الخميس، 13 يونيو 2019

رؤية سيميولوجيه بقلم الباحثة ازدهار محمد ناصر/سوريا/ النص للشاعر فيصل الامين /لبنان /

رؤية سيميولوجيه بقلم الباحثة ازدهار محمد ناصر/سوريا/
النص للشاعر فيصل الامين /لبنان /
===================
تنسلُ الكلماتُ من روافدي
هرباً من أنين
آخذةً الحروفَ لنهرٍ من حزن
ففي الألم يعيش المرءُ صعوبةً
يهجرُ بيتَهُ
يتلاشى كغيمٍ في الهواء
تتآخى الدموع و دقات الزمن
و يحتلُ الشّاعرُ عمقَ الصورة
مع من يتكلمُ ؟!
هم ملائكةٌ يعشعشون
في الذاكرة
يفتحون الخيالَ وظلال
ترحالك بأجنحةٍ من روح
يملؤون سماءك ابتساماتٍ
تلاطف النجوم
وأنتَ قابعٌ مع القمر
كانت رغباتٍ و أمنيات
وكنتَ ...
كأنهارٍ تستعيدُ مجراها
فروحي عاشت كوردةٍ
لا تكفُّ عن التأمل
وشوارعُ قريتي تصحو
قبل الشّمس
لتوقظَ الليلَ من الخوف
ها هي عيناي تأسرُ الحياة
وتدعوني لأغازلَ حنيني
للعشاء
كي أغزلَ امرأةً عشقتْ
كلماتي
اغازلَ القمر بدراً يراقصُ
نجومَ السّماء كي يقتلَ
الظلمة
لأرنو لسطوحِ الضوء
فأنا عاشقٌ للفجرِ حين
يستيقظ ... وأنا أنا
لا أنام ....
فيصل الامين
==================
رؤية سيميولوجية في قصد وقصيد ازدهار ناصر سوريا
استفزني هذا المحتوى ، وجعلني أتوقف أمامه احتراما لما امتاز من بوح صادق، أباح باحات هذا المحتوى هامسا تارة وصارخا تارة .
جعل المتلقي ، يستشعر عمق الإحساس وأنين الآه ، بتوصيف رائع جميل بدلالة الدلالات والإشارات والصور الجميلة، في بناء المعنى والمبنى .
عادة يكون العنوان هو العتبة الأولى، لمدخل عمق الإحساس والشعور ، والمعاناة الداخلية الشاعرة للشاعر ، جاء النص بلا عنوان بانسلال الكلمات من زمن الذكريات، لتترنح الرؤية وتتفاعل بخصوصية المتلقي ونظرته الى الأمور، وحسب المتلقي الناقد وثقافته والتراكم المعرفي، الذي يتعدى اللغة المنطوقة الى مابين الحروف، من علاقات وعلامات قد تكون رمزيه تعتمد على الدلالات من دال ومدلول ومرجعيه للواقع ، للتعبير عما يجول داخل النفس من حالات متراكمة نظنها أحيانا انها وليدة اللحظة .
احيانا قد تكون اعتباطيه مثلا : حين نقول ميزان، أو نرسم ميزانا على مبنى القضاة ،أو أوراق المحامي فهذا يعني ان الميزان هو رمز العدالة .
احيانا قد تصبح الإشارات والدلالات عرفا وقانونا على مستوى العالم برمزية اللون ، مثلاً: الأحمر في شارة المرور دليل الخطر، أو كعلامة على صنبور الماء يدل على ماء حار وازرق ،اشارة الى ماء بارد .... الخ
في نفس الوقت لانستطيع النكران ،أن هناك ثوابت لايمكن تجاوزها برؤية مغايرة عن ماهيتها ، من هنا انطلق انا وقد يختلف النقاد في الرؤية والتحليل، بالنظر الى اللون لغة بصريه، والمسرحية لغة حركية، والنص الأدبي لغة منطوقة، كلها عبارة عن خطاب أو مايسمى رسالة مشفرة، تشبه اشارات المورس موجهه للمتلقي، قد يحصل من خلالها تواصل تام أو جزئي أو عدم تواصل نهائيا بين المرسل والمرسل إليه ،فهو أمر عادي .
لذلك قد يختلف النقد قليلا بين ماهو أدبي أو سيمي ، وعلى الناقد السيمي، تجاوز الظاهر ليصل للعمق والنتيجة .
هذا ماجعلني أرى أن الحروف في هذا المحتوى ،قد تراقصت بالألم في مضمار نهاية دون قفلة ودون عنوان، بحثا عن الأمل ، هذا ما ذكرني بقول نيتشيه في فلسفة الألم والسعادة: /إن المتعة والألم مرتبطان بقوة معا، ومن يريد أكبر كمية ممكنة من المتعة، عليه أن يقبل بكمية تساويها من الألم/ .
لذاك نلاحظ ،ان الشاعر استطاع ان يستقطب اهتمامنا باتجاه مايشعر به من ألم بأبسط الحروف في عالم قصيده والقصد من القصيد، مع أن النص لايحمل عنوانا، حيث ابتدأ شاعرنا قصيده بالشكوى، التي كانت بمثابة العنوان ببساطة العبارات الواضحة الجلية بقوله: ( تنسل الكلمات من روافدي هربا من أنين .. آخذة الحروف لنهر من حزن) فنلاحظ الياء في كلمة (روافدي) دالة على نفس الشاعر الشاعرة وذاتيته المتألمة .
بعد ذلك، ينتقل بنا لنقلة نوعية من ذاتيته الشاعرة، وتوصيفه للألم وصعوبته، حيث قال: (ففي الألم صعوبة ) ثم أشار الى تآخي الدمع والزمن و سؤاله العجيب بالإشارة إلى الشاعر ( مع من يتكلم ؟!) ( تتآخي الدموع ودقات الزمن) إلى أنه وكأنه شخص آخر يتكلم، فهذه النقلة النوعية وسؤاله العجيب يجعل المتلقي لبرهة في حيرة الأمر ، فهذا دليل على تخبط الشاعر بآلامه وحيرته، التي انتقلت وتسللت للمتلقي دون القصد من الشاعر ذاته، هذا ما يدل على مصداقية في الإحساس، وما يعتلي النفس من ألم وحيرة .
ثم يجيب عن السؤال بنفسه ولنفسه (هم ملائكة ) غير معرفة بأل التعريف (يعشعشون في الذاكرة يفتحون الخيال وظلال ترحالك يملؤون سماءك ابتسامات تلاطف النجوم ) من هنا نلاحظ أيضا النقلة النوعيه الى حرف الكاف بكلمة ( ترحالك - سماءك) مشيرا للمتلقي، مخاطبا وكأن الشاعر هنا هو خارج الموضوع ، مع أنه هو لب الموضوع، ثم يعود بنا من جديد الى الياء الدالة على ذاتية الشاعر الشاعرة بقوله: ( فروحي عاشت كوردة لاتكف عن التأمل ) (وهاهي عيناي) ( وتدعوني لأغازل حنيني)(امراة عشقت كلماتي)
ثم هذه الكلمات المتحركة من فعل المضارع والضمائر التي تدل على ذاتية الكاتب (أغازل )(لأرنو) (فأنا )(انا) . كل هذا وماسبق من إشارات ودلالات ،كانت حبيسة قفص الحروف التعبيرية، التي عبرت برزخ الألم وعبّرت عن ماتعتليه النفس الشاعرة في سجن قد تكون سجنت ذاتيتها به ،حيث تعانقت الحروف والإحاسيس ،ثم تمازجت بالوصف الموضوعي مع الضياع والحزن الشديد المؤلم، الذي يدل أن هذا النص مكتوب بقلم من حيرة تماهت وذابت ذاتية الشاعر فيها كذوبان السكر في الماء، فالرجل ان تألم ينطلق باحثا في الآفاق الجديدة، لأن تكوين الرجل هكذا! يحزن ولكن حزنه لايستمر طويلا، يختلف عن المرأة وفي الاختلاف سر الوفاق، المرأة وطن والوطن امرأه كلاهما سكن وسكينه .
نلاحظ ان الشاعر طّوع الكلمات في الأحبار بقوة حداد بيده الحديد مطواع، اعتمد على الإيقاعات والإنسجام في الحروف التي تحمل الهدوء المتقلب ،وكما اعتقد أن الشاعر قد يبرع بقصيدة النثر أكثر من قصيدة الموزون ،
من خلال الخيال والعاطفة والإيقاع ،حيث استبدل الشاعرالوزن بالإيقاع، وفى نفس الوقت لم يفقد الشاعر التناغم ليحتل الإنسجام .
والحقيقة استطاع الشاعر أن يجعل من القصيدة كالكائن الحي في كل عناصرها التي تنسجم بتناغمات جميلة، فيما ابدع الشاعر بالإشارات والدلالات بأداء وظيفتها على أكمل وجه، من لغة انزياحية معاصرة، بإيجاز لوعة الشوق وأمنيات ضائعه، تمتزج بصرخة اشتياق، لقد امتدت خيالات الشاعر الى حدود أبعد من الأمنيات ،تعدت الإنفعال الواقعي مع الحدث والإحساس، الى عالم الأحلام والعوالم الخيالية ،وأجمل مافي قصيده هو الترابط القوي بين المفردات، من بداية السطر الأول وحتى نهاية السطر الأخير ، بمحاكاة الذكريات من حنين وشوق وآلام ثم الآمال ،والانتقال بنا الى روحه المتأملة وشوارع قريته، ثم نواياه واسره للحياة بتأثره مما جعله يحيك لنفسه امرأة تعشق كلماته حيث قال: ( هاهي عيناي تأسرالحياة وتدعوني لأغازل حنيني للعشاء كي/أغزل/امرأة عشقت كلماتي ) كي يحارب الظلمة لأنه عاشق للنور ،هذا مايبحث عنه شاعرنا إنه الوطن بهيئة امرأة ،فالمرأة وطن في عرف الشعراء ، والوطن امرأة كلاهما وجهين لعملة واحدة ،فأية مرارة حملها شاعرنا وبأية صورة صورها لنا .
شاعرنا له قدرة رائعة، بتوظيف كلماته وصوره الشعرية، مما جعل المتلقي يقف امام الصور الجمالية والإنفعالات المتزاحمة، التي هربت من لجة ما احتواه هذا المحتوى ، بإجادة الحرف والمعنى والمبنى، وفي الختام اختتم بتلك النقاط للإستمرارية وعدم القفلة حين قال: ( فأنا عاشق للفجر حين يستيقظ .... وأنا أنا لا أنام ...... ) هذا ما ذكرني بمقطوعة من ( كتاب هروبي الى الحرية ) وهذا القول: /في الوقت الذي اهتزت فيه مدينة نابولى الايطالية من الضحك، لعروض الممثل الكوميدى كارلينيا، جاء رجل إلى طبيب مشهور فى تلك المدينة للسؤال عن دواء للسوداوية المفرطة أى التشاؤم المفرط والاكتئاب الحاد، فنصحه الطبيب بالبحث عن المرح والذهاب لعروض كارلينيا المضحكة،
فـأجابه المريض انا كارلينيا/
الحقيقة شاعرنا أجدت في نقل المتلقي وجذبه الى عالمك الخاص وآلامك التي لانهاية لها، لأنها تحمل بذرة وطن آمن دام عطر مدادك وودادك منثورا في الآفاق .
بقلمي ازدهار محمد ناصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق