السبت، 29 مايو 2021

وطن الثّلج /راضية قعلول /مؤسسة الوجدان الثقافية

 


وطن الثّلج:
الجبال ملائكة تلتحف البياض فيبدو للنّاظر جمال قدودها، بعض الأشجار زيّنت البياض... دموع عيون الإله ترشفها الملائكة على مهل بلذّة المدمنين وفجّر الشّعاع الشّاحب الذي يراود المكان دون خجل، زهرات حمراء انبثقت من تحت ترقّط الثّوب الأبيض كقطرات دم جرح المسيح النّازف، بعض الغربان رفعت أصواتها بالنّعيق تتمنّى إرهاب صبية لا يهابون الموت، يأخذهم اللّهو أخذ عزيز مقتدر، يعتلون مزالجهم في خفّة وقد ألفهم المكان وألفوه. رسّام صعلوك، قذر، يحمل على رأسه جزّة خروف يسكن عند أقدام الألب دون غسل، يكرع الخمر ويحرّك فرشاته ويفتضّ بكارة المشهد بوقاحة.
طفل يجري هاربا من قبضة أمّ تخاف عليه السّقوط. ذئب ضخم الجثّة ناريّ العينين يرمق المشهد من فوهة في الجبل ويمنّي نفسه بلحم الطّفل الطّري. رجل جاء من جوف المدينة المجاورة يسعى، قدماه تنغرسان في البياض فيفرح الدّود الكامن تحت الجليد ويلعق حذاءه بشهية. يمدّ ذراعه ويمسك الصّبي العنيد بكفّ خشنة مفلّحة خطّ عليها الشّقاء بعض الرّسوم السّرياليّة فتبتسم الأمّ وتغزو الفرحة تقاسيم وجهها الباكي، ويغتاظ الذّئب اللّعين... لكنّ الطّفل العنيد ينفلت من قبضة الرّجل، ويجري مسرعا فيهوي في واد سحيق ويرتفع صوت سيّارة الإسعاف يمزّق سكون المكان، ويشوّه المشهد.
{راضية قعلول}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق