السبت، 30 يناير 2021

تأويلية الصمت بقلم د. فوزية ضيف الله

 تأويلية الصمت

كنت أقرأ مقالا لدريدا. لا علاقة له بالصمت. ولم يكن الجو من حولي صامتا. يتحدث المقال عن سوق الفن في الأصل. ولكن بين طيات المقال وجدت نثرا عن الصمت يشبه الشعر.
يذكر صاحب المقال قولة لجون كاج «ان انسجامي ، هو الذي يقحم الضجيج». ويضيف قائلا كل ضجيج يساهم في نظام الصمت. في الواقع كاج يريد الاعتراف بالمشاركة في الصمت، من جهة أن كل صمت ذاتي هو عودة إلى الذات. وهو ينطلق من مذهب بوذي مفاده أن الصمت هو فوضى، خواء إيجابية علينا أن نتعلمها حتى نتقبله ونستعمله ايجابيا.
ما علاقة هذا بسوق الفن؟
عندما يصبح الخطاب مشتركا، كونيا، فانه يدخل السوق مثل السلع والآثار المعروضة. في حين ان حسن إنشائية الأثر تعود إلى صمت الذات المبدعة وانشغالها بذاتها...لذلك ينبغي أن ننقذ الصمت حتى في الخطاب المشترك او العمومي. فالصمت هو تعبيرية ومقاومة لكونية الكلام، والصمت ضروري لنلتقي بالآخر في صمته متى أمكن ذلك.
ثمة صمت ينبغي أن يحافظ على حظوظه في التقائه بالآخر. وهذا ينطبق على الموسيقى...أيضا..ثمة ضجيج. ولكنه ضجيج يحافظ ويطلب الصمت والانصات.
ان الرسم هو أكثر الفنون صمتا، والنحت، والهندسة، انها فنون صامتة. ولكن هذا الصمت مختلف عن الصمت في الشعر او في الموسيقى. لذلك علينا ان نحافظ في الكلام على الكلام نفسه، صمت ما، ضد كل ضياع للكلام ضمن الكمية والهيمنة الاقتصادية. ثمة ضروب من الكلام لا تنجح إلا عبر الفن، هو فن حفظ الصمت، وثمة طرق الصمت لا تحافظ على أدنى درجات الصمت.
ثمة آلاف من الطرق حتى نصمت، ولكن هذه الطرق لا تنتمي إلى نظام الصمت.
د. فوزية ضيف الله
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق