رواية قصيرة : " جزء ثاني "
أب مارقيـــط ..
والزراع القوية والاختطاف ثلاثة أيام سويا ..
" بَطيء في القراءة، أشدّ بطءًا في الكتابة،
قليلُ الإنتاجِ عُمومًا، ليس بيَدي،
هذا ما كان وما هو كائنُ، وما سيكونُ غالبًا،
وعلى قَدْر أهلِ العَزمِ تأتي العزائمُ/ وتأتي على قدْر الكرام المكارِمُ
(كما قال جدّنا المتنبّي)
" عمر شبانة "
الواقع هو كل هلوسة تؤمن بها مئة بالمئة
" بيليفين "
4- يوم كريهة وسداد ثغر
قبيل الظهيرة تقريبا أمتص المواطنين الصدمة الاولي وبداءوا فى التقاط أنفاسهم وترتيب أمورهم ولكل قادم جديد فى رحم الغيب ومع الايام الساخنة المقبلة , فالمتاجر بداءت تفتح أبوابها على أستحياء تدريجيا وفى ذات الوقت تتعامل مع الظروف والواقع المفروض بكل خوف وحزر , ولكن فى تكاتف وتضامن والفة سودانية خالصة منقطعة النظير , كما لاحظ المواطنين أن الغزاة القادمين الجدد حقيقة ورغم خوف ونفور الناس منهم ,الا أنهم أنفسهم لم يكونوا يستهدفون المواطنيين العادين البسطاء .. , وأنما صراحة كانوا يستهدفون العسكريين المقاوميين , الذين يتبادلون معهم أطلاق النار والذين أبدوا وعلى غير المتوقع بسالة ومقاومة شرسة , مقطوعة النظير للدفاع عن مواقعهم , وشرفهم العسكري وأجمالا والشهادة لله كانوا منظمين ومنضبطين من أى خروقات خلال تصرافاتهم حيال المواطنين العزل , أو خلال تحركاتهم وأنتقالاتهم العديدة والمختلفة , ولم تسجل منهم أى حالة أنتهاك أو اعتداء على الانفس أو الممتلكات أو أى شىء من هذا القبيل خلال أيام الغزو الثلاثة , الشىء الذى حير المواطنين الذين كانوا يتعاملون معهم عن بعد بتلقائية وحزر وخوف شديديين , وكما هو متوقع فى مثل هذة الظروف من المحن والنكبات فقد سارع الناس مهرولين لشراء وتخزين جميع أنواع وأصناف السلع الضرورية لمعايشهم وبكميات مهولة تفوق أحتياجاتهم , تحسبا للقادم من أيام الندرة والغلاء فزادت بالطبع الاسعار أضعافا مضاعفة وما هى سواء سويعات معدودة , حتى أختفت بالاحرى أو أنعدمت كل السلع المعيشية الضرورية سواء فى سوقنا الصغير أو سوق أمدرمان الكبير , وهج الناس وضاقت بهم المخابز وفى طوابير طويلة ليس لها بداية أو نهاية , وحدث هرج ومرج وتزاحم شديد وتسابق مفرط فى الشراء ونقص ملاحظ حتى فى الاوزان , وضج الناس ولكن ورغما عن كل هذا الضيق والكرب لم يحدث لاسلب ولا نهب , بل فى أحايين كثيرة تقاسم الناس المعايش مع بعضهم البعض , أما جدتى " الجودلية بنت حران " وجارتها " نفيسة بنت الموشلية " فقد كانتا تستعدن لمثل هذا اليوم الكرية وسداد ثغر , والذى يسمونة بيوم الحارة أو يوم الغلاء , وكما يقال فى أدبيات وثقافة أهل أمدرمان القدماء القح , فهن بالطبع عايشن فى ماضي السنين والايام كل ظروف سودان الماضى القديم الاول , وحروبة ونكباتة التى لا تكاد تعد أو تحصي والتى يشيب من هولها الولدان , وراينا بأم أعينهم أو سمعن حتى من حبوباتهم الاوائل عن الكثير من الحروب والنكبات , أبتداء بالطبع من حملات الدفتر دار الانتقامية المروعة وما صاحبها من ضرب عشوائي للمواطنين بالاسلحة النارية او القتل صبرا بالخوازيق التركية ,والذى أدي بالطبع الى هروب القبائل وتشتيت الناس بعيدا وفى كل مكان من أرجاءالسودان القارة المتباعدة , وكذلك حروب المهدية فى الشرق والشمال وكتلة المتمة , وحملة أسترجاع السودان الانجليزية المصرية الدموية , ومعركة أو مجزرة كررى الشهيرة أو حتى الحروب الاستعمارية الاحقة والتى ليس لنا فيها ناقة او جمل , كالحرب العالمية الاولى والثانية والازمات المالية العالمية التى اعقبت كل تلك الحروب الكونية , فقد كانتا مستعدتين بالتام والكمال لكل ذلك ولكافة المفاءجات الغير مواتية فشمروا فى الحين والحال لساعد الهمة والجد , وأخرجن وأمام أعيني ذاك اليوم أحجار المحراكات القديمة لطحن القمح والعيوش , واللدايات وصيجان عمل العصيدة والقراصة المتوارثة والاستعداد كمتطوعات من الان وصاعدا للمساعدة والاشراف على تجهيز قداحات الكفاية للضيفان والمواطنين كافة .. , كما أخرجن بلا من أو أذى وجاراتهن جميعا مدخراتهم من الويكة واللوبا والبصل ولحم القديد والكول والمرس والخضراء الناشفة واللوبيا العدسي , والكثير من مطمورات ومدفونات المطابخ من العيش الزريعة والودك والابرى والجراكن , وحتى جرادل ومواعين جلب الماء من النيل , أو من بئر جدى " عثمان ود دوكة " القديمة , المدفونة جوار السوق و طاحونة " ود نوير " والمعروف مكانها حتى الان للكبار , واستعدوا هكذا حتى للاسواء من ذلك واكثر , أما هدف الغزاة الان أو ما يسمي بالمرتزقة هو الاستيلاء سريعا على قصر الشباب والاطفال كنقطة أرتكاز أولي , للسيطرة على كبرى النيل الابيض من جهة أم درمان , وعلى كل الحركة المتجهة للخرطوم وبالعكس ومحاولة السيطرة وأقتحام السلاح الطبى وسلاح المهندسين , وبعد أن أستولوا عملياتيا على مباني الاذاعة والتلفزيون القومى , وبالتالى سقوط منطقة وادى سيدنا العسكرية تلقائيا , الا ان القوات المتمركزة فى حامية امدرمان وسلاح المهندسين والسلاح الطبي , شكلوا فيما بينهم جبهة عريضة للمقاومة وعدم الاستسلام , وأبدوا بشهادة الكل وخلال كل أيام الغزو مقاومة شرسة غير متوقعة أزهلت الاعداء قبل الاصدقاء , حيث أستخدموا ولاول مرة مخزوناتهم من الاسلحة الثقيلة و القذائف الصاروخية أرض أرض والتى أحدثت أهتزازات مروعة مسموعة ومشاهدة بقصر الشباب والاطفال , بينما أنسربت أعداد كبيرة لاحصر لها من الغزاة المهاجمين " للخرطوم جوه " , للسيطرة والانقضاض على القيادة العامة ومطار الخرطوم ومنطقة الشجرة العسكرية تحدبدا , والتى أصبحت صراحة لقمة سائغة لهم , ولاحول لها ولاقوة الان وخصوصا بعد أن تم نقل الالوية الدبابات والمصفحات الثقيلة خارج العاصمة الخرطوم وتوزيعها على حاميتي الدمازين وجبيت , خوفا من الانقلابات العديدة والمواجهات الشرسة المسلحة المفتوحة فى العاصمة الخرطوم , الا أن منطقة بحرى العسكرية والمكونة من سلاح النقل والاشارة والخدمة شكلت هى الآخرى فيما بينها , وعلى ما يبدوا بقيادة المقدم أبوعجاجة ورفاقة الابطال والذين نالوا بعد ذلك أنواط الجدارة والشجاعة والاستحقاق ولتمرسهم بالعمل بالجنوب وأستحكامات الفرقة الاولي بمطار جوبا , فقد أظهروا ضروبا وبطولات خارق ومقاومة شرسة يعجز المرء علي وصفها بجسرى الخرطوم بحرى القديم وكبرى كوبر " القوات المسلحة " الجديد , زرعت اليأس للقوات الغازية ومن تطبيق الخطة أو المرحلة الثانية والاخيرة من الغذو وبقيادة ضابط سلاح الهندسة الحصيف النور سعد الذى خطط وقاد عملية الغزو بنفسة وحتى الاستشهاد .
-5-
أخبار العم " أب مارقيط ..
فى ذاك العصير الكبير فتح صاحب البقالة بالحي " عثمان الرباطابي " راديو الترانسيستور الجديد , وللاستماع لنشرة أخبار الخامسة مساء ومن أى أذاعة دولية مسموعة , سواء أكان صوت العرب أو أذاعة مونتوكارلو الفرنسية , وفجاءة تطل علينا من بين الموجات القصيرة المبثوثة , معشوقة الجماهير السودانية " هنا لندن " ولتزيع لاول مرة وعلى لسان مذيعها المعروف المحبوب " أسماعيل الجرجاوي " , قائلا " وصلت الان أنباء شبة مؤكدة من مصادر غربية عليمة بالعاصمة السودانية الخرطوم تقول بأن هناك ثمة محاولة جرئية دموية لقلب نظام الحكم فى السودان , بعملية غزو أو تسلل خارجي على ما يبدوا من الجارة ليبيا وكما تدعى مصادر أستخبارتية خارجية , ويشارك فيها المئات من المسلحين وتقول نفس المصادر المطلعة , بان هناك غموض كبير يكتنف الحالة الامنية , وأن مصير الرئيس السوداني " جعفر النميري " ومعاونية مازال مجهول تماما , غير أنة شوهد للمرة الاخيرة وكما تقول مصادر مؤثوقة فى ساعة متاخرة من ليلة البارحة يودع بالقصر الرئاسي سفير دولة غربية كبرى , ولم تتصح الرؤية حتى الان وسنوافيكم تباعا و لاحقا بالمستجدات والتطورات فى نشراتنا القادمة بمشيئة الله " .
لحظتها أنتقلنا كلنا وفى جماعة لنجلس مباشرة على رصيف عتبات حوش أولاد البلال عبد المطلب , مولين بوجهنا شطر كبري خور أبوعنجة الذى يفضى لكبري النيل الابيض والذى يشاهد من خلالة كل الحركة الوحيدة المتجة ما بين أمدرمان والخرطوم , بالطبع طالت جلستنا تلك الامسية الفريدة والتى مازلت أذكرها ومع أنقطاع الارسال التلفزيونى بالكامل , وكنا فى لهفة وشوق كبيريين للاستماع للاخبار التى ترد من القادمين من سوق الموردة أو السوق الكبير , بطبيعة الحال أعتكاف الجميع ومنذ الصباح فى منازلهم وفى أجازة أجبارية مفتوحة , حتى الحواتة او صائدي الاسماك الذين يمثلون السواد الاعظم من السكان , ولم يتمكنوا من النزول للبحر هذة الليلة بالذات كما ياملون , نظرا للظروف الامنية والقصف العشوائي المتبادل بين المهاجمين والمدافعين , غير أن جارنا الحواتي صائد الاسماك المعروف وسيد الملحة والطرفة المعلم " عبد الجليل عرديب " الشهير فى حلقة أسماك الموردة بــ " أب مارقيط " والذى يدعي دائما بملئ فيه بأنة يفهم فى الرياضة ولا يفقة فى السياسة , وليس لة أى لونية حزبية وليس لة صراحة كما بفولون .. لا فى التور .. ولا فى الطحين ,الرجل النكتة الخفيف الظل الازع اللسان لدرجة الافحام , والمتهكم دائما على كل شىء من حولة و بلا تكلف وبالجملة وعلى كل الحكومات والانظمة السابقة واللاحقة , خصوصا وبعد ما تغيرة الاحوال الان وما فرضتة نقابة الصيادين والمعنية بالتنظيم الحضاري الجديد للحلقة , وما قررتة من فرض رسوم أو جعلا معلوما يوميا على الصيادين للنفايات يقصم الظهر كما يدعون , ومن ثم فانة لم يتورع بعدها أطلاقا من التهكم بالنقابة وأمينها العام المساعد وحتى بلجنة الموردة شرق الشعبية , وعلى لجنة المديرية نفسها وكل شىء بعد ذلك , وها هو المعلم " أب مارغيط " الان ويا لسخريات الغدر يجد نفسة هذة الليلة فجاءة وهو الخبير بالبحر والرازح تحت ديون يومية مثقلة , محتارا بالكامل ومن مثل هذة اليوم الذى لم يخطر أصلا على البال , وهو لايدرى حقيقة هل سيكون ذلك كله ليوم وأحد فقط أم لعدة أيام قادمات فى رحم الغيب , ورأس مالة وفى كل ذلك بالطبع مراكبة وشباكة التى تقع الان تحت مرمي ورحمة القصف المدفعي المتبادل , وبالتالى تحت كف عفريت وليقول صائحا وممتعظا بالكامل وهو يفتعل كعادتة عن قصد أو بدون قصد مشاجرة جانبية تهكمية مازحة حد العبثية , مع ولدة الصغير " عادل طمطم " ليستمع لة الآخريين ضاحكين :
ـ يعنى يا " عدولي " يا ولدي .. أسع أمشي وين أشتغل الليلة واجيب ليك قروش , .. ما شايف ولا ما سامع الرصاص البلعللع .. والبطايرا فوق رؤوسنا دا .., وليواصل:
ـ والله أسع لو الواحد نزل البحر الكتلوا ما يتعرف ؟اا , كمان الناس البكاتلوا حكومتك بيقولوا عليهم غرباء أجانب .. وكمان مرتزقة ؟؟ اا , اخترقوا البلد الهاملة دى كيف ماعرف ؟؟ اا ليواصل :
ـ والامن القومي البخوفونا ولاخمننا بيه .. وينو الليلة ؟؟اا , و ثانيا يأخي المثل بقول .. كتلوك ولا جوك .. جوك .. ؟؟اا , والله فعلا الليلة أنطبق عليهم المثل البيقول :
ـ " على أسد .. وعلى غيرى نعامة .. ؟؟اا , لينفجر فجاءة الجميع لاول مرة فى ضحك أستثنائي أقرب للمزاح وفى مثل هذة الظروف التراجيدية الشعبية الموجعة حقيقة , ليلتفت وهو ممتعظا من الظروف ومن كل جولاتة المكوكية بين دكاكين الحى العديدة , ليستدين لة عمارى أو حجر معسل للشيشة أو أوقية شاى حب أو بن حبشي يعدل بهم مزاجة العكر تلك الليلة , و أبنة المتعب " عادل طمطم " الذي بسرف في تدليلة بلقب " عدولي " يتبعة أين ما ذهب أو حل وهو غير مكترث من الجميع قائلا وهو خالي ذهن تماما لصغر سنة ولكل ما يحدث من حولة من مصائب :
ـ يا أبوي أدينى شلن أتعشي بيه .. وقبل ما يكمل الفول ؟؟ اا , وهو بالطبع كانت لدية عدة قريشات معدودة لا تغني أو تثمن من جوع , وهو معروف عادة بأنة لا يعطي أو يرد حتى السلام , علي أي شخص كائنا ما كان خصوصا وأذا ما كان غاضب أومفلس أو زهجان , بل لحظتها مر بجوارنا كالبرق وهو ممتعظ من مراسيل البيت الكثيرة والعديدة , ورحلاتة المكوكية بين أصحاب البقالات بالحي للجرورة , والكتابة على النوتة وهو منزعج بالكامل من عملية الدين والجرورة نفسها والتى لايطيقها أبدا , وولدة " عدولي " من خلفة يكرر وبصوت مسموع معزوفتة الوحيد والمعروفة :
ـ يا أبوي أدينى قلت ليك .. شلن أبو خمسة أتعشي بيه .. قبل ما يكمل الفول ؟؟ اا ,وليضيف نغمة جديدة قائلا وبأعلي صوتة هذة المره :
ـ يا .. يابا .. أحسن ليك أديني شلن أتعشا بيه ولا امشي أوقع نفسي فى البحر وأموت .. وأريحكم .. ؟؟اا " وبالطبع فى شكل تهديد مبطن وصريح , ليرد علية وعلى مسامعنا جميعا وهو ملتفتا اليه , ونحن نسمع فى تحاورهم المسوع :
ـ يا ريت يا حبيبي ودا ما البسعدني ويسرني .. عشان نرتاح منك .. ومن خلقتك المبدلة دي .. , ثم ثانيا أهو داك البحر ما شايفة ملان مرتزقة .. أبقى راجل صحي وقرب عليه .. ,عشان يقتلوك .. وشنو القتلك ما يصتوصف يا بعيد ...ونرتاح منك .. ومن دوشتك ؟؟ اا.., ثم يلتفت فى تحدى ليقول له :
ـ ولو داير صحي .. صحي الموت .. ديك مقابر حمد النيل امشى شوف فيها ناس مدفونين ولا ..لا , ولم ما لقيت ناس مدفونين عقب تعال تاني راجع لينا ؟؟اا , ويحتار بالطبع مع بلاغة وقوة حجة أبية " عبد الجليل أب مارقيط "فيستسلم للامر الواقع ولكن العم " أب مارقيط " نفسة لايستسلم لمثل هذة التهديدات , بل يخرجها وهو الصموت أصلا للعلن وفى شكل تندر وشكوي تهكمية على ولدة المدلل " عدولي " الصغير الذى لم يتجاوز السابعة من العمر , وفى مثل هذا الجو العبثي قائلا على السليقة وبلا تكلف ولكل من كان بالقرب من البقالة :
ـ يا جماعة الخير ما سامعين المواطن الصالح " عدولي .. بتاع كتائب مايو .. الماعندو أى وطنية .. والعينوا قويه .. شابكني وليه نصف ساعة ..
ـ وليقول لي .. وبلا خجل كمان ..أدينى يا أبوي شلن .. قال شنوا .. عشان أتعشي بيهوا ؟اا , ليلتفت متندرا علية أكثر .. وأكثر :
ـ يا جماعة فى زمتكم .. الزول دا ما بختشى على روحه .. قولوا ليى أخجل .. ,الخرطوم والبلد كلها الليلة مكركبة .. ومقلوبة عديك كدا ..؟؟ اا ..
ـ والحالة واقفه .. والناس محتارة وما عارفة الحاصل شنو .. بالضبط , هل دا غزوا مرتزقة أجنبي .. ولا أنقلاب ..؟؟اا
ـ ثم ثانيا المصيبة الكبري .. , أسالوه ياجماعة رئيسك العلية الرك " أب عاج " .. لحدي أسع ما معروف مصيرة شنوا .. ؟؟اا ..
وأنت كمان فاتح نفسك .. عايز تتعشا ؟؟اا
ـ قولوا لية أخجل ياخى .. ويأريتك تتعشي قو .. ؟؟اا , بالله فى ناس فى الدنيا دى بالشكل دا .. لا عندها لا ضمير ..لا أحساس .. لاوطنية .. والله فعلا الاختشو ماتو ..؟؟؟ااا , بعدها بالطبع ضحك الجميع ضحكة وأحدة جزلين , وأنتهت تلك الليلة على خير وهجع الجميع للنوم مبكرا وهم متوجسين ومحتارين ولما سوف يحدث صباح الغد .
-6-
مصر فى الميدان
اليوم التالي مباشرة للاحداث وفى ساعة متاخرة من الليل وكما تقول مجلة أكتوبر المصرية , وعندما قراناها بعد ذلك بأن الرئيس السادت كان فى أجتماع مصغر مطول ومستمر مع كبار قادة الجيش المصرى الاول والثاني والاجهزة الاستخباراتية , يتابعون عن كثب الانباء عن مجريات الاحداث الغامضة فى الخرطوم بعد أن تلقى عصر ذاك اليوم فجاءة أتصالا هاتفيا من الرئيس السودانى حليفة , يطلب منة الاسراع بأرسال القوات السودانية العاملة فى خط المواجهة على قناة السويس , على جناح السرعة للمساعدة فى صد قوات المرتزقة الغازية , ولاعادة الامن والاستقرار وبعد يومين من الفوضى , هنا وكما يقول الكاتب المصري عبد الرزاق أمين ما كان من الرئيس السادات الى أن أصدر فورا أمرا بتشكيل قيادة عمليات مشتركة استثائية , لكل فروع الجيش والمخابرات المصرية لوضع خطة أمن وسلام السودان المعروفة حيز التنفيذ العملي والفوري , وبأقصى سرعة ممكنة فكانت أكبر عملية جسر جوى وأمداد وتشوين لقوات محمولة جوا خارج حدود مصر ومنذ عبور القناة , واعتبرها الصحفيين بعد ذلك أختبار عملي لمعرفة مدي قوة وسرعة أستجابة مصر فى تقديم المساعدة الممكنة لبلد شقيق , حيث قال لي الصحفى المصري عبد الستار شاهين بعد ذلك وعندما زار الخرطوم ذاك اليوم , ثم أكمل وخصني بالكثير من الاسرار عندما التقيتة فى مقهى الفيشاوى بالقاهرة تلك الظهيرة , حيث أكد لي بانة كان بالفعل الصحفى الوحيد المرسل من مجلة أكتوبر لتغطية الاحداث , بالاضافة الى مندوب من جريدة روز اليوسف همام شاطر فبدأ يحكي لى بالتفاضبل والتى لم تختلف عما قراتة أو على ما جاء فى صحيفة الايام السودانبة , بعد ذلك الا فى الدقة , وما تحملة من تفاصيل جديدة مزهلة لم يضطع علية أي قاري سودانى , لانها بالطبع تفاصيل وأجراءات عسكرية بحته كانت تستهوينى كمراسل حربي , قال لي وبعد أن أخذ عدة أنفاسه من سجائر الكيلوباترا التى يعتز بها دائما والتى يدخنها بشراهة ومتعة يحسد عليها , وكانة كان صراحة يأخدني لمشاهدة فيلما حربيا خطيرا , بشارع سينمات الدرجة الثالثة النهارية بشارع علاء الدين بالعتبة , وبطولة غردون متشم أو كلس كانسكل أو الممثل المصري عمر الشريف قال لى لافض فوه :
ـ بالطبع تركزت الخطة ببساطة شديدة على عدة محاور أو خطوات كما جاء فى تنوير اللواء " عبد المتعال شنن " قائد العملية للصحفيين المصريين يومها "سنقوم أولا بانزال مظلي لرجال من النخبة للاستيلاء والسيطرة و بناء رأس جسر بقاعدة وادى سيدنا الجوية شمال امدرمان , بدلا من مطار الخرطوم الدولى والذى يحتلة المرتزقة الاجانب , ومن ثم تأمين وتوسيع راس الجسر ليسمح بانزال طائرات النقل من طرار هاركوليز130, والتى ستحمل وحدات من الصاعقة المصرية للزحف عبر شوارع أمدرمان والخرطوم لانقاذ رئيس البلاد , والذى تقول الاخبار بأنة يقبع سليما فى سفارات احد الدول الغربية ولكنة لايستطيع الحركة , فى الوقت الذى يتم فية نقل القوات السودانية تباعا من قتاة السويس وفى اكبر عملية جسر جوى خارج حدود مصر , وبانجاز عسكرى عالي الدقة وبدون وقوع اى خسائر او حوادث أو اخطاء عسكرية تذكر , مما أدهش بالتالي أسرائيل والمراقبين الدوليين على روح الانضباط والتنسيق وسرعة الحركة والاستجابة الزمنية , مما يؤكد شىء واحد هو جاهزية وقدرت الجيش المصري فى التحرك بالسرعة المطلوبة وفى كل زمان ومكان , كما كان هناك راى آ خر مختلف يقضي بانزال قوات مصرية باعداد كبيرة بالهلكوبيتر وعلى اسطح بعد العمائر بالخرطوم أو أنزالها فى بعض الميادين بوسط الخرطوم , أو أنزال ضفادع بشرية فى النيل وعند ملتقى النيل العريض أو بحيرة جبل اولياء , لتشكيل راس جسر آخر للاسراع فى أنقاذ وتأمين حياة رأس الدولة , حيث تم بالفعل بعد ذلك تطبيق الخطة بحزافيرها وأعادة السيطرة على مطار الخرطوم وتامين المواقع الإستراتيجية الحيوية كلها لاستقرار حياة المواطنيين العادية , ليعقبة مباشرة وصول طائرة عسكرية تحمل قوات مصرية وسودانية مشتركة على دفعات تمكنت بالانتشار السريع ومع القوات القادمة من عطبرة وشندي والدمازين فى وثبات تكتيكية , وماكانت بالطبع سواء عدة ساعات حتى عاد أرسال الاذاعة والتلفزيونى وظهر الرئيس نميرى على شاشات التلفزيون , وبداء تطهير العاصمة وشوهدت القوات المصربة فى سوق الموردة وأمدرمان وهم يشترون أحتياجاتهم عائدين وفى صبيحة اليوم التالي أدراجهم سالمين ولقواعدهم فى الشقيقة مصر .
ورغم عن كل ذلك لم يشاء العم عبدالجليل " أب مارقيط " وفى اليوم الثالث الاخير , وبعد أن أنقشعت الاحداث وعودة " أب عاج " من أن يتركنا لشاننا أو يترك الامور هكذا الا أن يتحفنا ببعض من نكاتة الخفيفة الموثرة , والتى ربما سمع بها ليس أهل أمدرمان بل حتى كل الوزراء وكل السودان ذاك الزمان وفى مجالسهم العامرة , وليقول لنا وهو مبسوط :
ـ والله فعلا ياناس .. أن بعد العثر يسرا أن بعد العثر يسرا .. , ولكن ما سمعتوا بالمواطن الصالح " عدولي " جاء بحاجة جديدة خالص قال لى شنو :
ـ أشتري لي يا أبوي عقد عمل .. عشان أسافر .. أغترب.. ؟؟ اا,وليتسال بتهكم :
ـ ياجماعة زول ما خلص تعليمه .. يقول :
ـ شنو عايز اسافر .. عشان اغترب .. وأريش ؟؟اا ..ليواصل تهكمه المسموع :
ـ ثم أسالوني دبل ياناس ؟ هو مش " بصبورت " باسبورة " ماعندوا ..؟اا , بطاكة " بطاقة " شخصية .. ساكت ماعندوا ؟؟ اا
ـ أسالوني ,,الزول دا حيسافر .. ويغترب كيفنه ؟؟اا.., ليواصل :
ـ وهو قايل السفر والاغتراب همله .. ولا همله .. ولا لعب .. ولا لعب .. ولاشنو.. ولا شنو .. ولا شنو ؟؟ااا , بالطبع كل هذة النكات النادرات ومن روائع تخريج عم عبد الجليل " أب مارقيط " أظرف ظرفا الموردة والخور رحمة الله , والذى ذهب باكرا وفجاءة كالبرق ومن دون أن تشبعنا ملحة ونكاتة الظريفة الشيقة , والتى تاتى هكذا دائما بعفوية وعلي السليقة .. .
الجزء " الثاني " تمت ,,,
فتحي عبد العزيز محمد
مكتبة " صابر قولوا " سينما الجيش بانت
22/4 / 20011م

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق