حبيس الروح ........
أسير بلا أثر وبلا عنوان في درب ماتت فيه كل الإبتسامات ....ماتت فيه كل الحياة ،أتطاير كورقة صفراء تساقطت من شجرة في فصل الخريف وتلاقفتها رياح الهموم هنا وهناك وأبت إلا أن تهينها وتنهيها كي تدوسها أقدام الأيام ،أتراقص من الألم كطير مذبوح ينتفض ويتمرغ على التراب نازفا متألما،وأبقى أُلوك وجعي بلا إستسلام لما أحاكته لي الأيام ...ضائعة في عالم النسيان ،في أزقة دروبي اللامتناهية لم أجد لي طريق يُهون علي المسير للوصول إلى نقطة التيه وإسترجاع ذاكرة أيامي الموجعة التي أثملتني من الضيم ....
مدينة ألوج فيها بلا عنوان بلا خريطة لشوارعها الواسعة والمتشابهة كتشابه نهاري وليالي العابسات،لا أعرف أناسها حتى أنني لا أعرفها بإسم كباقي المدن ، خلتها مدينة الكذب والبهتان ،مدينة الخيانة والخذلان ،لم أر فرد من أفرادها ...حتى مساكنها لست بعهد برؤيتها ،ترائت لي غريبة وغير مألوفة ،الشيء الوحيد الذي أتذكره أنني أرى طيفك هناك يجلس على إحدى الأرصفة مستظلا بظّل شجرة السنديان الطويلة كطول المسافة بيني وبينك ....ترمقني وكأنك تذكرتني من بعد هذا السفر الطويل الذي راقك ....وكأن المدينة لنا وحدنا أنا وأنت ...أجل أجل غادرها التعساء وبقينا نحن نتجرع المرارة التي تسودها ...إسترجعت النفس وإطمئنت ...آآآه يا ملاك الروح يا نسمة أيامي التي تعبق فؤادي ،كنت كلما خطوت خطوة نحوك زادت المسافات وكأن الطريق لا يريد لقائنا ....هرولت بخطى سريعة كالبرق وناشدت الشمس أن لا تغربي لكي أراك ....غربت ولا زلت أسير ...أركض و أركض لعلي ألحق بك ...لكن طيفك غرب كغروب شمس أيامي وتلاشيت مع كل خيط كان ساطعا وخفت ضوئه مع الأفق هناك ،تساقطت دموعي وأصبت بخيبة أخرى ولحظتها إنطوت المسافات كطي الكتاب ووصلت إحساس رهيب كان يختلجني لأنني فعلا رأيتك ولم تكن طيف خيال ....نسمة عطر أنفاسك كانت لا تزال هناك في نفس المكان ،تعبقه وتعبق حناياي عليلة يا غراس قلبي النقي ...يا شتلة كبرت ونمت بين ثنايا القلب وتجذرت بالفؤاد ، جعلتني أحن الى تلك الأيام التي كنت أقضيها برفقتك،كنت صديق السهر والقمر الذي أنار عتم العمر الأمّر....أنت أملي الزاهر الممزوج بالصبر وعلمني أن الحياة تستمر برغم المحن يامن فجرت في هته الأنثى من الورد وقتلت الصمت وأحييت الذبول الذي أفنى فيها العمر ...أنت من فجر فيها بركان الأحلام البائدة وركام المشاعر الدفينة ....التي إستوطنها الصقيع.
يا شمس أيامي وقمر الليالي إختفت نجومنا وحزنت مجرات أفلاكنا و سكننا الوجع بلا إنتهاء ....يا درب آلمني بالرحيل ....أين لقياك ومنتهاك ؟
و أين أنا بين الأنين والحنين ...يامن عاهدت نفسي على البقاء بالعهد الذي قطعناه سويا حتى وإن أخلفت ستبقى من لون لي وجه الحياة بإشراقة شمس كلما كان الشروق تذكرتك وسقطت من عيني دمعة كلؤلؤة من جُبّ سويداء قلبي الذي أسكنتك فيه وستبقى من أمنحه الحياة فأنا حبيسة عينيك وتوأم روحك التي آوت إليك بكل أثقالها وجنونها و حبها ...أخبرك تراكم الشوق كسحائب إسودت وتمنعت أن تتساقط إلا على روابيك وأخشى عليك من سيله المتدفق الذي سيسحبني الى حتفي والإقامة تحت ثرى عينيك ليته يفعل ليسكت ها الذي بين الحنايا حتى وإن غبت سيظل ينبض إليك .
بقلمي زهرة حماني

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق