الأحد، 11 أكتوبر 2020

موت البراءة بقلم عفاف الجربي

 المناسبة : مرور عشرين سنة على اغتيال الصبي محمد الدرة و قتل البراءة في حادثة أليمة دوّى في أرجاء العالم صداها .

كما تدمدم الريح العاتية ، و كما يقصف الرّعد ، كما تكشّر الوحوش الجائعة عن براثنها ، حدث يوما من الأيام ما يفوق التوقّع و الوصف ، و هو موت البراءة الصبي محمّد الدّرة .
لقد نهضنا ذلك اليوم على فاجعة أدمعت العين و أدمت القلب ، تقطعت أوصالنا فشعرنا كأنما الصخر الجلمود يتفتت داخل كلّ منّا .
صورة الأب و هو يحنو على كبده في ذعر ، قد تحرك ذات اليمين و ذات الشمال ، من يحمي نفسه أم فلذة كبده ؟ من سيموت و من سيبقى ؟ هو أم الابن ؟ هل يسعفه الدّعاء ؟ هل تستيقظ الانسانية و الآدمية كي تبتعد الرّصاصة فينجوان ؟
لكنّه أمدّ أخيرا صدره للرّصاص و أيقن أن لا مفرّ ، كأنه يصيح بلا صوت أبيدوني و أبقوا على ابني .
لكنّ الرصاصة لم تخطئ الصبيّ ....... يا للهول ، خارت قوى الأب حين نفذت الرصاصة بصدر الابن .
و صار بين الحزن و الذعر و الخذلان و النقمة ، متاعا ملقى على هامش الحياة بركن بآخر النهج ، بلا حول و لا قوّة ، بلا ابن كان رجاءه للمستقبل .
لقد رأى فراشة تحترق ، حلما يتلاشى ، رأى رجلا صغيرا واعدا تزهق روحه في طرفة عين .
لمن يشكو ؟ لمن يصرخ ؟ جف الدمع و بحّ الحلق ، و تفتت الكبد . يا الله ، ارحمه ، يا الله ، خذ حقّه .
و اختلط الدم بالدمع ، في مأساة سجّلها التاريخ ، بالحرف و الصّورة ، نكبة و في ذات الوقت فضيحة .
الشرف لمن قدّم نفسه قربانا لفلسطين الأبيّة ، و الخزي و العار لمن كشف التاريخ أنيابه المفترسة .
إذا كانت الرصاصة لم تخطئ محمد الدّرة فإن العار و الذنب لم يخطئا القنّاص المذنب .
ستلتقي روحه بأرواح عدد من المظلومين و الضّحايا و سوف تسعد بل و تزهو و ترفرف في يوم يسجل فيه التاريخ النصر لفلسطين .
بقلم عفاف الجربي

L’image contient peut-être : 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق