الثلاثاء، 9 فبراير 2016

مــــــــقــــــــــال ,, بقلم / عبد المجيد الديّهي , الـســـعـادة ورســــالة الــســـمــــــــــــاء

,,,,, مــــــــقــــــــــال ,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بقلم / عبد المجيد الديّهي
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

,,,,,,,,,,,, الـســـعـادة ورســــالة الــســـمــــــــــــاء ,,,,,,,,,,,,,,,,
كثيرا ما نختلي بأنفسنا نحن معشر بني الإنسان ونتفكر مـليـــا في
ماهية الحياة ؛ وما الحقيقة الغائبة في ما وراء وجود الإنسان فيـها
إذ أنَّ الكون علي عظمته لا يساوي مثقال ذرة بدون الإنسان .
وكما نعلم جميعا أنَّ بداية الحياة للإنسان في هذا الكون العــظـيــم 
كما أخبرنا الموليّ سبحانه وتعاليّ كانت متمثلة في شـــخـص آدم
وحواء عليهما السلام ؛ وبداية ربما يظن أحد العقلاء أنَّ خـــروج
آدم وحواء من الجنة وهبوطهما إلي الأرض كان عقابا لــهـــمــــا 
لأكلهما من الشجرة التي نهييّ عنها ؛ ولعدم إمتثالهما لأمـــــر الله
وفقط ؛ ويبتعد عن المشيئة التي خلق من أجلها ؛ ويـســـقـط مــن 
حساباته الأمر الكوني والتشريع السماوي الذي كان قــــد كتبه الله 
عنده في أم الكتاب ؛ وأنَّ هذا كان عنده في الكتاب مسطورا .
ولذلك أراد ربك أنْ يحيا الإنسان المتمثل في شــخــص آدم عـليه
السلام في هذا الكوكب الأرضي معتمدا علي نفسه ؛ وعلمه كيف
يعيش فيه ؛ ويستثمر خيرات رزقه التي أخرجها له مــن الأرض 
التي هبط عليها ويقتات من أرجائها قوت حياته ؛ وجعل له زوجا
لتكون له أنسا وسكنا ؛ وأخبره سبحانه وتعالي أنَّ هناك عـــدوا له
ولزوجه ولذريته من بعده ؛ يجب أنْ يأخذ حذره منه ؛ وهذا العدو
هو الشيطان ( إبليس عليه لعنة الله ) الذي كان سببا في خــروجه 
من نعيم الجنة ؛ وأنه سوف لايتركه ينعم ويتنعم في هـذا الكــون
بعظيم خيراته ؛ وجعل له شرعة ومنهاجا ؛ ووضع له قـوانــيــن 
تنظم شئون حياته ؛ لكيّ لا يضل في الحياة الدنيا ؛ ويـشـــقي في 
الآخرة ؛
ثم إنَّ هذا كله عنده سبحانه وتعاليّ محمود لفضائله ؛ وأنَّ عـلي 
آدم وذريته من بعده أنْ لايضل سعيهم في الحياة الدنيا وهــــــم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؛
وحقا وحقيق علينا نحن ذرية آدم من بعده أنْ نـســأل أنـفـســــنـا 
جادين مخلصين ؛ هل عملنا بما قد علمنا ؛ لكيّ نـَسْعد ونـُسعـِـد
غيرنا ولا يضل سعينا في الحياة الدنيا ؛ ربما ؛ ولكن عسـي أنْ
تكون الصورة التي إرتسمت في مخيلتنا عن ما هو مطلوب منا 
لنسعد ونُسعد غيرنا قد تشوهت ؛
إذ أنَّ لفظ السعادة بمدلوله الحرفيّ لا يخرج عن كونه مـجـــــرد
كلمة تنطق بها الألسن عند الكثير من عامة الناس ؛ ولربما كان
لهذا أثره السيئ في تعاملات الناس بعضهم مع البعض ؛ ولـكيّ
نكون أكثر يسرا وتوضيحا يجب أنْ نقرب مفهوم السعادة لــدي
القارئ لنتعرف سويا علي مفهوم السعادة في أبسط صـــــوره ؛
فهب أنّ هناك عزيزا لك تريد أنْ تزوره ؛ هل يكون إخـتـيارك
لميعاد الزيارة في وقت أنت فيه محمل بالهموم والأحـــــــــزان
وتعتصرك الآلام ؛ أعتقد لا ؛ لأن الزيارة إنْ نظرنا إليـها مــن
حيث أنها زينة وتفاخر خرجنا بها عن معناها الــعـــــــام ؛ لأن
الفطرة التي جبَّل عليها الإنسان دفعته دفعا لأن يــتــحــــــــرك 
وينهض من مكانه ويرتدي ما يليق به ويتجمل وهـو في قـــمة
النشوة والزهو والسرور؛ لكيّ يلتقي بمن يحب ويـريـد زيـارته
والنشوة والزهو والسرور هم أساس القاعدة التي وضع عـليـهـا
معين السعادة الذي يريده كل إنسان ؛ وأردناه نحن في حـديثنـا
هذا لكيّ نقرب مفهوم السعادة بمدلوله العام ,
إذ أنَّ السعادة هيّ ديدنة كل شرع وعرف ودين ؛ وهيّ مكمـن
البحث للإنسان علي طول الطريق ؛ والسعادة لاتــتــأتــــي إلا 
بشروط ؛ والشروط وضعها الخالق سبحانه وتعالي جلت قدرته
منذ البداية في صورة تعاليم جاءت عن طــــــريق الوحيّ إلي
الرسل عليهم السلام من لدن آدم حتي خاتم المرسلين محمد بن
عبدالله صلوات ربيّ وسلامه عليه ؛
فتري مثلا ؛ المسيح عيسي بن مريم عليه السلام يضع أساس
السعادة في صورة كلمات بسيطة يعلمها للناس عندما ســمعها 
من يوحنا المعمدان ( يحيي بن زكريا عليه السلام ) في قوله
( من له ثوبان فليعطِ من ليس له ؛ ومن له طعام فليفعل هكذا)
ما أعظمها من كلمات ؛ وما أجملها من معاني ؛ وما أجداها 
من تضحية ؛ وما أكثر ما فيها من عذوبة ؛ ورحمة ؛ وعــــدل .
إنَّ الرؤي العظيمة التي يحسها المسيح بن مريم عليه الـســـلام
في أعماقه لمفهوم السعادة إختلجت داخل نفسه وجعلت الكلمات
تنساب في صدق وإخلاص وصفاء تحث الإنسان الفــــرد علي
التضحية من أجل الجميع لتسعد البشرية ؛ ويرتقي حال ومآل
الإنسان من الفقر المدقع إلي سمو الستر والإيثار ؛ ويتضح هذا
جليا عندما يقول ( أخوتي وأمي هم من يعملون مشيئة الرب )
ومشيئة الرب ؛ الإله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا أحد ؛ تقتضي التضحية بالغالي والنفيس ؛ 
ولقد ظهر هذاواضحا في قوله سبحانه وتعالي في محكم التنزيل 
علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ عندما قال ســـبحانه 
وتعالي ( إنَّ الله اشتري من المؤمنين أموالهم وأنفسهم بأنَّ لهم 
الجنة ) تـلك هيّ صورة أخري من التضحية يبينها القرآن الكريم 
ويفسـرها قول رسول رب العالمين ( الخلق عيال الله ؛ وأحب 
الـنـاس إلي الله أنفعهم لعياله ) , 
وقل ما شئت عن الباعث الحقيقي من وراء تلك الكلمــات التي 
نطق بها سيد المرسلين ؛ حقا إنه لاتسعفه مـــفـــــــردات اللـغة 
العربية في تركيباتها الحرفية من له دراية بعلم تـنظيم الكلمات 
شاعرا كان أو أديبا أو فليسوفا إلا أنْ يعود إلي الوصف القـرآني
لشخص رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال عنه المـوليّ
سبحانه وتعاليّ ( وإنك لعلي خلق عظيم ) ؛ أجل إنه لايـنـطــق
عن الهوي ؛ إنْ هو إلا وحيُ يوحي ؛ علمه شديد الـــقــــــوي ؛ 
فنطق بالكلمات ليضع بها النقاط فوق الحروف وليؤسس بـهــــا
قواعد الحياة الدنيا للإنسان ليسعد في دار الدنيا ويهنأ بالآخــــرة
والأحاديث المتواترة والمنقوله عنه صلي الله عليه وســـــلــــــم 
معظمها إنْ لم تكن جميعها تحث الإنسان الفرد علي الــرحـمة
والإحسان ؛ والعفو والغفران ؛ والتواصي بقيم الخير بين عـبـاد
الله ؛ كل عباد الله ؛ بداية من الفرد حتي الجماعة ؛
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

بقلم / عـبـد المجيد الـــــديّهي
من كتاب ( سماحة الإسلام )
( تحت الطبع ) ( الجزء الأول ؛ 1؛ )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق