في زمن كورونا:
الشعر بلسم للرّوح..حين تتشظى
"الشعر "قرين العزلة وتوأمها الشقيق"."
بدأ فيروس كورونا مؤثرًا قويًا في كل نواحي الحياة، وفاعلًا رئيسًا على الساحة العالمية، منذ ظهوره في ووهان الصينية وامتداده إلى بلاد العالم، فحصد كثيرًا من الأرواح، ونشر الرعب والخوف في الناس، وألزمهم بيوتهم في حالة لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلًا، فلا غرابة أن يكون لكل إنسان وسيلته في التصدي لهذا الفيروس اللعين. ولعل من أهم هذه الوسائل لجوء كثيرين إلى الشعر دون غيره من الأجناس الإبداعية.ولم يكن هذا اللجوء خاصًا بالشعراء وحدهم بل بغيرهم أيضًا من سياسيين واقتصاديين ومفكرين وعلماء نفس واجتماع...
"سارع إلى عزلتك يا صديقي" بهذه العبارة المنسوبة إلى الفيلسوف الألماني،فريديريك نيتشه،دعا بيت الشعر بالمغرب الشعراء إلى استغلال العزلة التي دخلها ملايين الناس عبر العالم بسبب جائحة كورونا،للقاء الشعر "قرين العزلة وتوأمها الشقيق".
جاء ذلك في كلمة لبيت الشعر بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي كرسته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) باقتراح من المغرب،يوم 21 مارس من كل سنة،والذي يتميز هذه السنة على غرار بلدنا تونس بإلغاء تنظيم جميع الأنشطة الثقافية والأمسيات الشعرية المبرمجة للاحتفاء به بسبب الحجر الصحي وتدابير العزلة الاجتماعية التي فرضتها العشرات من دول العالم لتجنب تفشي فيروس كورونا المستجد.
لا شك في أن اللجوء إلى الشعر في هذه المرحلة يعود إلى أسباب كثيرة، تتمحور في الميزات الخاصة للشعر من ناحية، وطبيعة النفس البشرية من ناحية أخرى؛ فالشعر هو الفن الجميل الذي يثير الجمال في النفس، ويحث على مواجهة المصائب، ويبعث الأمل في الانتصار عليها، كما أنه يخفف الهموم،ويشرح الصدور،وينقي الوجدان من شوائب العاطفة،ويغري بالخير ويدفع إليه.
وهو لا يحتاج من المتلقي إلى جهد كبير في فهمه وحفظه، كما أن الشاعر لا ينتظر انتهاء الحدث أو مرور مدة على حدوثه حتى يكتب عنه بل إنه قد يتأثر بما يجري أمامه فيفيض قلبه في الحال شعرًا،بخلاف الروائي فيحتاج إلى مدة طويلة قد تطول شهورًا وربما سنين على انقضاء الحدث حتى يتناوله بالكتابة..
وإذا كان فيروس كورونا يلتصق بالعين أو الفم أو الأنف؛ ليمر إلى الرئتين،ويميت الإنسان فإن الشعر يلتصق بالقلب مباشرة؛ لينعش الروح،ويعزّز جهاز المناعة لدى لإنسان،ليبقى على قيد البقاء.
والسؤال الذي يتبت على حواشي الواقع:
هل نستطيع القول في غمار التحولات التي نالت جوانب حياتنا المختلفة،بعودة الشعر ليتبوأ المكانة التي فقدها في العقود الماضية لصالح الرواية..؟
ويظل السؤال في زمن كورونا عاريا حافيا ينخر شفيف الروح..كما تظل إجابات القراء الكرام منتظَرة..
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق