الأربعاء، 12 مايو 2021

فـــوضى الركـــود/المفرجي الحسيني/مؤسسة الوجدان الثقافية


 فـــوضى الركـــود

------------------------
في ساحات الموت والدهاليز يعقدون المناديل القانية ،بنادقهم سريعة كرمش العين ،زنادها متوحش ،كالذباب تُنش ،نجري بأقدامنا العارية وأسمالنا ،القطار المدوي تحطمت عجلاته ،على السكة فتاة مبتهلة ،على حرف الجبل سجين مطارد ،وسادتي من التبن ،الخريف الكئيب يتقدم
دقات الساعة القديمة ، تُلهب عظامنا ،يداي ملطخة بدمي ،نواحي طبقة كثيفة من الآلام، تهدر بين أجزاء جسمي ،نداء غليظ متعفن ،يأتي من الشفاه الغليظة، ،والافواه الصديد، ،تثير الاكتئاب ،تصطك عيوننا وارجلنا،
والأنين الموجع يتواصل في الخلاء ،الرجال القساة، انحدروا من، تلال العنف والحرمان ،شربوا ماء الحياة من، ،الوجوه البائسة ،كنا رجالا وقطعانا ،بدوية تثغوا كما النعاج ،بقسوة الاكراه ،خلال مآسٍ وفقر الشفاه القاسية ،هكذا حديثها ، نحن نعرفها ،لم نشم روائحها العفنة الكريهة...
قدم مجربة داست على قلبي ،جريمة ألَمّت ،خوف يصرخ ،عربة الاجرام تنزلق بالريح ،نسري كنصل يخترق الصخر ،مأساة تنحني كمومس يحفرون يعزقون طيل الليل ،غانيات عطرهن فواح ،ينتظرن قطار عائد
قطار لا نهاية له ،لونه أسود لعجلاته أنين في أحشاء الغبار المتطاير، على جثث الابرياء ،محمّل بالوحل والاسمال ،وحل غمر الدهاليز المظلمة مساجدنا لا يرفع فيها الآذان ،سواقٍ لا ماء جار، زاخرة بالدود ،تراب ودم مأثرة القصور ،انتشر الدود ،القمح مات في السهول ،توابيتنا كثيرة وساحات الموت ،سهولنا منبع الديدان والقمح ،وبيادر الموتى على المزابل
القطار يلهث يدوي أكثر حنينا ،نحو قرانا ،نهايته كذيل تمساح أسود... عشقي حزن في القلب ،فجري دموع في المقلتين ،أجراس تقرع في فؤادي من نافذة منزلي المتواضع ،ألمح عينيك البديعتين ،من خلال الهواء العليل
لمساتك أكثر ايلاما من الصخر ،قاس أنت ،عيناك قفتان تحت نثاث المطر
ترفق بي ،لِأكن أغنية في مروجك ،سلسلة ذهبية على نخيلك ،أرى حبّك الصغير ينمو ،يغني ويصدح في البرية ،:شريد أنا ،أصابعي محرقة
عيوني بليدة ،لا لوم في صمتي وحزني ،أهوى ،قمم تلالك، سعف النخيل واوراق السدر ،:اكن غاضبا سعيدا ،أهواك، أعشقك ، أرى قريتي الخاوية ،كوخي الصغير ،أشفقِ بي ،أرحل بعد يسير ،:وحيدا ضائعا خطواتي كئيبة ،ألتفت نحو السماء وأنوح... يتماوج الموج في مرافئنا القاحلة ،في قعر سفننا فوضى الركود ،نوافذها مضاءة بزيت الوقود ،زبد يطفو على أرصفة الميناء ،يتناثر على حقائب المسافرين ،كوخي بعيد عن الميناء ،فضاءه شجرة مظللة ،سفننا هرمة التهمها الصدأ وملح البحر ،قبورنا متناثرة بلا شواهد ،صحرائنا كثبانها متموجة ،أكواخنا نوافذها صغيرة مشرعة ،أسري بضجة الميناء ،أبحث عن امرأة منزلقة ،ينبعث مني نحيب كئيب ،لِأزقتنا المتهالكة ،وحديقتنا الجرداء ،ألوّح لِأغانيّ الميتة بين شفاهي ،سأنوح بحرارة يا كوخي القصب، أنظر للسقف والسرير وبحيرة بالجوار ،أفتح خزانتي الصغيرة وثيابي المهملة ،كل غروب أرتجف ،موتي محمول على عيون صافية ،يقدمني في مثواي الاخير ،كلفافة خرقة بالية...
**********
المفرجي الحسيني
فوضى الركود
العراق/بغداد
12/5/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق