الخميس، 22 أبريل 2021

مقاربة تحليلية لقصيدة سوسن الأصيل زهو النسيم الجزء الثاني بقلم بنصغير عبد اللطيف/مؤسسة الوجدان الثقافية

 


قرأت للشاعرة سوسن الأصيل لا أقول إنتابتني الدهشة أو تعسر علي فهم نصوصها ولا استشكل علي الإنفعال بلغتها ولكن سأقول وجدت نفسي في عالم شعري خاص بها أترنم وأشدوا معها بتراكيبها اللغوية التي تظهر غريبة لأن نبضها متسارع مما جعلني أطرح السؤال الذي يجب طرحه وهو ماهية إشكالية المصطلح اللغوي في النصوص الشعرية للشاعرة سوسن الأصيل هي طرحت علينا إشكالية مصطلح لغوي حيث أنها ركبت اللغة العربية بطريقة لا أقول معقدة ولكن متميزة أو متفردة هي تصوغ جملها الشعرية بطريقة خاصة بها ثم هي تدخل بهذا النسق الإصطلاحي اللغوي داخل ذاتها لتسبر أغوار حواسها كإنسان لمذا أقول كإنسان لأنها لا تكشف عن جنسها في النص هل هي ذكر أم أنثى هي إنسان والسلام قرأت لها عدة نصوص فلم أجدها تتكلم عن الحب ولا عن الرجل ولا عن شوقها وغيابه ولا عن تعذيبه لها ولا شيء من ذلك هي تتكلم في نصوصها عن انفعالها بالوجود وتفاعلها به ومعه هي تطرح قضيتها على القارئ وقضيتها هي انفعالها بالكون كإنسان أوجده الله تعالى فانفعل بالطبيعة ومعها وبالحياة ومعها وليسمح لي القارئ العزيز أن أجزئ دراستي ومقاربتي لنصوص هاته الشاعرة لجزأين الجزء الأول هوالذي نحن بصدده والجزء الثاني هو الذي سأدرس فيه قصيدتها زهو النسيم

بقلم بنصغير عبد اللطيف مقاربة تحليلية لقصيدة زهو التسيم للشاعرة سوسن الأصيل الجزء الأول
يُعرِّف دي سوسير الدلالة اللغوية بقوله: "إن الدلالة اللغوية لا تَجمع بين شيء واسم، وإنما تَجمَع بين مفهوم وصورة سمعية، وهذه الأخيرة ليستْ هي الصوت الماديَّ؛ أي: شيئًا فيزيائيًّا خالصًا، بل هي بصمة نفسية لهذا الصوت"[1].
ومِن ثَمَّ فإن الدلالة اللغوية في نظره لا تَجمع بين الشيء والاسم، وإنما هي "كلٌّ يتكوَّن مِن تصوُّرٍ وصورةٍ صوتية[2]، ولا يعني بالصورة الصوتية (السمعية) الجانبَ الفيزيائيَّ للصوت، بل يقصد الأثر السيكولوجي (النفسي) لهذا الصوت؛ أي: الصورة التي تُصوِّرُها لنا حواسُّنا من خلال هذا الصوت، سواء كان منطوقًا أو مكتوبًا.
إن هذا الإلحاح مِن جانبه على هذا الأثر، أو الانطباع النفسي للصوت - راجعٌ إلى كون الإنسان قادرًا على مناجاة نفسه دون أن ينطق بأي حرف
إرتأيت أن أبدء مقاربتي لقصيدة سوسن الخطيب بهاته النظرية اللسانية لعالم اللسانيات السويسري دي سوسير والذي يؤكد فيه أن الدلالة اللغوية تجمع بين مفهوم وصورة سمعية والمعنى هو بصمة نفسية أثارها الصوت داخل المتلقي وأردت بذلك أن أحيل القارئ على هذا العلم الرائع الذي يسمى باللسانيات وهو علم يجمع داخله عدة علوم كعلم الدلالة والسيميو لوجيا وعلم التركيب المهم هو أنني قرأت هذا النص فأسقطت عليه هذا المفهوم اللساني وهو أن الصوت يحدث مجموعة من الإنفعالات داخل المتلقي من هنا ستبدء مقاربتي
ضجيج الصمت..
أيقظه زهو النسيم ،
وأصداح الشحارير السكارى ..
من جوى فيض الربيع.
ضجيج الصمت مصطلحين متعارضين إلا أن الجمع بينهما يترك انطباعا داخل النفس وهو أن هناك صدام أو تصادم داخل الشاعرة أيقضه زهو النسيم صورة ربيعية هادئة وأصداح الشحارير السكارى من جوى فيض الربيع هي صورة شعرية واضحة شحارير تشدوا مزهوة بجو الربيع الجميل.
غارقا في بهو التأمل.. سابحا،
يجدف في ذُرى العزف الشجين..
هو دائما ضجيج الصمت غارق في بهو التأمل تستقطب الشاعرة حواسنا إلى تأمله سابحا يجدف في ذرى العزف الحزين بدأ الجو يتغير يجدف في ذر ى العزف الشجين استعملت الشاعرة المجداف لأنها ستسبح بنا في ذرى العزف الحزين سنسمع عزفا حزينا يعزفه ضجيج الصمت قلنا تحن نربط أصواتا بمفاهيم إذا لا مشكل
وهبيب العنفوان يدنو ،
من صدح الخطى..
وفي رشق أصداف الأمل
وهو يتلكأ في الهواء.. بارقا...
يتطَوح كَسٍكير...
متهدلا في الأقاحي..
ينثر صبوة قلب اجتر ..مَضَضا..
في قضم خذلانٍ كسير..
وهبيب العنفوان يدنو من صدح الخطى
هذا المقطع هو عبارة عن مصطلحات ركبتها الشاعرة بطريقتها لا يمكن أن يفهمها القارئ إلا ككثلة صوتية غير مركبة بطريقة تواصلية سليمة حتى يفهمها كخطاب بل يجب أن يلتقط المعنى من خلال مجموعة من المصطلحات غير منسجمة يتلكأ في الهواء ورشق أصداف الليل متهدلا في الأقاحي هو تخبط مصطلحي لغوي مقصود المهم هي صورة قاتمة تتشكل
أيها الخفقان الهارب،
من جدف حلم مكابر.. يهفو شاردا ،
إلى ظلِ قلمٍ شريد..
يدنو من ليل مرابط..
يتلبس.. عنوة أسمال حرف معتق.. باللوعة...
ويفتك بصولجان حزن..
من شِقٍه الرّعين!
وبدأ يتشكل الخطاب وبدأت الصورة تخضع لسلطان الحرف إلى ضل قلم شريد هو قلمها الذي ستخط به أحاسيسها الملتهبة المتضاربة الملتبسة حتى على الشاعرة هي نفسها لا تراها بوضوح
في فراغ النفس أجثو ..
وأتلوى في دياجير العبق المهتز، المتذبذب...
المترامي..
في عُرى همسي الدفين..
المعاناة بدات تظهر وتتراآ في فراغ النفس أجثوا هوالفراغ التخبط التيه وأتلوى في دياجير العبق المهتز المتذبذب ليس هناك حل لمعضلتها هي محاصرة داخل ذاتها لا تستطيع الإنطلاق لا تعرف إلى أين
واختلاجات الحروفِ،
تتململ في وشاح الظل..
وتهسهس في قضم المعاني..
وتعكس لمرآة روحي ،
رشحُ صَدى.. متدلفًا،
رافلا بالذكرياتِ.. المورقاتِ...
وبالحنين..
القصيدة هي المتنفس الكتابة هي التي تفزع إليها الشاعرة لتفريغ معاناتها القصيدة التي بين أيدينا هو دواؤها هو ملجؤها
يتحَدَجُني عَبَث البوارح،
و أنصِب هودجا سابحا يترنّح!!
ويهدهد للألم .. سوناتات عزٍ.. .. ذات نبض ،
في صرح الألق المُسجى..
في السّديم.
إنه ألم وجع وجع أنين معاناة دموع تفيض
يشْحد نصلا متدفقا،
لقطرات ندى كسيرةٍ..
شامخة في جُنحها،
مخضبة بالأنين.
صورة شعرية رائعة ترسمها الشاعرة كما لو أن الخلاص يشحذ نصلا وهو رمز للسيف سيسيل قطرات ندى لم تقل دما لتخفيف ألم الصورة شامخة في جنحها تحاول الصمود مخضبة بالأنين قمة الألم
ياربيع العمر..
اطلق عنان حلم ملفح..
ضاق من عجاف القحط مرا..
وتهاوى من أعلى صرح يترامى رابضا.. يتبختر ..
في دنى الروض العليل..
محاولة أنعتاق من صورة قاتمة جدا
مترفا في شذب الحبور..
وقطف شذرات تتوانى ..
من جبين شامخ.. تتهادى..
فوق تٍرسان السنين..
السنواة تمر والمعاناة تستمر والثوق إلى الخلاص
سوسن_ الأصيل
بقلم بنصغير عبد اللطيف مقاربة تحليلية لقصيدة سوسن الأصيل زهو النسيم الجزء الثاني

هناك تعليق واحد:

  1. تفاجأت بهذا التحليل الأكثر من رائع سيدي الفاضل ، فقد غصت في أعماق حرفي حتى خلتك تعرفني أكثر مني شكرا جزيلا لك ، ياحبذا لواطلعتني على هذا العمل الذي يعتبر شرفا لي ، تحياتي لك. اليوم اطلعت عليه بتاريخ 8 اوت 2021

    ردحذف