السبت، 10 أكتوبر 2020

حالة تمرد .. قصة قصيرة للكاتبة هدى حجاجي

 حالة تمرد .. قصة قصيرة

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
كانت عيناها الدليل الوحيد على أنها قد استيقظت من نومها ..فقد فتحهما في هدوء مع احتفاظ سائر أعضاء جسدها بوضعها الذي كانت عليه وكان العضو الذي قام بالحركة بعد العنيين مباشرة هو عقلها ...فلقد بدأ ت تتحرك ببطء ليذكرها بذلك الحلم السخيف الذي كانت يعانى منه أثناء النوم ..وكأنما لذ لها أن تستعيده مرة أخرى في يقظتها انتقاما من ذلك الرعب الذي صاحبها في نومها. تركزت عيناها على سقف الحجرة وهما لا تكادان تريان إلا ذلك الحلم الذي ينشط العقل الآن بشيء من المعاناة في إعادته. ها هي تسير في مقر عملها ...فجأة تشعر بدوارن وضعف شديدين تسقط على الأرض ..يسرع إليها الزملاء يحملونها إلى مقعد وثير تتكاثر من حوله الأسئلة وتتناثر الكلمات وهي جالسة في شروده كأن الامر لا يعنيها تشير في بطء إلى ساقها اليمنى يكتشفون معها أنها لا تتحرك –يحاول الجميع إصلاحها لكنها ساق لعينة ..ترفض الإستجابة لهم ..ينقلونها إلى المستشفى ،يقوم الأطباء بعملهم ذهبت كل جهودهم سدى ..كان صامتة حتى الآن ..يصر الأطباء على ضرورة أن تتكلم ..خرج صوتها واهنا خفيضا ..فرح الجميع إلا هي ..أغلق الأطباء الحجرة .سألوها إن كانت تقبل صداقتهم ..وافقة سألوها :هل هناك أمر ما في داخلك تكتمينه ويعذبك كثيرا؟ أجابت.. نعم ناشدوها أن تبوح لهم به بعد تأكيدهم بضمان سريته رفضت سألوها :هل هذا الامر شديد الأهمية بالنسبة لأحد غيرك ؟ أجابت :بل شديد التفاهة . سألوه ا:لماذا لا تقولي إذن؟ أجابت : لا لا أستطيع توعدوها بان ساقها ستكون الثمن . ردها الوحيد بأنه حتى لو كانت حياتها هي الثمن.
أمر الأطباء بإعطائها حقنة غابت بعدها عن الوعي انتهت من استعادة حلمها الكئيب ...لكن ..ما هذا؟ مازال الحلم يحاصرها حتى بعد يقظتها نفس السرير ..نفس الحجرة بل نفس الوجوه التى كانت بالحلم هي التى تراها إذن هي فى مستشفى حقيقي وكل ما مر بها لم يكن سوى الحقيقة المجردة وليس حلما ..فجأة تذكرت ساقهااليمنى تلك التي رفعت راية العصيان في وجهها ..حاولت تجربتها وجدتها ما زالت تعصاها ...تجاهلت كل الوجوه التي تحمل ابتسامات اجبارية من حولها ....مرت لحظات قصيرة لكنها كانت كافية لأن تستعيد في ذهنها جزءا كبيرا من حياتها كيف كانت. إنها تعيشها بلا نظام وتستخدم أعضاء جسدها بلا رحمة وتستنزف عقلها وأعصابها بلا حدود وما ذلك إلا لأنها توجد بالحياة فى تلك الفترة من الزمان.. كم سألت نفسها فيما مضى إلى متى سيظل جسدها وعقلها تتحملها بلا تمرد أو عصيان رغم قسوتها وجبروتها؟
وكانت تتعجب من تحملها واستكانتها لكن ها هي كل المقاييس تختلف ... وتم رفع راية التمرد والعصيان في وجهها وكانت ساقها اليمنى أول من تقدم لحملها .. والأن يحاول الأطباء استرضاءها ..لكنها ابدا لن ترضخ قبل أن ترضخ هي وأيقنت أنها علة استعداد للرضوخ .لكن هل تستطيع الاستمرار ؟ أعادها صوت الطبيب إلى واقعها وهو يقول :لقد قررنا بقاءك معنا في المستشفى عدة أيام ....صاحت بدون تفكير : لا لا ورغم كل ما قيل بعد ذلك قالت أيضا :لا . قامت بالتوقيع على إقرار تحملها المسئولية ....ذهبت إلى منزلها ...رفضت كل اقتراحات العلاج ...كل ما طلبته فقط يومين راحة وفى اليوم الثالث كانت بين زملائها في العمل سليمة معافة .
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
الكاتبة هدى حجاجي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق