الأربعاء، 26 أغسطس 2020

*إعتذار - بقلم // عماد محمد ...

 *إعتذار - بقلم //   عماد محمد ...


يوم الجمعة يحظى بنكهة مميزة بالنسبة لي حيث أجتمع مع عائلتي على وجبة  الفطور بعد أسبوع دراسي شاق.

ومع أنني أحب الإجتماعات العائلية إلا أنني أكره جلب الخبز

كان الجو غائم وكأن السماء تحاول التخفيف من غضبي تمتمت ببعض الكلمات مع نفسي لعل ذلك ينسيني مشقة الطريق.

حتى رأيت رجلاً كبيراً في السن يحاول جاهداً أن يحدد ملامح الطريق بإستخدام عصاه.

ذهبت مسرعاً إليه وأخذت بيده لعلي أخفف عنه ما أثقلت عليه الأيام عندها سألني مبتسماً:

- إبن من أنت يا ولدي ؟!

ما أن أخبرته باسمي الكامل قال مبتسماً :

-إن عائلتك هم عائلتي!!!

لم أفهم ما كان يقصد و أخبرت نفسي أن لا أهتم لحديثه رددت عليه قائلاً

-حياك الله  .. 

أعلم أن هذه الجملة ليست في مكانها الصحيح ولكن

حاولت ان ابدو لطيفاً معه ،وانا اتفحص وأشاهد  ماقد تفعله السنوات في الإنسان فقد أخذت بصره ونحتت عظمه  و انحنت قامته ووزعت التجاعيد بشكل متساوي على ملامح وجهه 

وأثناء انشغالي تأمله فاجئني وقال لي :

-ياولدي لماذا لا تتكلم ؟! 

أجبته وانا أهز كتفي :

-ليس لدي ما اقوله لك .! 

ابتسم المسن وقال : 

-اما انا لدي الكثير لأخبرك به إن أردت ذلك .! 

أردف غير مبالياً ما اذا كنت مستعدا لسماعه :

-لم اكن اتخيل انني سوف اقوم بالاعتذار يوماً عن شيء لم اكن اقصده .. 

تنهد بعمق وقال وكأنه يتحدث مع نفسه 

-ولكن اتضح لي ان كلما كبرت في السن 

وتمر بك السنين تستطيع التفريق بين الأفعال التي كنت تظن انها صحيحه لتكتشف بعدها أنك كنت على خطأ.. 

أبديت اهتمامي بما يقوله حتى يتابع حديثه بأريحية :

-نعم .. 

تابع حديثه :

-يمكن للإنسان أن يجد طريقين في الحياة أحدهما يأخذك إلى نفس الطريق الذي أنت فيه أما الآخر فيقوم بنقلك إلى عالم أكثر سلاماً ورحمة ...

حاولت مقاطعته لأنني لا أفهم ما يحاول إخباري به ولكن لم تجدي مقاطعتي نفعاً :

-أنت المسئول عن نفسك هل تواصل في التفكير و الخوض في تفاهات الحياة أم أن عقلك وروحك ستختار اتجاهاً أنت لا تعرفه ولكن يمكنك الإحساس به ، يمكنك أن تلاحظ أثر ذلك الطريق في حياتك اليومية ومع أنك تمشي في الجانب الصحيح إلا أن نفسك الأمارة بالسوء تأخذك إلى حيث كنت أنساناً بليداً متخلفاً لا تعي ما حولك ..

اقتنصت سكوته للحظة من الزمن أخبرته أننا شارفنا على الوصول إلى مكانه المحدد لعله ينهي حديثه. 

هطلت بعض حبات المطر وداعبت تجاعيد وجهه عندها أكمل حديثه وقال :-

-ها أنا اليوم أريد أن أقدم اعتذاراً يليق بكل من كان من حولي ،، اعتذاراً يحقر من نفسي السيئة من تفكيري الذي يقودني إلى لحظات عبثية  لم أستطيع نسيانها ومع تقدمي بالعمر أدركت أنه يجب عليك أن تكون واعياً ومدركاً لما قمت به من أخطاء  حتى لو لم تكن تنوي القيام بها.. 

صمت قليلا ثم تابع بيأس :

-أعتذر من كل إنسان أطلت الحديث معه حينما كان ينوي قطع الحديث، أعتذر من البعض عن سؤالي المتكرر عنهم وأعتذر عن عدم سؤالي مطلقاً، أعتذر من كل شخص سببت له موقفاً لم يكن يستطيع تحمله ، أعتذر عن كل كلمه قولتها في موقف كان ينبغي عليه أن لا أقول ، 

أعتذر عن عصبيتي الزائدة عن تغير مشاعري عن تقلبات مزاجي السريعة. 

رفع رأسه ونظر إلي بعطف :

هذا ما كنت أرغب في إخبارك به أيها الشاب . 

وقتها أدركت أنني تأخرت في الرجوع إلى البيت ولكن خطر في بالي سؤال قبل ان اتركه 

- وإلى من سوف تقدم اعتذارك ؟! 

أخذ تنهيدة عميقة وقال:

- لا أحد كلهم ذهبوا ولكن أحاول التعبير عن ما يدور في داخلي لم يبقى لي إلا هذهِ العصا لاقدم لها اعتذاري .. 

فجأة صحوت من النوم ، جلست على سريري أحاول إعادت ما رأيته  في مخيلتي الحلم الذي رأيته قبل قليل  ليتضح لي ان الشاب الذي أمسك بيدي لم يكن سوى انا ..! 

لماذا لم يتعرف علي ؟ ألهذا الحد صار شكلي مختلفا؟ أم أنه يوجد فجوة عميقة بيني وبين نفسي ؟؟!  

🖊️ : عماد محمد

Aucune description disponible.

هناك تعليق واحد: