الجمعة، 23 أكتوبر 2020

طواف على أرخبيل الشّعراء بقلم إبتسام عبد الرّحمان الخميري مقدمة الديوان الثاني "في رحاب الوجدان"

 مقدمة الديوان الثاني بقلم الناقدة الأستاذة ابتسام الخميري

""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
طواف على أرخبيل الشّعراء
بقلم إبتسام عبد الرّحمان الخميري
انتابتني رهبة و بهجة في آن و أنا أقدّم هذا العمل المشترك سلسلة "في رحاب الوجدان" فقد وقفت في حضرة الشّموخ الفكري و الأدبي لمجموعة من الأقلام التّونسيّة...
هي مجموعة التقت و اجتمعت لأنّها آمنت بتجربة مميّزة من شأنها إثراء السّاحة الأدبيّة التّونسيّة و العربيّة... و العمل على تقديم باقة من بستان الأشعار المختلفة اللّون و الرّائحة... باقة تحمل معها القارئ إلى عوالمها الخاصّة على اختلافها.
"في رحاب الوجدان" هيبة العنوان تدعوك إلى التّأهّب والاستعداد النّفسي والفكري لولوج هذه العوالم المتغيّرة المختلفة، هي كلمات تغوص في عمق الحرف فتنثر للمتلقّي همسات وموسيقى... هي حروف تبحر في انسيابيّة زمن شاعريّ، فتنتقل بالقارئ عبر أروقة شعريّة متميّزة تدغدغ حسّه وفكره فيطرب لها.
ولأنّ الشّعر هو كشف فاضح لأغوار الذّات الشّاعرة وعزف على وتر الوجدان والإحساس، تفضح وتكشَف لنا الذّوات الشّاعرة في هذه السّلسلة " في رحاب الوجدان"، هو تعرٍّ جميل نسافر فيه مع أقلام هذه الكوكبة المساهمة من شعراء وشواعر تونسيّة...
بل يحقّ لنا القول أنّنا أمام "سنفونيّة بيتهفن"، عزف على إيقاع مختلف في تناغم وانسجام تامّين يكوّن هذا الأثر فتتصاعد الألحان، تعلو حينا وتنخفض أخرى لتعود إلى الصّعود وتحملنا معها بصخبها وضجيجها العارم كأنّنا نركب أمواجا غريرة. هي المشاعر المزدانة حيويّة ونشاطا. حماسة هي الذّات الّتي تحيى ملحمة بطوليّة حينما تسترجع مجدها أو هكذا تحتفل بأرضها بمكانها، بجذورها، بوطنها... ثمّ ينبري العزف في نزول بطيء، خجولا ربّما؟؟ إذا صحّ القول مع الذّوات العاشقة الملتاعة الرّافضة للواقع الّذي تعيشه في هذا العالم باختلاف ألوانه... بحثا عن السّكينة والسّلام، بحثا عن الحبّ الخالص الرّافض للمشاعر الدّونيّة...
أقلام هذه السّلسلة الثّانية اجتمعت في ملحمة الحرف تأتلق، تنتفض، ترفض، تستكين وتنبش أغوارها لتعود إلى الإصرار والإيمان بأهميّتها كذات فاعلة في الوجود، نجدها أيضا ذات المرأة كقيمة إنسانية وجوديّة... فهذا قلم يمجّدها ويحتفي بألوانها وعطرها وتفرّدها في الحياة... باعتباره الشقّ الآخر المشارك لها في الحياة، هو صوت الشّاعر. بيد أنّ صوتها يصّاعد عشقا للحياة، للحرف المميّز، وكبرا حينما تعلن رفضها لذلك الآخر المهين لمشاعرها، الخانق لها، لذاتها، فتطلّق عنها كلّ ما يثبّط من عزيمتها وتظلّ تعلو بصوت أنثوي دافق كلّه صدقا وشاعريّة... في لوحة بهيّة الألوان رسمتها الحروف.
في سلسلة " في رحاب الوجدان" تعدّدت الألواح الفنيّة باختلاف أضوائها فكوّنت لنا فضاء شعريّا رحبا بالمعاني و الدّلالات و الاستعارات... و إن اختلفت التّيمة (الموضوع) فإنّ الحقل الإنساني الوجودي ينبض فيكشف لنا عمق ذات الشّاعرة المتماوجة بين تناقضات مختلفة (أمل/ يأس/ حنين/ قنوط..) وبحثا عن ماض تليد وكشف لمدى وطنيّته فجاءت قصائد تتغنّى بالوطن وتمجّد التّاريخ وترفض الخنوع... ثمّ تكون مرآة عاكسة لدواخلها المترعة حزنا و ضياعا...
الإيقاع الموسيقي عموما يبرز حينا ليختفي حينا آخر كأنّها حياة لا تستحقّ العزف... تسيل المفردات انسيابيّة صامتة، بلا موسيقى، بلا استعارات لكنّها تهمس وكفى...
هو الشّعر و الشّعور والشّعراء في تداخل متين جميل يؤلّف سلسلة " في رحاب الوجدان".
" في رحاب الوجدان" فكرة تكبر وتعظم محمّلة عطاء لا متناهيا ليهلّل في سماء الأدب بلون قوس قزح... هي رسالة تعمل على إثراء الحقل الثّقافي التّونسيّ... كأنّنا أمام صلاة لها طقوسها تعلن: "يا شعراء العالم اتّحدوا".
فشكرا لهذه الأقلام الباذخة صدقا و غزارة مشاعر...
عزيزي القارئ ندعوك أن تقرأ و تكتشف هذا الدّيوان فحتما ستجد ضالّتك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق