الخميس، 1 أبريل 2021

نشيج..في هدأة الليل/محمد المحسن/مؤسسة الوجدان الثقافية


 نشيج..في هدأة الليل (4)

أنا متعَب كزيتونة أحرقها الصقيع..كزهرة لوز تناستها الفصول..كيتيم يسير حافيا على ثلج الدوروب..
أسافر أحيانا عبر الغيوم الماطرة..وأرحل إلى مدن لا رفيق لي فيها ولا صديق..
وأحطّ رحالي بتلك البقاع القصيّة كطير غريب حطّ على غير سربه..
أحتاج أبي الآن كي ألعن في حضرة عينيه المفعمتين بالأســى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلوا بظلي في زمن القحط والجدب..
لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..
واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي..وحروفَ إسمي..
آه أمّي..كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟!
أمّي التي خاضت تجربة الحياة بمهارة..مازالت ظلالها ممتدة من الجغرافيا إلى ارتعاشات القلب..
مازالت هنا رابضة على عتبات الرّوح مثل رفّ جناح..
وما زالت أسمع تراتيلها وصلواتها كلّما مرّت الرّيح بحذوي..مازلت أرى طيفها في الأيّام الشتائية الماطرة حين السحب تترجّل على الأرض ضبابا..
أستجدي عطفها أحيانا..فتتسربل بالغيم وتتوارى خلف الهضاب..
أبكي قليلا ثم أقتات من مهجة الليل..وأنام.
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق