الأحد، 30 مايو 2021

أغنيات نبي /حربي كمال - الجزائر /مؤسسة الوجدان الثقافية


 أغنيات نبي -03 -

لا أوسمة أتركها لفراشات الوحي
لا ذكرى...
لا لوحا تبقى من سفينة نوح
لا حمامات في المدى
لا رؤيا
لا بشرى...
لا نخلا أزرعه في مدارات المستحيل
في فانوس نشوتنا
في مسالك أحلامنا الوعرة...
لا اسما أملكه
لا دربا أسلكه
لا غابة بحر
لا حتى قطرة...
لا دمعا أغسله
لا دمعا يغسلني
لا وطنا أسكنه
لا وطنا يسكنني
لا أرضا في منتهاي
تغسلني من شهوة ظني
وحدي أغني كأنية مكسورة...
لا أرحل
لا أبقى
وحدي أحتسي عصير التمني
بين سنابل مدني المقهورة...
وحدي بعجين المسافات
أرسم وطني بين ضلوع الفجر المرهق
وأحفر لي قبرا...
لا أودية تكفن أقدامي
وهج الجرح المحنط خلفي
وكل ساعات الكهان أمامي
وقبائل الوقت الهمجية
تحتسي نبيد نشوتها
وفي اخر رقصتها تتعرى...
تتماوج في خطوتها
كسراب مقتول
كصراخ دامي
كسراج تحمله بيد يسرى...
في اخر أحصنة من قافلتي
تقفز مملكة في قافيتي
كل مكان مجهول
حتى عناويني الشخصية
وأباريق الشاي وكلامي
وحكايات الفصل المنسي
وعواصف سري الممطرة...
يؤلمني البحر
يؤلمني أرق البحيرة...
لا خيال يصحو في موكب الكون
لا ظل المساء ينام في حلمه كأماني
لا ليل يغطي أحلام الفجر
برائحة الغروب
لا ريح تفرغ دمعها
لبلاد في عيوني
لا مرايا تفقأ لحظة العناق
لا قلوب تنحني
وجع في ذاكرتي
يحفر لي مجرى...
تسألني جراحي المباحة
عن ابتسامات الصباح التي أعرفها
تسألني مرايا شفتي المنطفئة
عن وداع أحلامنا العابرة...
يؤلمني البحر
والذكرى تتبع الذكرى...
وجع في ذاكرتي يغلق بابا
يفتح لي بابا للحيرة...
لي يبوح نزيف العشق باحتراق الفضاء
برائحة تستبيح الفصول الملقاة
في غبار الدائرة...
لا أهة تعانق ظلها
لا زفرة...
لا بركة دمع في دفاتر موجتها
لا حتى عبرة...
تائهة في مداها الطويل
تتصحر دهشتي في مسامات العابرين
تجر خطاها على شرفة البحر
وتمد راية لعشاقها الغائبين
في سمائها الطاهرة...
تخطئني رغبة الامتداد
يشبهني صخب المصابيح
لنشيدي أجنحة جوفية
وكل كلمة تعلقني
على جبهة امرأة ساحرة...
لا الرحيل خلفي اختفى
وانت معي كزجاجة خمر..كالمنفى
تنبش وجع الرحيل
وجرح المسافة المقفرة...
من شجن في شفتيك
توقظني من فرحة الضوء
تزرع وطنا في أحشائي
أتسمعني في نصف الموجة
تكتبني على الهوامش
تقرؤني في الصفحة المتأخرة...
أنت معي في همهمة أبدية
تغسلني بغبار الماضي
وفصول الأزمنة الخائفة
أنت معي
وألف قبلة في شفتي
وسرب حمام من فتنة
وأنا ملقى كحطام الليل
فوق موائد قلبي المرة...
لم يبق من شجني غير ضفتين
لم يبقى من وجعي غير حفنة
وبقايا سؤال شردني
لم يبق معي غير شعر
أنت أعطيتني عطره...
حربي كمال - الجزائر -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق