قرأت للشاعرة الأديبة نعيمة سارة الياقوت بالصدفة كنت أقرء قصائدا في مجموعة فإذا بي أصل إلى قصيدة لها فتفاجأت لأنني وجدت نفسي أمام نص شعري مثير يتسم بالإسترسال المتوسط الطول وأثارني أسلوبها في كتابة الجمل الشعرية وتمكنها من ناصية اللغة بطريقة غنية جدا حيث أن رصيدها اللغوي شاسع وقوي يجعل منها شاعرة متمكنة إلى درجة كبيرة من لغة الخطاب الشعري وانبهرت بغنى الخطاب الدلالي التواصلي في قصيدتها حيث أنها تريد أن تطرح عدة تيمات غنية في نصها الشعري فشممت فيه رائحة السياسة والسوسيولوجيا حيث أنها تطرح عدة قضايا اجتماعية ثم وجدت خطابا دينيا متأصلا في ثقافتها ثم وجدت أنها لا تبخل على القارئ بمشاعرها الوجدانية فنجد تيمة الحب متواجدة إو الرومانسية ثم نجدها مهتمة بمشاكل العالم العربي برمته وبمعاناة الشعوب العربية كلها بما فيها القضية الفلسطينية وما أثارني وأنا أتأمل هاته الشاعرة هو بناء القصيدة لغويا حيث تظهر براعة وكفاءة كليرة في تركيب قصيدته وغنا كبيرا في تشكيل الصورة الشعرية لديها وللتعرف عليها اخترت قصيدة لها بعنوان مذكرات نيسان
مذكرات نيسان///
سيرحل قريبا
قريبا جدا...كأنه ماكان ولا كان
كومضة عابرة...
كغيمة شاردة ...
نيسان المديد
تتكلم الشاعرة عن نيسان وهو الربيع وعن رحيله الذي اقترب وآن أوانه وتقول أنه مر بسرعة كومضة كرمشة عين وتصفه بالغيمة الشاردة وهي براعة وصف وتصوير هي قتامة وشرود يعني تخبط أو تيه إنسان لا يعرف الطريق تائه ثم تصفه بالمديد لأنه كان في الزمن الجميل مديدا ممتدا وطويلا نخرج فيه إلى النزهة ونقطف الورود والأزهار ونستنشق هواء الربيع في الفضاءا ت الربيعية إلا أنه تحول إلى غيمة شاردة
يجمع ماتبقى من نسائم الربيع الواهنة
نيسان حزينا يلملم بقايا عشق في الذاكرة
وأوراق اصفرت على الأرصفة المنكسرة
سيأخذ بعض الدخان
من بقايا نارواَثار العاصفة...
نيسان حزين هذا العام
بلا تأشيرة يمتطي صهو الرحيل
وفي الزورق ثنائيات وسلالات من رحيق وياسمين
ومحابر جافة
وأقلام شاهدة
وبعض الأوراق الفارغة...
وأسماء للموتى
والملقحين غصبا ضد الفاشية...
وعناوين لمقابر ولحود بلا أكفان...
لعل الريح تهب نسائم عامرة...
في موسم بلا دمعة حارقة...
نيسان اَفل كتلك الشمس كالقمر بين حديث الأنبياء
في هذا الجزء الشاعرة تستعرض تأثير هذا الربيع الذي شبهته بالغيمة الشاردة في داخلها هي كيف تفاعلت معه وتجزئ تفاعلها الوجداني مع هذا الفصل وتصف كيف تخالجت نفسهابه ومعه يجمع ما تبقى من نسائم الربيع الواهنة لم يكن هناك ربيع هي لم تستشعره ما أحست به يلملم بقايا عشق في الذاكرة هي تتأسف عليه كيف كان هو كان عشقا وتحول إلى أوراق اصفرت لا معنى له لم يترك أثرا على الأرصفة المنكسرة شحوبه يضهر على الأرصفة في الشوارع نيسان حزين يمتطي صهوة الرحبل ثم هو لم يترك حتى قصائد جميلة في وصف وروده وأزهاره هو لم يحرك مشاعر الشعراء لحزنه وأسماء للموتى طبعا فجعتنا المنايا في أحباب فقدناهم والملقحين غصبا ضد الفاشية هو مجاز سياسي لن أدخل لتحليله فهو رأيها الخاص بها وعناوين لمقابر وحدود بلا أكفان تصوير للموت بطريقة مؤثرة إلىأن تقول نيسان أفل كتلك الشمس كالقمر بين حديث الأنبياء الشمس تأفل كل يوم لا مشكل كالقمر بين حديث الأنبياء هو تعبير شعري الأنبياء يبشرون بالإنعتاق إذا أطاع العباد المعبود ورحيل هذا النيسان ربما يكون فيه خلاص البشر من قتامة الصورة ومن المعاناة
سيتخلى إلى هجرة غريبة
كغيرعادته...
إلى حول في الغياهب...
سيقذف بي في حمى العشق...
طريحة بلا حول
أنتظر قطاري المؤجل... بين الأحلام التائهة...
كل الفصول مهما طالت راحلة
وكل القصائد على طول الوريد والقلب المطعون مندثرة
نحو طريق اللاعودة
وأنا والليل والعشق والشوق والعتاب والهمس والانتظار على الشرفات وبين المرافئ والمعابر
وغصن الزيتون والبندقية...سنظل...
ذكريات من أساطير
وكراسات خلد على أسوار الأرض الممتدة
من الماء إلى الماء
إلى حين الحشر واليقين.
في هذا الجزء ستتحول الشاعرة إلى ذاتها وستعرض قضيتها هي لمذا تخاطب القارئ مذا حرك فيها هذا النيسان الذي سيرحل سيقذف بي في حمى العشق طريحة بلا حول إنه حال ذات بينها هي عاشقة لا حيلة لها في أمرها طريحة بلا حول هي عاشقة مفعول بها وغير فاعلة لا حول لها ولا قوة أمام عشقها لا تستطيع أن تفعل هي شيئاأنتظر قطاري المؤجل هي محطة القطار وهذا القطار مؤجل لا أمل في مجيئه وأنا والليل والعشق والشوق والعتاب والهمس كلها أحاسيس متضاربة إنفعالات متنوعة والإنتظار على الشرفات وبين المرافئ والمعابر تصوير لحالة التوقف الذي تعاني منه وغصن الزيتون والبندقية كما لو أن الشاعرة تحيلنا على القضية الفلسطينية وتشبه حالها بحال الوضع في فلسطين الأبية التي توجد في حالة فوران دائم بين التحرر والأسر سنظل ذكريات من أساطير وكراسات خلد على أسوار الأرض الممتدة من الماء إلى الماء تصوير شعري رائع لحالتها التي لن تتنتهي وستبقى ممتدة في الوجود لكل بداية نهاية إلا أن قصة الشاعرة هي كالأهرام ستظل منصوبة شاهدة على تأريخ معاناتها وتفاعلها مع الكون لقد وقفنا على التنوع والغنى الزاخر والتنوع والتمكن من اللغة عند هاته الشاعرة الرائدة هي في الحقيقة من الرواد لأنها تمثل ظاهرة غنية جدا ةمتنوعة من الأحاسيس والمشاعر الإنسانية الغنية بالتأمل والتفاعل مع الواقع
بقلم بنصغير عبد اللطيف مقاربة تحليلية لقصيدة الشاعرة نعيمة سارة الياقوت مذكرات نيسان الجزء الأول

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق