الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

مسرحية" لعبة القدر" تأليف: أ. عبدالاله ماهل الدار البيضاء/ المغرب

 مسرحية" لعبة القدر"
تأليف: أ. عبدالاله ماهل
الدار البيضاء/ المغرب

يرفع الستار، وإذا بشبح يجلس القرفصاء يتوسط القاعة لحظات، موسيقى تنبعث في تدرج الى الأعلى، يتحرك الشبح في تموهات جسدية، ويسمع صوت مبحوح، ليغدو الكل في تناسق بديع:

الفصل الأول
تساؤلات واستفهامات تراودني، ولاترحمني فتقلقني، ولا من أحد يفهمني، عكرت صفو راحتي وسكينتي، وطردت النوم من اجفاني، فبات الليل والنهار سواسية في اعيني.
فلا التنهدات ولا العبرات، بل ولا الآهات، اشفتني من عليلي وعلتي.
نعم تساؤلات تراودني، فلم أجد في جوابها من يشاطرني، رموني ولم يفهموني، فدعوني دعوني، فقد سئمتكم ويئستكم فبئس أنتم.
تساءلت عن الالوان في بني الإنسان، فما ظفرت الا بالكره والتنافر في بني الإنسان، فلا هذا يرضى بهذا ولا هذا يرضى بذاك.
أهي الطبيعة ارتضت هذه الالوان في بني الإنسان، أم بنو الإنسان ارتضوها لأنفسهم.
فإذا الطبيعة ارتضت الألوان، ابيضا اسودا احمرا اصفرا، فظلمها أخف وطأة وأرق وقعا، من ظلم بني الإنسان لبني الإنسان.
فترى الحقد والعداء في اللون الواحد، فما بالك ببقية الألوان،
فكل لون خلق الوانا، وكل من خلق الألوان سمي سيدا، فوامصيبتاه!!! وياظلماه!!!
فلا هذا ولا ذاك، تحديا للطبيعة ولبني الإنسان، أرفض الالوان وأقول يا أناس فأنا من بني الإنسان.
فبربك انت يا لائمي، أترضاني لأحد الالوان، فأبدأ بك انت بالعداء.

الفصل الثاني
تساءلت عن سر الالوان في الطبيعة وفي بني الإنسان، فقيل لي انها سنة الحياة، وضرورة لصيرورة الحياة من حال الى حال.
فعجبت إذ ذاك، لحالي وحال زحمة الالوان وصراع الالوان وتقلبات الالوان، فخفت على نفسي واعتزلت الالوان، وانزويت بعيدا بعيدا !!!
فإذا بنفسي، كئيبة حزينة، وكأنها تاقت الالوان وذكرى الالوان.
وعلى غير بغتة، أجد نفسي وحمى الالوان، رهينا حبيسا، وما ادراني انها الألوان، وبدأ الصراع بين رفض الألوان وذكرى الألوان
وأصبحت في حيرة من أمر الألوان، وطالت الحيرة حتى غدت الالوان، حقيقة لابد منها، وابتلاءا يكوى تاركه، بنار الحيرة وما ادراك ماهي.
وإذا بي في خضم الالوان، لعبة بين هذا وذاك.

الفصل الثالث
تساءلت عن الوجود، رجعت لعقلي استشف منه جوابا. فوجدته حبيس خمس، عاجزا عن الجواب.
فخضت في دنيا الافتراض، وتخطيت كل الحدود، الأزل والأبد، وكلما وقع الاستقرار على فرضية، إلا وأجد نفسي ساقطا في المتناقضات، ولعبة بين هذا وذاك.
خيب ظني في قدراته، بل في ألوهيته، وتركني في حيرة شارد الفكر، طائش الوعي لا أدري رأسي من قدمي.
قيل لي، انك ستلقى بقلبك ما عجز عنه عقلك.
فناديت قلبي، وقلت رحماك يا قلبي، فذاتك في داء، فلا تبخل بالدواء، وما لبى النداء وأبى ان يطاوعني، وهتف في صمت قائلا: أيا انت من أين الي الرشد، وكأنك تهرب من الواقع لتحتمي بالخيال، معادلة صعبة نتيجتها صفر.
فعجبت إذ ذاك، لأناس طاوعوا القلب، وضلوا سبيل العقل، ورموه بالضعف والجحود.
بل عجبت لأناس، سئلوا فأجابوا بقلبهم، وتنكروا لعقلهم سهوا وعنوة.
فقل لي يا لائمي، ما العمل ما الحيلة وما السبيل للتكيف معهم، ويا ليتهم قليلون...
الفصل الرابع
رجعت إلى التاريخ وخضت في دربه الطويل العريض، فإذا بي والتاريخ بحر عديم القرار، تتداعب أمواجه مدا وجزرا، ومن غير كلل ولا ملل، لتتكسر على شطي، فتخطف ناظري وتأسر بصري، محدثا لغزا يستحيل فكه.
فقيل لي عن أصل الكون، فكرة ومنها خلقت المادة
وما ان حاولت استسغاء هذه الاطروحة، حتى جيء لي بقول، جعل من المادة أصلا للكون.
فهل يا ترى، الى اين المسار، قولان متضاربان، كل بتحليله وكل ببرهانه، فأي القولين آخذ وأي منهما ارد، فالمثالي تدرع بالسما، والمادي تدرع بالثرى، وبقيت انا وحدي، في دوامة من امري، لا أدري رأسي من قدمي، ولعبة بين هذا وذاك.
تساءلت عن تساؤلاتي وعن سر تساؤلاتي، فأين مصدرك أين منبعك، اريد ري عطشي، اريد راحتي وسكينتي، بل اريد تقصي حقيقة تساؤلاتي.
فمن أين لي بمثل هذه التساؤلات.
أمن الغيب أمن الواقع؟؟؟
إنه الغيب، لا ثم لا، فعقلي لا يؤمن بالغيب، فبالأحرى ان ينصت للغيب.
إنه من الواقع، ربما نعم، بل لما لا، فما تلك التساؤلات الا من هذا الواقع المعاش.

هذا الواقع الذي أحياه، وأتواجد به من خلال السؤال.
لكن ما فائدة السؤال واستحالة الجواب.
أهي لعبة السؤال والجواب؟؟؟

الفصل الخامس
هنا رجعت لنفسي، وتساءلت عن وجودي في هذا الوجود، فإذا به، بداية ونهاية.
وبين هذا وتلك، انا أحيى، هيكلا وروحا.
وهنا تذكرت ابي وامي، ورحت إلى المقابر، استشف من مأواهما ،عبرة تذكر.
فاذا بي، عدم بدونهما، وهذه هي البداية.
وتساءلت عن نهايتها، فوجدتهما هيكلا، توارى في التراب، وغدا في عالم كان.
فعجبت لأمر الروح، كيف هان عليها، فراق المأوى ونكران الجميل.
فهل يا ترى. الى اين راحت.
أغدت من عالم الجن والجنون، او نزلت طفيلية على هيكل به روح تنبض، خالقة به انفصاما، ام استقرت إلى حيت لا أدري ولا ندري.
فبرك انت ايتها الروح، من أين أتيت، والى أين سرت، وما هو لونك، بل ما هو انت، اصلا وفصلا.
سؤال فريد، لا يجديني الغوص في فرضياته، انه السؤال الاكبر، انه السؤال الاكبر، انه السؤال الاكبر.
يخفت الصوت وتوابعه تدريجيا، ويعود الشبح إلى جلسته القرفصائية.
يسود صمت رهيب، وفجأة يسمع صوت حنين مجود:
بسم الله الرحمان الرحيم،
" يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا."
صدق الله العظيم
ينهض ذلك الشبح في ذهول، ويداه ووجهه إلى السماء، وهو يردد وبخشوع: الله أكبر، الله اكبر، الله أكبر.
ويسدل الستار
النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق