الثلاثاء، 3 نوفمبر 2020

{{...أَدُبَ الوَصْف في نهج أم معبد ...}} بناء على طلب ابو معبد وبما عهده من بلاغة زوجته.... تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

 بسم الله الرحمن الرحيم

{{...أَدُبَ الوَصْف في نهج أم معبد ...}}
بناء على طلب ابو معبد وبما عهده من بلاغة زوجته....
قال :- صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ...
فجاءت بأدب الوصف على نهج فطرتها وسليقتها البدوية وفق لغتها العربية الأصيلة:- وأدب الوصف فنّ من فنون الاتصال الأدبي، ويُستخدم في تصوير المشاهد وتقديم الشخصيات الكريمة ، وهو أسلوب فني أدبي يدل على قدرة الواصف على تجسيد صفات الموصوف وتقييمه وتقديمه بأسلوب ودقة دقيقة متناهية للسامع أو القارئ فكأنك تشاهده وتتابع أوصافه بشوق ولهفة لمعرفة التفاصيل بصدق دون مداهنة
فها هو ابو معبد يعود إلى خيمته كعادته مع قطيعه الموصوف المعروف آنفا ... فبدأت أم معبد بعفوية دون تكلف فيما رأت من الصفات النبوية الموهوبة لرسول البشرية صلى الله عليه وسلم وقد أجادت في توصيف أدق التفاصيل وحشدت من الألفاظ أحسنها، ومن المعاني أجملها، ومن العبارات أقصرها ببيان، ومن الإيجاز أمتعه، ونطقت بأعذب الكلام مما يعجز عن الإتيان به أرباب البيان حقيقة لا خيال ...
ويأتيك في آخر الزمان من يقول لك إياك ثم إياك مدح وذكر صفات رسولك الكريم بمثل ما وصفته به أم معبد فقد وصفت شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ومعالمه وملامحه وشمائله بأدق الأوصاف، وصفا محببا للنفوس خاصة لمن تعلق قلبه بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنقذ البشرية كاملة ...
وقد أجادت أم معبد بالوصف والتوصيف وأرى أن المرأة أجدر وأقدر على هذا من الرجل وأدق :-
فقالت :-
"رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ..."
الكلام موجه للبشرية جمعاء من خلال طلب ابو معبد للأوصاف المحمدية، والإجابة قالت رأيت رجلا في منتهى الحُسْنُ والنَّظَافَةُ والبَهجَةُ والرتابة هذه هي الوضاءة والإنارة التي تشع من أنواره صلى الله عليه وسلم. لا من أحد غيره...
"أَبْلَجَ الْوَجْهِ..."
الوجه عادة ما يوجه به الإنسان غيره ، فإن كان حسنا كما هي صفات وجهه صلى الله عليه وسلم كالبدر المشرق المطل بنوره على الكون ،ومُسْفِر ظاهر الجمال .
"حَسَنَ الْخَلْقِ ....."
عليك صلاة ربي يا رسول صفاتك وتقاسيم جسدك من أحسن ما خلق الله من خلقه،
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني *** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ *** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
ثم عادت وقالت" لَمْ تَعِبْهُ ثَجْلَةٌ ..."
مظهره صلى الله عليه وسلم متناسق متماسك لم يكن ثجلة كعِظَمُ الْبَطْنِ, وانْتِفَاخُهَ, وَضَخَامَتُهَ, مع نزوله للأسفل بمعنى مترهل ،ما هكذا كان عليه الصلاة والسلام بحيث تأنفه النفوس...
"وَلَمْ تُزْرِيهِ..."
فهو صلى الله عليه وسلم كامل الأوصاف وما عابه أو عاتَبه أحد في شكله لأنه لا نقص في خلقته حتى يعيبه أو يزدريه أحد في هيئته.
"صَعْلَةٌ ...."
الصعلة صغر الرأس ويلازمه بالطبع صغر حجم الدماغ، لم يكن صلى الله عليه وسلم صغير حجم الرأس حتى يعاب ويستهزأ به في صغر حجم راسه.
" وَسِيمٌ ....."
الوسامة علامة دالة عليه دون غيره، فهو حَسَنُ الطَّلْعَةِ والهيبة والهيئة وهذا من دلائل حسن شكله صلى الله عليه وسلم أنه وَضِيء ثابتُ حُسْن الوسامة على الدوام، كأَنه قَدْ وُسِمَ خلقه على ذلك من الجمال والبهاء الذي لا يشاركه فيه أحد،
" قَسِيمٌ ..."
قسيم غير كلمة وسيم ، قسيم كَأَنَّ كلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أخَذَ قِسْمًا مِنَ الْجَمال والرونق فهو جميلٌ كلُّه زيادة في الْحُسْنُ والكمال,
" فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ..."
الدعج هو شِدَّة سَوَادِ الْعَيْنِ مع اتِّساعها، وشِدَّةُ بَيَاضِها، كم هو جميل سواد العين واتساعها مع شدة بياضها وهذا منتهى الجمال يسمى حَوَر وهي ميزة خاصة في جمال سعة واتساع العيون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذات...
" وَفِي أَشْفَارِهِ ..."
الأشفار مَنْبَتُ شَعَرِ الْأَجْفَانِ وطولها مع استرخائهما وجمالهما عند التقائهما في التغميض والانفتاح. فشَفْرُ الجَفْن حرفُهُ الذي ينبتُ عليه الهُدْبُ. دقة في وصف عيونه صلى الله عليه وسلم فاقت الحسن في منبت شعر الأجفان طولا بداية ونهاية ....كم هي كانت أم معبد صاحبة ملاحظة، فامرأة حقا أعلم من يكون في معرفة هذه الأشياء فهي أم تعرف صفات المواليد...
" وَطَفٌ ..."
الوطف هُوَ أَنْ يَطُول شعرُ الأجْفان ثُمَّ يَنْعَطِف ويكون للأعلى فيزيد في جمال عيونه صلى الله عليه وسلم، ما هذه الدقة يا أم معبد تصوير دقيق وأدب في الوصف وليس تغزلا محرما....والى لقاء آخر مع أم معبد وباقي الأوصاف تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق