قصة من الخيال :
***لأجل فارس أحلامها****
.... سافرت إلى بلده...حلّت ضيفة على بيته.. رحب بها كل أهله وأحبّها كل سكان البيت.
إرتاحت كثيرا لوجودها بينهم، أحسّت كأنها واحدة منهم وتصرّفت على ذاك الأساس فكانت تتحرك في البيت كأنها قد عاشت فيه كل عمرها.
كانت تساعدهم في أشغالهم اليومية
وتتعلم منهم إعداد أطباق لذيذة من الطعام الذي يميز بلدهم.
كل أفراد العائلة كانوا سعداء بوجودها بينهم فمنذ أن قدمت إليهم ملأت الفرحة حياتهم فكان الجميع يسمع ضحكاتهم ويشم رائحة السعادة المنبعثة من بيتهم.
هذا الجمال والهناء والإستقرار لفت أنظار جيرانهم وأثار فضولهم وحفيظتهم .
ذات يوم قرر كبير العشيرة أن يزور بيته ويتناول وجبة الغداء عنده وكل غايته من ذلك هي إستطلاع أمر هذه الضيفة الغريبة.
جاء الشيخ ومعه خادم لا يفارقه أينما ذهب. رحب به سكان البيت وأظهروا له كل طقوس الإحترام والتبجيل.
إلا هي فقد حاولوا إخفائها عنه قدر المستطاع وطلبوا منها أن تتجنب الظهور أمامه.
هي لم تكن تعلم السبب أما هم فيعلمون.
كان الشيخ جالسا مع فارس ولكن أنظاره كانت قلقة تجول في أنحاء البيت وكأنها تبحث عن شيء فقدته.
بعد برهة،خرج فارس لقضاء حاجة فاستغل الشيخ ذلك وبدأ جولة في البيت يتنقل بين الغرف حتى وقع نظره عليها.. اذا تلك هي الضيفة التي سمع عنها من الجيران.. إمرأة كثيرة الضحك ،لباسها مختلف وتصرفاتها تختلف عن عاداتنا... فكرة مسبقة جاء بها الشيخ قبل أن يراها وقبل أن يتثبت...
نظر إليها ولم ينطق بكلمة ثم عاد إلى مجلسه ونادى على خادمه ووشوشه بكلمات لم يسمعها أحد انطلق بعدها الغلام مسرعا.
أما الشيخ فقد تحدث قليلا مع فارس ثم غادر البيت وقد لاحت على وجهه ملامح الغضب.
جاء فارس إليها وملامح وجهه لا تفسّر وقال بكل لوعة"لماذا تركته يراك"
ثم تركها ودخل الغرفة فركضت وراءه ولكنها إرتعبت عندما رأته بذلك الوضع كان يبكي بكاء مرًّا ويقول "ستحل الكارثة".... عبارة رددها كثيرا....
وفجأة رأت الدماء تسيل من أنفه وفمه فإرتعبت وأجهشت بالبكاء وهي لا تفهم شيئا.
أخذته بين أحضانها، غسلت وجهه بالماء، وتناولت منشفة نشفت بها وجهه وحاولت تهدأته ولكن فات الأوان.
سمعت جلبة خارج الغرفة فإتجهت نحو الباب لتفتحه عندما سمعته يقول:"ها قد جاؤوا" .
فُتِحَ باب الغرفة قبل أن تصل إليه ودخل ثلاثة رجال عظام الجثث وكأنهم عمالقة كان أكبرهم يحمل عصا معقوفة وضعها في رقبتها وجذبها بعنف وهو يقول:"انت هي إذا،امممم ... إسمعي.. مجهوداتك في هذا البيت مشكورة ولكن وجودك هنا خطأ وممنوع ولا تسمح به أعرافنا. "
سحب عصاه من رقبتها ودفعها خارج الغرفة وقال :"انتظري خارجا"
وهي خارجة حانت منها إلتفاتة إلى فارس الذي كان واجما كأن على رأسه الطير فأدركت من ملامح وجهه خطورة الموقف.
خرجت من الغرفة وركضت وهي تنوي الهرب منهم ولكنها عادت وفكرت وقالت لنفسها :"كيف أذهب وأتركه وهو سبب مجيئي إلى هذا البلد وهو غايتي فكيف أتركه ولا أعرف مصيره أو ماذا سيفعلون به؟"
تراجعت عن فكرتها... جلست قليلا تفكر وهي ترى حالة الرعب التي يعيشها سكان البيت وخجلت لأنها كانت السبب في إفساد حياتهم..
عندما رأت اولئك الرجال يخرجون من الغرفة دخلت بسرعة إلى المطبخ فأحضرت منه سكينا ثم عادت لمواجهتهم وأثناء ذلك سمعت الأولاد يقولون:" لقد صدر القرار وتم الإتفاق وإنتهى الأمر" قالوا ذلك بخوف ومرارة..لم تفهم قصدهم ولكنها لم تسأل..
إقترب منها كبير أولئك الرجال وقال :"لن تبقي هنا لحظة واحدة بعد الآن .. هيا تعالي معنا.. سنأخذك إلى المكان المناسب.."
نظرت في عينيه بتحدٍّ وثبات دون خوف ولا إنفعال.. لم تكن ضعيفة فقد كانت هناك قوّة خارقة تسكن بين ضلوعها...
ثم قالت له بصوت مرتفع سمعه فارس وهو لا يزال داخل الغرفة :" لن أخرج من هذا البيت وقد كان غايتي ووجهة سفري وتمنيت أن أعيش بين أهله كفرد منهم .. وإن إستحال عليّ ذلك فسأموت كفرد من أفراد هذه العائلة ولن أخرج من هذا البيت إلا محمولة على الأكتاف في نعش"
ثم وبكل شجاعة ودون أي تردد غرزت السكين في قلبها وسقطت على الأرض وهي تردد إسمه...
وغادرت الحياة وسط ذهول الجميع...
بهيجة بن موسى

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق