الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

قراءة في نص *غروب* للشاعرة مفيدة السياري بقلم الشاعر ناجي الجويني

 بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على النبي المصطفى خير الأنام
بداية نشكر الشاعرة القديرة مفيدة السياري على قيمة نصوصها و فكرها النير و رحابة صدرها و قد تناولت نصا أدعو الله أن يوفقني في تبيان مكامن معانيه

*غروب*
مكاني قصيّ
عند الرّبوةالمنتهى
ولحافي قدسيّ
روحي تومض
شوقا ونجوى
لأنعتق
من ذاتي
وهفواتي
أنفاس الثّرى
نقيّة
إشارة
تحييني
والكل براني
وحدي في عطشي
لفني سحر الوجود
أبوء إليك توقا
كلي صفاء
أرنو إلى المشتهى
قطاف النقاء
وسكينة الكون مْزْنا
تغسلني من هفواتي
ساختا في الأفق
في صلاتي
في ابتهالاتي
(مفيدة السياري٠من على شفا جب من نار)

نبدأ بالعنوان غروب..
بداية نهاية اليوم وهذا إيحاء على نهاية شيء ما كذلك نلاحظ اختيار هذا الوقت بالذات لأن فيه الكثير من التعب خصوصا بعد تعب اليوم بكامله و هذا دليل على نفسية الشاعرة لحظة الكتابة و أيضا للغروب ميزات للهدوء و السكينة و التأمل خاصة...
_ مكاني قصيّ
عند الربوة المنتهى..
بدأت الشاعرة بالإطار المكاني المطلق النكرة ..
قصيّ هو إسم علم مذكر يعني البعيد و أيضا النّاحية.. هذا مدلوله اللغوي
و قصيّ بن كلاّب هو الأب الخامس من سلالةالنسب النبوي الشريف
ومن صفات حامل هذا الإسم الطموح الزائد و الثقة العالية بالنفس..
و سنعود للربط بين المفردات..
و بقولها عند الربوة المنتهى.. هذه إشارة واضحة على الانعزال و الابتعاد.. وليست الوحدة
_ و لحافي قدسي..
هنا نستطيع الربط بين المعاني و قد بيّنت الشاعرة بوضوح أنها تنتسب إلى سلالة نسب الرسول الشريف و اللحاف هو رداء نضعه على أكتافنا ليقينا من البرد و معناه في القصيدة أن انتسابها هو حاميها
_ روحي تومض
شوقا و نجوى
لأنعتق
من ذاتي
و هفواتي
المشهد عال في تصويره
كأن الجسد هو مكبّلٌ للروح و سجانها و الروح تفتش عن طريق الإنعتاق و الخلاص حيث سأمت من محاصرته لها و هذا كذلك معنى صوفي ديني
_ أنفاس الثرى
نقيّة
إشارة
تحييني
نبدأ بكلمة الثرى وهو الندى و هو إشارة إلى الخصوبة و السماء الماطرة وهذا تعبير على إشتهاء الروح للإنعتاق و الحرية و قد بينت ذلك بقولها إشارة تحييني..
_ و الكل براني
وحدي في عطشي
التأكيد على الجدل الداخلي في ذات الشاعرة في هاذين البيتين
_ لفني سحر الوجود
أبوء إليك توقا
كلي صفاء
أرنو إلى المشتهى
قطاف النقاء ..
كأن الشاعرة تتهرب من واقع ملوث تتعايش معه
غصبا وهي سجينة الجسد و تتوق إلى فضاء المطلق الروحي غير مرتبطة بالدنس الدنيوي
_ و سكينة الكون مزنا
تغسلني من هفواتي
هذا معنى صوفي بحت و تحديدا إشارة إلى أولياء الله الصالحين و أصحاب الخطوة وهذه صفة لبعض البشر الذين يمتلكون قدرة خارقة كالتواجد في مكانين في نفس الوقت و لا تعيقهم لا جبال أو بحار و يقدرون على قطع مسافات طويلة جدا بخطوة واحدة
و بقولها تغسلني من هفواتي هنا دليل واضح على شهوة الانعتاق التام من الآثام الدنيوية و الإنبلاج في مسيرها تقرّبا لله
_ ساختا في الأفق
في صلاتي
في ابتهالاتي..
ساختا أي تركيز النظر في الأفق .. في صلاتي.. في ابتهالاتي
هنا نعود للعنوان الغامض نوعا ما مبدئيا..
هنا تشير الشاعرة إلى الإنعتاق من حياة الدنيا زاعفة كل خبيث فيها و الرغبة في التعرف إلى طريق الله
أجادت نسج القصيدة و أبدعت في تعابيرها
الأستاذة و الشاعرة القديرة تحياتي و كامل تقديري لجمال روحها و حرفها
ناجي الجويني الشاعر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق