على هامش الإحتفاء يعيد الجلاء:
الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي يطرّز قصيدة في حب البلاد-تونس-
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ الشعر هو لغة القلوب ومرآة النفوس، يعبر عن الخلجات الغامضة ويكشف عن الإحساسات الدفينة،يخاطب الوجدان والعاطفة ويستلهم الوحي والخيال وينفذ إلي أعمق ما فى الإنسان و الطبيعة، يقوم علي اللفظ الرشيق و التصوير الدقيق والتشبيه العميق والنغم الرقيق وقد سمى الشاعر شاعرا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره.
قال الجاحظ في رسالة الحنين إلى الأوطان: كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه. الوطن في اللغة العربية كما جاء في لسان العرب..هو المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله،ووطن المكان وأوطن أى: أقام متخذا إياه محلا وسكنا يقيم فيه،فالوطن هو المكان الذي ارتبط به الإنسان،فهو مسقط الرأس،ومستقر الحياة،وسكنه روحاً وجسداً،وهام به حباً وحنيناً، فحب الوطن والالتصاق به وحب البقاء فيه من الأمور الفطرية لدى الإنسان.
والمتأمل لقصيدة شاعرنا الكبير د-طاهر مشي (عيد الجلاء) يجد حب تونس يسري بين شرايينه وينبض به قلبه وقلمه..فها هو يقول على هامش الإحتفاء بعيد الجلاء:
عيد الجلاء
سلاما لمن خلد المجد يوما
وصان البلاد وصاغ الوفاء
وصد الطغاة العصاة أبيا
وذاد الحمى في زمان الرياء
لتبقَ بلادي برمز السلام
يغني بها الطير أنّى يشاء
وفي حضنها شعبنا يستكين
ومن أجلها قد يروم الفناء
مضى العهد كانت بلادي سبيلا
وطاغ بها يستبيح الحياء
فكانوا رجال البلاد العظام
كسد منيع بأرض النقاء
فمنهم زعيم ومنهم جنود
ومنهم رعاة بذاك المدى
بعزم يصدون ظلم الأعادي
سقوا أرضنا الطهر سيل دماء
ومن طيبها الأرض جادت عطورا
ومن عزمهم عم فيها الضياء
لنمضِ على عهدهم صامدين
وفي ذكرهم شعبنا في احتفاء
نصوغ القصائد في كل عيد
ونذري دموع المآقي هباء
فدعنا أيا شعبنا نستعن
على مجد تونس كفانا رياء
فكل الورى للعلا يطمحون
لهذي البلاد لهم انتماء
أنا من نسجت الحروف إليهم
أنا من سرجت حروف الهجاء
وفي كل نظم لهم فيه بيت
وفي كل بيت إليهم بناء
أجدني كطيف يجوب الدروب
وصوت يجيب يرد النداء
وطود نجاة بكل البحار
وجسر عبور لهم والرداء
فكانوا سلاما لقلبي الأبي
وكنت على العهد رغم العناء
فسرنا على دربهم من سنين
فكم من شهيد سما للعلا
وفي نشوة الصب تجري الدموع
لنحيَ بذكراه عيد الجلاء
(طاهرمشي)
الشاعر فنان يرسم لوحة تشكيلية بالكلمات لن يتذوق جمالها إلا عاشق الجمال. والناقد مرآة من زجاج مجهري يظهر ذلك الجمال لضعاف البصر في شاشة الشعر.
والقصيدة التي طرّزها الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي جاءت في شكل لوحة فنية في منتهى الروعة والجمال بل كهف من الكنوز..
لذا أدعو القراء الكرام للولوج إلى مخازنها والاغتراف من معادنها النفيسة.إكراما لوطنية هذا الشاعر الفذ الذي ذاع صيته في أرجاء تونس وخارجها.
قبعتي يا شاعرنا الكبير-د-طاهر مشي
(محمد المحسن)



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق