِيعَ مَشَاكِلِهِم هُوَ الهِجْرَةُ نَحْوَ الشَّمَالِ وَ وُجُودَ سُلْطةً حَاكِمَةٍ فِي تُونُسَ مَسْأَلَةُ أََمْنٍ قَوْمِيٍ عِنْدَهُم "
-" مَا أَبْرَدَ دَمَّكَ يَا صَاحِبِي اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي الصَّبْرَ، طَيِّب تُصْبِحَانِ عَلَى خَيْرٍ طَبْعًا إِنْ ظَلَّ هُنَاكَ خَيْرٌ فِي هَذا البَلَدِ. "
عَادَ صَابِرُ إِلَى دارِهِ مِنْ نَفْسِ الطَّرِيقِ وَ النّاس تَنْظُرُ إِلَيْهِ نْفْسَ النَّظَرَاتِ...
لَمَّا بَلَغَها دَخَل،أَلْقَى القَارُورَةَ الفَارِغَةَ بِقُوَّةٍ ،وَلَجَ إِلَى غُرْفتِهِ ثُمَّ أَلْقَى بِجَسَدِهِ المُرْهَقِ عَلَى سَرِيرِه وَسَطَ مُتَابَعَةِ أَمَانِي لحَرَكَاتِهِ بِعَيْنَيْهَا فِي صَمْتٍ تَامٍ.
خَلَدَ صَابِرُ للنَّوْمِ سَرِيعًا لِتَنْبَثِقَ فِي أَحْلَامِهِ عَلَى بُعْدِ أَمْتَارٍ مِنْ مَكَانِ وُقُوفِهِ شَقَالَةُ الكُسْكُسِي،نَعَم إِنَّهَا تُلَاحِقُهُ،رَكَضَ إِلَيَْهَا لَكِّنَّهُ لَمْ يَجِدْهَا إِنَّمَا وَجَدَ قَارُورةَ غَازٍ جَدِيدَةٍ،هَمَّ بِإحْتِضَانِهَا لَكِنَّ يَدًا سَبَقَتْهُ إِلَيَْهَا،نَظَرَ فَإذَا بِهِ مُعَلِّمُهُ مُحَمَّدٌ،صَرَخَ فِيهِ وَ هُوَ جَاثِمٌ عَلَى رُكْبَتَيْهِ:
"-يَا مُعَلِّمِي إِنَّهَا قَارُورَتِي."
أَجَابَ :
"-كَلَّا إِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ وَ حَتّى إِنْ كَانَتْ فَبِمُقْتَضَي سُلْطَتِي عَلَيْكَ فَإِنَّهَا لِي."
أَجَابَ صَابِرُ وَ قَدْ إِشْتَعَلَتْ عَيْنَاهُ شَرَارًا:
"-لَا سُلْطَةَ فِي الفَوْضَى."
ثُمَّ إِسْتَلَّي مُسَدْسًا مِنْ بَيْنِ طَيَّاتِ ثِيَابِهِ، أَطْلَقَ رَصَاصَةً عَلَى يدِهِ وَ أُخَرَى عَلَى رَاْسِهِ إِخْتَرَقَتْهُ وَ أَمْسَكَ بِغَنِيمَتِهِ،إِحْتَضَنَهَا،قَبَّلَهَا ثُمَّّ ركَضَ بِهَا فَرِحًا مَسْرُورًا.
رفيق بوجاه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق