مساء الخيرات
لا تلوموا الحرّ إن ماتَ أسَفْ
يَرِدُ الموتُ عليهِ والتلَفْ
عالَمٌ يأكلُهُمْ أبناءَهُ
ويُعادي خلفٌ فيهِ السَّلَفْ
لا تُقِلُّ الأرضُ يوماً جزِعاً
بثيابِ الخوفِ و الذلّ التَحفْ
إنْ تشأْ يوماً حياةً في الورى
فاشربِ البحرَ وللملحِ اغترفْ
نحنُ قومٌ لا نُولّي دُبُراً
ما على عيشٍ بذلٍّ مِنْ أَسَفْ
نجرعُ المُرّ و لا نرضى بهِ
كأسَ ذُلٍّ للبغايا يُرتشَفْ
خبزُنا تربةُ أرضٍ عُشقتْ
وبها القلبُ تمادى بالشّغَفْ
كلّ مالِ الأرضِ لا يغني بها
حبةَ الرملِ ولا تبرُ الصُّحفْ
يقسمُ الجارُ لجارٍ خبزَهُ
ولهُ للخبزِ شوقٌ ولَهَفْ
إيهِ يا قومِ ليومٍ صارِمٍ
تذبلُ الشمسُ ويُرديها الكَلَفْ
مبطيءٍ في السيرِ و النارُ لظىً
كَتِفاً فيهِ يوارى بِكَتِفْ
فوقِ جمرِ النارِ تُصلى قدمٌ
وبهِ الموتُ منَ الروحِ زَلَفْ
هاتِ لي كأس الحُميّا واسقني
كأسَ دمعٍ ليتيمٍ قد ذَرَفْ
نحنُ في البأسِ خيولٌ جمحتْ
وعلى الأهلِ نسيمٌ قد لطًفْ
تجِدُ الطفلَ كليثٍ ضامرٍ
لا ترى الرمشَ من البأساءِ رَفْ
والغواني عندنا مكنونَةٌ
مثلُ دُرٍّ قد توارى بالصّدَفْ
ذاك شعبٌ قد خبرناهُ على
سالفِ الدهرِ وفي ماضي الصحُفْ
ما فلسطينٌ سوى وعد أتى
كشفتْ مِنْ بؤسِ قومٍ مانكشَفْ
كلّ مالِ الأرضِ لا يغني بها
قد أبتْ ما زعموا حتى النُّطَفْ
حادثاتُ الدهرِ جاءتْ بِدَعاً
وعَدَلنا الدهرَ فيها فانتصَفْ
إن تكُنْ جفّتْ لديهمْ صحُفٌ
دمُنا ما جفَّ يوماً وَ وقفْ
شهدَ التاريخُ والكتبُ لنا
وجثا الدهرُ و بالحقّ اعترَفْ
عمر الكيلاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق