الخميس، 5 نوفمبر 2020

اشراقات الإبداع في قصيدة-امرأة مريبة-للشاعر التونسي القدير جلال باباي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 اشراقات الإبداع في قصيدة-امرأة مريبة-للشاعر التونسي القدير جلال باباي

(تقديم محمد المحسن)

قد لا يحيد القول عن جادة الصواب،إذا قلت أن طريقة جلال باباي،في تقديم مشاهد-لوحته- الشعرية هذه،هادئة بسيطة ومقتصدة،مع أناقة في اللفظ الممهد للحركة،وبلا شطط في التصوير،تؤطر حركة الجدل بين مفردات المشاهد .
تتميز العناصر الجمالية للدفقات الشعرية في هذه القصيدة،بتحررها من قيود الوزن وحصار القافية،مما اتاح للشاعر سعة في التعبير عن موضوعه،بلغة حرة مكنته من بناء الصور الواقعية والخيالية -للوحته-الشعرية.
وهنا أقول:“إنتشال” نص أدبي حقيقي ثري ناجح،لا يغطي كامل مساحة التجربة الإبداعية الممتدة للشاعر السامق جلال باباي،ولكنه في ظل التزاحم الذي يطفو على سطح المشهد الثقافي في تونس،يفسح المجال واسعا،لمشواره الطويل لتجسيدِ حضورٍ كاملٍ وفاعلٍ في اثير الابداع،وتمتين علاقته بصناعته،بعيدا عن ثقافة التصفيق والتهليل والتكبير،وصناعة الأسماء وتلميع الحصى..
ختاما أقول:لقصيدة اللوحة-في شعرجلال باباي-تجسيدات فنية نتنسَّم أبعادها بمناحٍ تشكيليَّة،تثير القارئ بتشكيلها النسقي،مما يجعلها ذات حيازة نسقية مباغتة،توحي بدلالات جديدة تمركز إيحاءاتها ومشاهدها بألق تصويريّ فاعل،كما في هذه القصيدة الفاخرة (امرأة مريبة)،التي سندرسها -لاحقا-بشكل مستفيض،نظراً إلى تشكيلها الفني اللوحاتي المثير،وبهذا الأسلوب الشاعري الجميل يقول الشاعر جلال باباي حرب:
امرأة مريبة
(جلال باباي)
عندما يستيقظ الخريف/
يوقظني مسٌ الشغف بعشقها/
تختلط عليا الأسماء فينام فوق صدري اسمها../
هي ارتعاشة شهقتي ، /
حمٌى عطرها تحيلني على الهذيان/
...دَثِّريني أيتها الساخنة بالغزوات
دثِّريني!/
بي رغبة في أن أعيش الموت/
في حضن امرأةْ مريبة/
فتبادرني بالسؤال...ماذا؟ ثم ماذا؟/
أختطف اجابتي من بين شفتيها /
هو العبث.. أيتها الراهبة، من يدري؟/
إذن لا مناص..هو الخريف فصل متقلٌب/
يقودني لاوراق الماضي الطافحة بالنزيف/
لفني بشالك حزاما ناسفا حول خصرك/
بتنا واحدا بشطحات أفعى وموسيقى الخفيف.
جل قصائد الشاعر التونسي السامق جلال باباي قصائد جماليَّة،ترتسم رؤيتها بهندسة نسقية متفاعلة الخطوط،والألوان،والإيحاءات،والظلال اللونيَّة،والإيقاعات الداخليَّة،إذْ تتفاعل الشذرات التصويريّة فيما بينها بأنساق مؤتلفة تؤكد فنيّة القصيدة،وتنظيمها النسقي الفاعل لديه في إضفاء طابع جمالي منسق على -اللوحة-المشهديّة ككل،كما لو أنَّها مرسومة بريشة فنية دقيقة ترصد الأبعاد والمشاهد والرؤى بدقة متناهية للمتلقي.
دام المداد..شاعرنا الفذ جلال باباي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق