السبت، 24 أبريل 2021

عـــزمت الـــرحيل/المفرجي الحسيني/مؤسسة الوجدان الثقافية


 عـــزمت الـــرحيل...

-------------------------------
وحيد في شارع لا يحبّني أحد ،لا أعرف شيئا ،أطلقوا سراحي ،أنا يتيم
مات أبي البارحة ،ذاكرتي بلهاء ،لا أعصاب لي.. رَمَتْ نفسي تعبها خَلَوْتُ عزّمتُ الرحيل الى جزر الذكريات ،دوما في أوردتي، دم يسري،
شجرا مورق ،الفاصل القاهر ، تهدم ،... قدري اختار بين الحزن المؤلم والمثوى الاخير ،أفضل المثوى ،هناك صمت ،صمت وصوت نعيق ،يبدو الصوت أفضل ،ثم ضربة لغة قاسية وطلقة تخترق ،أكيد أختار الطلقة ،بماذا ترحب بين سياط الجلاد أم سيف حاد ،مؤكد سيف حاد ،للإنسان مجد ،فهذا شوقي ومجدي ،السحابات تتمدد، الليل يعقبه النهار ،هكذا نغرق وثمة أغنية ،تسري على جبال البؤس والحزن ،نثاث المطر يرطب تجاعيد الارض ،ارتحلت سفن النجاة صارت نارنا رماد ،صمت ،رعب ،جلادون ،سماء غصت بسحب سوداء ،بين السماء والارض أغنية ،غزاة القهر سيّاح في قرانا ،الحبّ بيننا أضحى فصل الخريف ،قدمه خضراء على ساحل النهر ،يمدّ ذراعيه نحو الشمس، للحب جدائل مدلاة تصل الارض ،في وجه الخبز ومقاعد العشاق ،في فاه ماء زلال ،اشجار الحبّ عندنا شاخت ،احمرّت عيناه ،تهدلت أجفانه ،احترقت ثيابه ،تغيرت كل الفصول للخريف ،قلوبنا تحجرت وبعضها جليد ،صار الحبّ صفقات ،أمسنا مشلول ،سيوفنا مدهونة بالدم ،يومنا أضحى كهلا ،عجائز بعكازات ،مخاض أيامنا طويلة ،بطوننا انتفخت آلاما جبالنا تقزمت ،قتلنا أمسنا ،نروم قتل اليوم ... مغرم بالغثيان ،الجرائم تعدو كمياه النهر ،ما زال دمي ينّز ،مالحا من عينيّ يسيل ،من كل العيون ،حتى عيون أمي ،تساقطت أشرعة الزوارق كأوراق الاشجار ،فات الاوان لم يعد هناك وقت ،عند قرون نحن على اليابسة ،نتسكع بالأرض الخراب، وعظام الحيوانات الميتة ،كالثور عندما يخور ،أفّاقون ،ألم ألّم بذراعيّ ،في تلك اللحظة ،أذوق طعم الفوضى الانسانية ،انهمرت عليّ مئات الاحذية ،مثل سياط ،أتوسل بذراعيّ كحبل ممدود ،لم أميز من رماني بحذاء ،ربما صادفته بزقاق ،رمتني الوجوه المتعطشة للنشوى فقط ،بحيرة التماسيح على تخوم القرية، لا غذاء ،مجاعتها تبتلع فضيلتنا ،فقدنا الشعور والاحساس بالشرف ،امام الاجسام العارية المهلهلة الثياب ،امام سياط الجلاد ،نجلد عراة ،جلادونا تترشح من عيونهم الموبقات ،وجوههم بدون لون ومسحة انسانية ،تركوني اَإنّ في غرفة جرداء مظلمة ،أمضغ دمي وألوك بلحمي ،فتشت عن حقدي الاعمى الدفين العميق ،لم أجد؟ ،تنهض الغربان الى أعشاشها ،الآلام تزهو متجولة في شتى الازقة ،مغص موجع يرتفع كالتلال ،مغص مودّع ،أمعن النظر بنافورة الساحة ،مائها يسيل حزينا ،على جنبها المرمري ،لم تعد تورق اشجارنا ،أضلاعنا ملتهبة ،عطشان في أحشاء الصحراء ،استيقظي ، قريتي ،اهلك كلها امراض ،النساء حوامل ،يجهضن في الازقة ،لم تعد سواقي القرية تضحك ،حريتنا منقوشة على الظهر ،لجامها حامض ،اقدام حجرية على قلوبنا ،رجل هزيل ينتعل صندل وكوفية ،يحتسي القهوة ينوح كامرأة عرجاء ،هواء غريب يكنس القمامة ،شيوخنا وراقصاتنا ،استلبهم الموت ،ينبت عند تخوم القرية ،حواجز ارق ،ماتت الذئاب المهاجرة ماتت على الرمال ،لا شيء يذكر ،فالعصافير المزقزقة ،تكسرت مناقيرها ،على جذوع الاشجار اليابسة ،وداعا ،راحل ،قلبي رجع مع دخان البواخر...
***********
المفرجي الحسيني
عزمت الرحيل
العراق/بغداد
25/4/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق