ظاهرة الحزن في قصائد الشعراء: قصيدة"ترفّق بي أيها الغياب" للشاعر التونسي الكبير جلال باباي نموذجا
(تقديم محمد المحسن)
اهتم النقاد بالمسائل التي تتعلق بعملية إبداع القصيدة أو (بواعث القول) بنفس درجة اهتمامهم بالقصيدة وجمالياتها وجوانب التميز فيها، فمرحلة (ما قبل) ولادة القصيدة وطقوس الشعراء في مرحلة المخاض الشعري مواضيع يكتنفها شيء من الغموض ولها جاذبية خاصة لدى المتلقين والنقاد، لذلك نجد حرصاً كبيراً منهم على تتبع الطقوس والبواعث ودراستها؛ ولعل أشهر المقولات التي تتحدث عن بواعث الشعر هي التي تُشير إلى أن «امرأ القيس أشعر الناس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب»..!
وإذن؟
ظاهرة الحزن إذا في الشعر العربي المعاصر،مالبثت تزداد إنتشارا افقيا ورأسيا ..
أفقيا منذ نازك الملائكة وحتى اليوم وفي جميع اجيال الشعراء،شبابا وكهولا..
ورأسيا في تنوع تناولها من حيث الصورة الفنية والتجربة الشعورية وزاوية التناول .
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع:
هل يعود ذلك الى واقعنا العربي الذي يزداد سوءا، ظلما”و ظلاما ، وقمعا للحريات وتنكيلا بالمواطن العربي،بدءا من لقمة العيش، وحتى القتل بسبب الرأي او بسبب الكلمة الحرة .؟؟
ختاما أقول: ظاهرة الحزن في شعر الشعراء،ظاهرة ليست عابرة،بل ظاهرة اصيلة ترتبط بالواقع الاليم والمضطرب الذي يعيشونه، فيحاولون التعبير عن رفض هذا الواقع والتمرد عليه في سبيل واقع جديد ومستقبل افضل .
لنقرأ هذه القصيدة الموجعة التي خطتها أنامل الشاعر التونسي الكبير جلال باباي،ولكم حرية التفاعل والتعليق:
ترفٌق بي أيٌها الغياب
نام جناحي الطيني
وبدت ذراعي اليسرى عصا يابسة
والقلب جاف ويتيم
كيف مللتني يا جسدي؟
وحدي شارد الخطوات
أبحث عن عمري ما استطعت/
أقاوم فيه الوحش قبل أن انكسر/
ترفق بي أيها الغياب/
انهض يا شقيق الملح بكامل طيشي/
قبل أن تتكاثر ثعالب الأرض /
تنقصني الأجوبة ...
لم أعثر على بوصلتي في المتاهة /
لأسند ظلي المتهالك على شجر النخيل/
ها أتمالك عريي واحفظ ماء وجهي
حتى لا أستسلم للسقوط.
جلال باباي


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق