على عتبة الانتظار
''''''''''''''''''''''''''''''''
على عتبة الانتظار، هناك، جلست ويداها مخضبتان بالحناء، تصافح خديها الورديين في صمت وهي شاردة. عيناها مرشوقتان في الطريق الطويل الذي يؤدي إلى منزلها. مرّت ساعة بل ساعات، وهي تنتظر القادم من بلاد الغربة، لهفة وشوق واشتياق، تداعب أناملها تارة وتارة تسمع نفسها رنين أناتها كي تأنس وحدتها وتمر لحظات الانتظار في عجل... اليوم سيعود ابن عمها المهاجر من سنوات، هذا الذي يسكن أضلاعها منذ وعيت الحياة، هاهي سيارة بيضاء تقترب.. تسير ببطء محملة بأدباش، تليها سيارة العم محمد الذي انطلق منذ الصباح، لاستقبال ابن أخيه اليتيم، والوحيد، فهو بمثابة أخيه الذي فارق منذ زمن وقد رباه كابنه، ورعاه إلى أن بات شابا وسافر مؤخرا للعمل في دولة أوروبية، آملا أن يعود يوما بالنجاح والتوفيق، وهاهو يزور البلاد منذ سنوات، اشتاق له العم وابنته، فهم عزوته وأهله، بعد رحيل والديه، ثارت فرائس الفتاة، لقد عاد حبيبها بعد زمن، هاهي تثور وتنتفض بل تصرخ وتبكي، فرحا، وصل ابن العم الغائب، قفزت سميّة من مكانها واعترضته في لهفة واشتياق، لكنه مد إليها يديه ببرود، كأنه لم يغب عنها ثانية، تسمرت هنيهة، في حين نزلت من سيارته فتاة شقراء، أنيقة بيضاء، حمامة تتهادى في رقة ورشاقة، فقدمها إليها ابن عمها، وقال هذه "كلارا" صديقتي ورفيقتي في الغربة، وضعت البنت يديها على فمها كانت تريد أن تصرخ فيه وتثور عليه كالبركان، لهول المفاجأة، لكنها تماسكت وعادت تجري لغرفتها،
تبكي وتنحب حظها العاثر....
طاهر مشي
السبت، 23 يونيو 2018
💝على عتبة الانتظار 💝 للأديب طاهر مشي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق